منذ خطواتها الأولى في تعلّم اللغة الأجنبية في الصف الخامس حلمت "سهيلة صعب" بالسفر إلى "أوروبا"، وكان لها ما أرادت حيث تابعت مشوارها لتتقن خمس لغات وتطلق مشروعها العلمي بالكتب التفاعلية للأطفال المصممة من القماش كبرنامج متكامل لتعليم الحرف باللون والشكل أسمته "كيدو" ووصل لأطفال "سورية" ودول الخليج.

الشابة التي عشقت اللغة كنافذة للتعرف على ثقافات الشعوب، درست اللغة الفرنسية في جامعة "دمشق" وشاع حلمها بالسفر بين أفراد عائلتها التي عايشت هوايتها بالمطالعة والبحث والتفاعل الدائم مع الكتاب، وإذا كانت فكرة شراء الكتاب في عائلة كبيرة مؤلفة من تسعة أولاد أمراً غير سهل، فقد وجدت الشابة ضالتها في كتب إخوتها الأكبر سناً، تطالعها وتبحث عن العلم والمعرفة في مجال اللغات والثقافة والانطلاق إلى عوالم جديدة.

طموح كبير دفعها للعمل بالترجمة في عدة مجالات وإتقان اللغات لتتمكن من تدريس العربية والإيطالية إلى جانب الفرنسية التي درستها في جامعة دمشق، والتطوع لمساعدة اللاجئين، وتدعم مشروعها الذي كان رأسماله لا يتجاوز المئة يورو واليوم يحقق انتشاراً واسعاً

منهجُ "مونتيسوري"

تقول "سهيلة" : «في "روما" جذبتني مكتبات الأطفال التي تغصُّ بالكتب والزوّار، بحثت عن الدافع الذي يجعل الطفل رفيقاً للكتاب فاكتشفت أنها العادة، ومع الاطلاع على منهج "مونتيسوري" الذي ابتكرته وصممته الطبيبة والمعلمة الإيطالية "ماريا مونتيسوري"، استطعت تصميم فكرتي لمشروع كتاب قماشي أقدمه لأطفال بلدي، وفق رؤيتي عن القراءة وكيف لها أن تساهم في تربية الطفل وتطوير ملكاته».

سهيلة صعب

كتاب لا يحتاج للطباعة ولا الأحبار فقد اعتمدت طريقة التصميم من القماش ككتابٍ لطيفٍ مرنٍ ينفّذ بشكلٍ يدويّ بالكامل، ويمكن لتصميمه أن يستهوي الطفل ويدفعه للاستفادة مما يتضمنه من معلومات تقدم بالشكل واللون، ويحوّل الحروف إلى عالم ملموس يثبت بذاكرة الطفل.

وتضيف : «من مبلغ بسيط ادخرته من العمل كمترجمة أسست مشروعي، بعد أن وضعت التصاميم التي وجدتها متوافقة مع منهج "مونتيسوري"، وطبقت أحد النماذج وتواصلت مع أشخاص في "سورية" وفي "السويداء" للتنفيذ، مع انتقاء القماش الأفضل والأكثر سلامة للطفل، وسعيت لتطوير الفكرة بإدخال شيء تعليمي لندخل الأحرف الأبجدية (عربي وانكليزي).. وفي كل مرحلة كنا نستمع للآراء (السلب والإيجاب)، ونتفاعل مع الأصداء الجميلة للكتاب في "السويداء" والساحل "السوري"، واتسعت الخطوة ليصل الكتاب -الذي يمكن للطفل في عمر ستة أشهر إلى سبع سنوات الاستفادة منه- إلى "السعودية" و"قطر" والإمارات"، ومجموعات مهتمة واليوم أستعد للترخيص في "إيطاليا" وتطوير العمل».

كتاب "كيدو"

"كيدو"

الدكتورة قمر خزعل

الفكرة أوجدت كتاباً أسمته "كيدو" من "kid"، وتحبيباً للطفل صممته "سهيلة" بدقة شديدة وكانت محط اهتمام باحثين في مجال الطفل، تمكنت من أن تضع فيه كامل خبرتها واهتمامها الكبير بالطفل من جهة، وتأمين عدة فرص عمل لسيدات وشابات أتقنّ تنفيذ أفكارها بحرفية ومهارة جعلت الكتاب مطلوباً، مع المحافظة على سعر جيد كفل التداول وتوسيع دائرة المستفيدين.

تتابع "سهيلة" بالقول: «المشروع بوصفه رسالة محبة أعدها بالاعتماد على برامج تربوية نفسية عالمية وخبرة شخصية تطور بإمكانيات بسيطة، واليوم نستعد لمرحلة علمية قادمة لنقدم مادة علمية جديدة تمدّني بها صديقتي الدكتورة "قمر خزعل"، وأقوم بالتصميم لنحضر مجموعة جديدة إلى جانب المجموعات السابقة لغاية علمية أكثر تطوراً، وأيضاً ليكمل المشروع الغاية الاجتماعية كونه هيأ العمل لعدد من الشباب تشرف عليهم زوجة أخي في "سورية" حالياً، وأنا في المراحل النهائية للترخيص في "إيطاليا" ليتم تأسيس ورشة خاصة تعمل بها مجموعة من النساء اللاجئات لنؤمن لهنّ فرصة عمل ونطلق الكتاب هنا في "روما" بعد أن حقق أصداءً جيدةً في المنطقة العربية».

سلسلةٌ علميّةٌ

بدورها تشرح الدكتورة "قمر خزعل" دكتوراه بالتنمية المستدامة إدارة النظم الزراعية والغابات جامعة "فلورنسا" ومستشارة بمنظمة الزراعة والأغذية العالمية (الفاو)، كيف سيطر اهتمام "سهيلة" بثقافة الطفل على تفكيرها، وأنها بحثت عن وسيلة لتقدم ما تستطيع لتساعد الأطفال على التوجه للمطالعة والتثقيف، إلى جانب عملها مع شركة لبيع أجهزة للحالات الخاصة، وترجمة مقالات تهتم بالطفل، وكيف أمضت ساعات طويلة في مكتبات الأطفال وأخذت أفكارها تتبلور وقررت الانتقال لتطبيقها، وعندما اجتازت عتبة بيع مئة كتاب انطلقت لفكرة جدية لتحضير سلسلة كتب علمية للأطفال.

وتضيف: «طموح كبير دفعها للعمل بالترجمة في عدة مجالات وإتقان اللغات لتتمكن من تدريس العربية والإيطالية إلى جانب الفرنسية التي درستها في جامعة دمشق، والتطوع لمساعدة اللاجئين، وتدعم مشروعها الذي كان رأسماله لا يتجاوز المئة يورو واليوم يحقق انتشاراً واسعاً».

"سهيلة صعب" وهي من مواليد عام 1984 تعمل ليكون "كيدو" (برانداً) عالمياً ولديها ثقة كبيرة أنها ستنجح في إيصال الرسالة لكل أطفال بلادها وأطفال العالم.