يعتمد معظم المزارعين في المنطقة الساحليّة على الزراعات المحميّة داخل البيوت البلاستيكية، وهي زراعات مرتفعة التكلفة من ناحية وتتعرض لبعض المشكلات من ناحية أخرى، وهذه المشكلات قد تتسبب بخسائر كبيرة للمزارع، ومن أبرزها موجات الصقيع المفاجئة وعادةً ما تكون نتائجها كارثية.

ومن قلب هذه المعاناة وُلدت فكرة مشروع يعتمد على استخدام الطاقة المتجددة للحد من آثار الصقيع على المزروعات المحمية، فكرة ابتكرها طلاب من كلية الهندسة التقنية قسم الطاقات المتجدّدة في جامعة "طرطوس"، ومن خلال المشروع شاركوا بمعرض الباسل للإبداع والابتكار وحجزوا مكاناً لأنفسهم في المراكز الأولى.

مشاركتنا في المعرض كانت مصادفة، عندما رأينا الإعلان وقررنا التقدم بمشروعنا، وقد كانت تجربة رائدة وغنية علميّاً واجتماعيّاً، تعرفنا من خلالها على ابتكارات زملائنا من مختلف الجامعات والاختصاصات، وبالمقابل لاقت فكرة مشروعنا قبولاً كبيراً، وتكلّلت هذه المشاركة بحصولنا على ميداليات ذهبيّة وبرونزية، الأمر الذي زاد من شعورنا بالمسؤولية المضاعفة للتطوير أكثر

ولادةُ الفكرة

مدوّنة وطن التقت بتاريخ 12 كانون الأول 2021 الطالب في كليّة الهندسة التقنيّة قسم الطاقات المتجددة في جامعة "طرطوس" "فراس داود" وهو صاحب فكرة المشروع، حيث يقول عنه: «كان لا بدّ من التفكير بمشروع لا يحتاج إلى كهرباء أو أي وسيلة أخرى من شأنها أن تزيد من تعقيد المشكلة بدلاً من حلّها، لذلك قررنا الاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية، حيث تقوم الطاقة المخزنة ضمن البطاريات بتشغيل غاطس مياه إما في بئر ماء عادي أو ارتوازي أو خزان عادي، وضمن البيت البلاستيكي وضعنا حساس (ترموستات حراري)، وظيفته مراقبة درجات الحرارة، وعند انخفاضها إلى أقل من 2 درجة مئوية، يقوم تلقائياً بإعطاء الأمر للبطاريات مخزنة الطاقة بتغذية الغاطس، فيبدأ بدوره بضخ المياه فوق أسطح البيوت البلاستيكية المزوّدة بـ(فالات) وظيفتها توزيع المياه بشكل رذاذ، وهنا ونتيجة حرارة الجو المنخفضة جداً، تبدأ طبقة جليد بالتشكل فوق أسطح البيوت البلاستيكية، هذه الطبقة تشكل عازلاً بين حرارة الجو الخارجي وداخل البيت البلاستيكي، وبعد أن ترتفع الحرارة داخله إلى ما فوق 2 درجة مئوية، تلقائياً بواسطة الحساس يتوقف الغاطس عن العمل ما يوفر جهداً ووقتاً على المزارع».

"فراس يوسف" و"فراس داود" و"روان اسماعيل"

ميزات المشروع

فكرة المشروع كانت قد طُبقت سابقاً باستخدام الكهرباء التي تتطلب مولدات ووقودا لتشغيلها، وقد يصعب توفيره إما لانقطاع المادة أو غلاء أسعارها، لذلك استبدلنا الكهرباء بالألواح الشمسيّة، حيث لا تترتب عليها أي تكلفة سوى ثمن الألواح، كما أن هذا النظام يمكن للمزارع استخدامه لاحتياجات أخرى منها ري المزروعات، بحسب "داود" والذي يكمل بالقول: «دراسة المشروع وتنفيذه كمجسّم وما يحتاجه من تقنيات ومعدات معيّنة واختبار النتيجة النهائية استغرق حوالي أربعة أشهر، والحقيقة أنّ أبرز ما يميز مشروعنا هو أهميته على الصعيد الوطني، كونه سيساهم بتخفيف الضغط على الشبكة الكهربائية، كما أنه من جانب آخر سيخفف على المزارع نفقات كثيرة، وسيشكل عامل حماية للبيوت البلاستيكية من الأضرار التي تلحق بها بسبب موجات الصقيع، وما يترتب عليها من خسائر قد تكون كارثية فعلاً، كما أنه سيخفف من الوقت والجهد الذي يبذله المزارع».

ثناءٌ وتكريم

الطالبة "روان إسماعيل" تصف المشروع بالصديق للبيئة، حيث يعمل وفق مبدأ استبدال الوقود الأحفوري أو الحطب المستخدم بتدفئة البيت البلاستيكي في بعض الأوقات بطاقة نظيفة تخفف الكثير من العناء على المزارع، كون المشروع ذاتي التشغيل ولا يحتاج إلى مراقبة.

وعن مشاركة المشروع بمعرض الباسل للإبداع والاختراع في جامعة "دمشق" بمشاركة 276 مشروعاً من مختلف الجامعات السورية والعربية خاصة "العراق"، تقول "روان": «مشاركتنا في المعرض كانت مصادفة، عندما رأينا الإعلان وقررنا التقدم بمشروعنا، وقد كانت تجربة رائدة وغنية علميّاً واجتماعيّاً، تعرفنا من خلالها على ابتكارات زملائنا من مختلف الجامعات والاختصاصات، وبالمقابل لاقت فكرة مشروعنا قبولاً كبيراً، وتكلّلت هذه المشاركة بحصولنا على ميداليات ذهبيّة وبرونزية، الأمر الذي زاد من شعورنا بالمسؤولية المضاعفة للتطوير أكثر».

الطالب "فراس يوسف" يقول : «يعدُّ معرض الباسل للإبداع والاختراع من المعارض المهمة على مستوى "سورية"، من هنا اكتسبت مشاركتنا أهميتها، حيث لاقى مشروعنا ردود فعل إيجابية جداً، واستفدنا أيضاً من بعض ملاحظات اللجنة العلميّة بما يساهم في تطوير المشروع، كما أثنوا على جهودنا، ليأتي التكريم والجائزة كثمرة عمل وجهد بذلناه، فكانت نتائجه طيبة، وهذا ما يضعنا كأعضاء فريق أمام مسؤولية كبيرة تتمثل في تحويله من مشروع جامعي إلى مشروع قائم على أرض الواقع».