احتلت الرياضة وما زالت حيّزاً كبيراً من سنوات حياته، بدأها مع لعبة "كرة القدم" التي مارسها كهاوٍ ومن ثمَّ كلاعبٍ ومدرِّب لفئة القواعد على وجه الخصوص، ناقلاً شغفه بها إلى أجيال الطلبة التي أشرف عليهم خلال مسيرة عملٍ تربوي مستمرة مذ أكثر من ثلاثين عاماً.
أصرَّ "فادي سعد" على ألا تكون مسيرة عمله التربوي الرياضي مجرَّد أداءٍ وظيفي وحسب، فقد عَمِلَ بجهدٍ دؤوب لترك بصمته الخاصة التي توُّجت بالنجاح الذي حققه خلال الأعوام القليلة الماضية على صعيد كرة القدم الأنثوية في مدينة "حمص".
رغم الزمن القصير لمعرفتي الشخصية به من خلال عملنا الوظيفي المشترك في "مديرية التربية"، ولاحقاً بوجودي معه في فريق سيدات نادي "محافظة حمص"، أستطيع وصفه بالإنسان المجتهد والمعطاء والطموح بلا حدود، لمست معاملته الأبوية والأخوية مع الفتيات اللواتي كان يشرف على تدريبهنَّ، ورغم العوائق الكثيرة التي واجهها إلاَّ أنَّه أصرَّ على بناء فريقٍ يبلور حلمه ويؤكِّد نجاح مشروعه الرياضي الخاص مع لعبة "كرة القدم" الأنثوية في مدينة "حمص" التي يسجل قيامها ونجاح انتشارها ونتائجها الممتازة باسمه الخاص
مركزٌ للتدريب
يقول "سعد" في حديث لمدوّنة وطن "eSyria": «بحكم عملي ضمن "شعبة التدريب والمناشط المدرسية" التابعة لملاك "مديرية التربية" والتي تفرَّغت للعمل فيها عام 2014، أصبحت على تماسٍ مباشر مع البطولات الرياضية المدرسية الخاصة بفئتي الذكور والإناث معاً كمشرفٍ على أنشطتها كافة، واتخذت منها منطلقاً لتأسيس مركز تدريبي خاص بتعليم لعبة كرة القدم الأنثوية ضمن مدرسة "مي زيادة" الكائنة في حي "المهاجرين"، وقد كان المشجع والداعم الأكبر لي هو زميلي بالعمل ورئيس الشعبة "إياد العلي"، الذي آمن بفكرة مشروعي آنذاك، كان ذلك عام 2017، ثم انتقلت مع لاعباتي إلى مدرسة "جميل أسعد" الواقعة في حيِّ "السبيل" لنتخذها مركزاً للمركز التدريبي الذي أصبح فيما بعد بالشراكة مع نادي "محافظة حمص" حيث تأسس بنفس العام، لتبدأ مرحلة الإنجازات الفعلية ونقطف ثمار حصيلة التدريب الجدِّي والملتزم من خلال مشاركاتنا اللاحقة».
عن تلك المشاركات تابع "فادي سعد" حديثه قائلاً: «المشاركة الأولى كانت خلال بطولة الجمهورية للصالات المغلقة سنة 2018 التي جرت حينذاك ضمن صالة "الفيحاء" في مدينة "دمشق"، وقد أحرز فريقنا المركز الرابع وقتها، وبعد عام تكررت المشاركة ولكن هذه المرة في صالة "تشرين" وكان المركز الثالث من نصيبنا، ثم أعلنت النسخة الأولى من دوري كرة القدم للسيدات بعد أشهر واستطعنا تحقيق مركز الوصافة بفارق نقطة عن البطل بعد منافسات قوية طوال مباريات الموسم، ليتكرر ذات الإنجاز بالنسخة الثانية من الدوري، هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا الجهد والمواظبة على التمارين طوال العام، ولأنني كنت مؤمناً بمواهب وقدرات لاعباتي اللواتي صنعن الكثير رغم قلة الإمكانات، كنت وما زلت فخوراً بما حققنه وما سوف يحققنه بالبطولات القادمة، ورغم أنني ابتعدت عن تدريب الفريق منذ فترة زمنية قريبة، إلاَّ انَّ مشروعي مع تطوير كرة القدم الأنثوية وتعزيز انتشارها مستمر ولن أتخلى عنه مطلقاً».
تراكمُ الخبرة
نجاح المدرِّب "فادي سعد" لم يأت من فراغ أبداً، بل هو حصيلة سنوات من العمل ضمن "شعبة البطولات والمناشط المدرسية" وقبل ذلك كمدرِّب في المراكز التدريبية التي تولَّى الإشراف عليها بحسب ما ذكر لمدوّنة وطن "eSyria" وعن ذلك يقول: «منذ أن باشرت عملي كمعلِّم لمادة التربية الرياضية سنة 1989 حرصت على ألاَّ تكون الحصة المدرسية مجرَّد وقتٍ للترفيه وحسب، بل عمدت إلى إنشاء فرقٍ رياضيةٍ بمختلف الألعاب، للمشاركة بالبطولات الرياضية المقررة حسب الخطة الموضوعة من قبل "مديرية التربية"، حينها بدأت بتشكيل أول مركز تدريبي ضمن إعدادية "سعد عاقل" للبنين عام 2011 ولمدة 4 أعوام لاحقة، حيث ضمَّ أكثر من 100 طفل تراوحت أعمارهم بين 10-12 سنة، المركز كان تابعاً من ناحية الرعاية لنادي "الوثبة" الرياضي، والغرض الأساس كان اكتشاف المواهب الكروية، ورفد فرق القواعد ضمن النادي، وقد رفد المركز العديد من اللاعبين الموهوبين الذين تدرَّجوا ضمن فئاته المختلفة، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: "ضياء الدين الأعمى" و"هشم رحال" اللذان يشاركان في يومنا هذا ضمن الدوري السوري بكرة القدم للمحترفين، عززت عملي التدريبي باتباعي لدورة تدريبية جرت في مدينة "حماة" وكانت مخصصة للمدربين سنة 1990 أقامها "الاتحاد السوري لكرة القدم" بإشراف الخبير الألماني "آرنست" حيث كانت المشاركة بها مقتصرة على مدرِّبي أندية الدرجة الأولى بالدوري بعد ترشيح إدارة النادي لي حيث كنت عضواً بمجلس إدارته ورئيساً للمكتب الإعلامي، وأذكر من الشخصيات المعروفة التي حضرت معي وقتها "عبد الإله بوطة" و"محمد قويض"، حيث حصلت على شهادة مدرِّب معتمد بكرة القدم أكسبتني معرفة أكثر بفنون التدريب، أضف عليها تخصصي الدراسي وخبرتي كلاعبٍ سابق».
رسالةٌ وواجبٌ
يعود "سعد" بذكرياته إلى مرحلة الشغف والممارسة للعبة "كرة القدم" وما تلاها، وحجم وقيمة الرياضة بحياته وعن ذلك يقول: «كلَّ ما ذكرته سابقاً هو حصيلة شغفٍ بهذه اللعبة بدأ ونما بممارستها كفتيان يافعين ضمن فريق حي "العدوية" الذي ولدت ونشأت به وأسميناه آنذاك "الكندي"، حينها كانت فرق الأحياء الشعبية ناشطة ولها بطولات خاصة بها، عام 1981 انتسبت إلى صفوف نادي "الوثبة" الذي كان مشجَّعاً من قبل العائلة وغالبية أهل الحي، وقد لعبت وقتها تحت إشراف المدرِّب "خالد الشيخ" لكني لم أكمل مسيرتي الرياضية كلاعب رغم تميز أدائي، وتابعت شغفي الرياضي لاحقاً من خلال الدراسة بمعهد "إعداد المعلمين" سنة 1983 ولمدة عامين، لأنطلق صوب الحياة الرياضية العملية التي ذكرت مراحلها سابقاً».
ويضيف: «تحتل الرياضة بشكلٍ عام والتدريب وبناء الأجيال خاصة الحيز الأكبر من حياتي ومن وقت عائلتي، لأنني أعدُّ ذلك رسالة وواجباً يجب عليَّ القيام به، والمسألة ليست مسألة حصَّةٍ تدريبية وانتهى أمرها، بل حرصت على أن تكون علاقتي الأساسية مع طلبتي ولاعبيَّ علاقة صداقةٍ وأخوةٍ وأبوةٍ أيضاً، لأنَّ واجب المدرِّب هو الاعتناء بتفاصيل حياة لاعبيه على المستوى النفسيِّ والبدني والدراسيِّ كذلك، وهذا ما طبقته مع لاعباتي في فرق نادي "محافظة حمص" باختلاف تدرُّج أعمارهنَّ، حتى أنني أصبحت على علاقةٍ مباشرةٍ مع عائلاتهن، وحصدت منهن الثقة المطلقة لذا كان ذلك التميُّز بالمستوى والنتائج خلال فترة وجودي معهنَّ، وكذلك الأمر بتجربتي مع مراكز تعليم رياضة "السباحة" للأطفال التي بدأت العمل بها عام 2006 والتي حملت اسمي الخاص، ونالت متابعة وثقة فئةٍ كبيرة من أهالي مدينة "حمص" وهذه مسؤولية كبيرة وإضافية إلى جانب مهامي الأخرى»، هذا ما ذكره المدرِّب "فادي سعد" بختام حيثه مع مدوّنة وطن "eSyria".
ثمرةُ الاجتهاد
لا يمكننا إلاَّ أن نذكر الإنسان الجيد بكلّ الخير ونعطيه حقَّه وننصفه وهذا ما يجب أن نتحدث به عن "فادي سعد" ذلك المدرِّب الناجح بعمله ليس بشهادتي وحسب بل بشهادة كلّ من عرفه عن كثب، بهذه المقدمة بدأ "خالد الشيخ" حديثه لمدوّنة وطن "eSyria"وتابع يقول: «إنسان نشيط ومهذَّب ومتابع لعمله بكلِّ تفاصيله وبدقَّة واهتمام لتقديم الأفضل دوماً، لمست ذلك الأمر مذ كنت مشرفاً عليه خلال مرحلة الدراسة في معهد "إعداد المعلمين" ولاحقاً من خلال عملنا ضمن صفوف نادي "الوثبة"، والأهم أثناء عملنا ضمن "شعبة التدريب والمناشط الرياضية المدرسية" حيث نال التكريم على مدى سنوات عديدة؛ نتيجة تميُّز نشاطه والنتائج الجيدة التي كان يحققها مع الفرق الرياضية في المدارس التي وجد فيها ومؤخَّراً بعد تسلُّمه لمهمة تأسيس ونشر ودعم "كرة القدم" الأنثوية في مدينة "حمص"، هو لم يكن معلِّماً وحسب بل كان مربِّياً وصديقاً لطلبته ولاعبيه، بكلِّ ما للوصف من معنى، وهذا الأمر لمسناه عن قربٍ كمسؤولين وزملاء وأصدقاء له، العبرة ليست بالنتائج الجيدة دوماً، بل باستمرارية النجاح الذي يحققه الإنسان وهذا ينطبق عليه بكلِّ تأكيد».
"شيرين الحزَّام" البطلة الرياضية تقول عنه: «رغم الزمن القصير لمعرفتي الشخصية به من خلال عملنا الوظيفي المشترك في "مديرية التربية"، ولاحقاً بوجودي معه في فريق سيدات نادي "محافظة حمص"، أستطيع وصفه بالإنسان المجتهد والمعطاء والطموح بلا حدود، لمست معاملته الأبوية والأخوية مع الفتيات اللواتي كان يشرف على تدريبهنَّ، ورغم العوائق الكثيرة التي واجهها إلاَّ أنَّه أصرَّ على بناء فريقٍ يبلور حلمه ويؤكِّد نجاح مشروعه الرياضي الخاص مع لعبة "كرة القدم" الأنثوية في مدينة "حمص" التي يسجل قيامها ونجاح انتشارها ونتائجها الممتازة باسمه الخاص».
نشير نهايةً إلى أنَّ "فادي سعد" عضو بلجنة "كرة القدم" الأنثوية ضمن "الاتحاد العربي السوري لكرة القدم"، المشرفة على تنظيم البطولات الخاصة بها والإشراف عليها وإعداد المنتخبات الوطنية للعبة، متزوج ولديه 3 أولاد وقد أجري اللقاء معه عبر الاتصال الهاتفي بتاريخ 23 تشرين الثاني 2021.