برز دور المجتمع الأهلي في العقد الأخير من خلال أعمال إغاثية وإنسانية وتنموية استهدفت المتضررين من الحرب، فقد كان دير "مار يعقوب" المقطع للإغاثة في "اللاذقية" من الجهات التي تعاملت مع الوضع الإنساني منذ البداية، وقدم -ولا يزال- خدمات إغاثية وتنموية، ويعمل بشكل ميداني في كل بقعة يتطلب وضع السكان فيها المساعدات الإنسانية والبدء من جديد.

طريقُ الخير

عند زيارة دير "مار يعقوب" في "اللاذقية" نجد فئات عمرية مختلفة، كلٌ يسعى لتقديم خدمات حسب الأنشطة التي يقدمها المركز.

اتبعت دورات منوّعة في الدير لغير القادرين على البدء بمشاريعهم؛ دورات تستهدف المهن الحرة والبسيطة وتمكين أصحابها اقتصادياً وإعطائهم منحة، فأخبرتهم برغبتي بافتتاح محل لتصنيع الألبان والأجبان، وبعد أن قاموا بزيارة ميدانية لمنزلي وتحققهم من استيفائي لشروط المنحة، قاموا بإجراء دورة تدريبية لي في المجال الذي اخترته، وبعد نجاحي وإثبات قدرتي على العمل قاموا بتزويدي بأدوات المشروع كاملة عام 2019، وما زلت مستمرة في العمل وحقق مشروعي النجاح ومردوداً اقتصادياً ساهم في إعالة كل أفراد أسرتي

وللإحاطة بالبدايات والخدمات في المركز، مدوّنة وطن "eSyria" زارت المركز والتقت منسقة المركز المجتمعي في دير "مار يعقوب" المقطع بالتشاركية مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "نسرين نهري" فتحدثت عن بدايات المركز قائلة: «يوجد دير "مار يعقوب" المقطع الأساسي في "قارة" في "ريف دمشق" بإدارة الأم "فاديا اللحام"، والدير جهة روحية وليس جمعية منتشرة بالمحافظات "السورية" جميعها.. ومنذ بداية الحرب على "سورية" بدأ الدير بالأعمال الإنسانية والإغاثية المجانية دون أي دعم، واقتصر على الدعم الذاتي منذ عام 2011، واستمرينا كفريق عمل لأكثر من عام وفق هذا النمط من العمل بمساعدة المواطنين الموجودين ضمن المناطق القريبة من الدير، وفيما بعد تم تسليط الضوء على الأعمال التي يقوم بها الدير فبدأت الشراكات مع عدة منظمات دولية، وكان الدير خلال الحرب من أوائل الفرق التي تدخل المناطق المحررة بعد الجيش العربي السوري».

نشاط مجتمعي

برامج عمل في "اللاذقية"

مشاريع في قسطل معاف

يقدم المركز المجتمعي في دير "مار يعقوب" المقطع خدمات منوّعة من خلال برامج لتمكين المستفيدين اقتصادياً، تقول "نهري": «بدأ عملنا في "اللاذقية" عام 2016 ببرنامج (كسب سبل العيش أو التمكين الاقتصادي) بالتشاركية مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو يؤمن للفئة المستهدفة حياة كريمة ويمكنهم من تلبية احتياجات أسرهم ويتضمن ثلاثة برامج، برنامج (تدريب مهني) يتضمن مهناً حرفية عدة كالحلاقة النسائية والرجالية والنجارة والدهان وصيانة الهاتف وغيرها من المهن التي تشمل مجالات سوق العمل، وبعد انتهاء التدريب مع كادر أكاديمي وذي خبرة عالية نقوم بتشبيكهم مع سوق العمل كوسيط مع أصحاب المنشآت والمحلات، وبرنامج (العدد المهنية) ويستهدف من يمتلك الخبرة وفقد أدواته لسبب من الأسباب خلال الحرب فأصبحنا نقدم له الأدوات اللازمة لمهنته، وبرنامج (مشاريع صغيرة) لمن يمتلك إمكانيات وقدرات مهنية وعقلية ولديه مقدرة على إدارة مشروع ضمن حرفته ندعمه من خلال منح نقدمها دون مقابل ونتابعها لمدة ستة أشهر، وبذلك يكون المشروع قد نهض وأصبح في مساره الإنتاجي وهناك قصص نجاح باهرة وما زالت مستمرة حتى اليوم».

مركز مجتمعي

بعد خطة العمل السابقة اتسعت دائرة العمل في الدير ليصبح مركزاً مجتمعياً يشمل بخدماته الأسرة وأفرادها، وتقول المنسقة "نسرين نهري": «في عام 2018 كبرنا وتطورنا وكانت محطة مهمة في سجل أعمال الدير، وأصبحنا مركزاً مجتمعياً نستهدف جميع أفراد الأسرة من النساء المعيلات لأسرهن وكبار السن والأطفال واليافعين والرجال، كل فئة نستهدفها بمشاريع خاصة ومناسبة للفئة العمرية، فكان البرنامج التعليمي الترميمي لتعويض الفاقد التعليمي، خصوصاً مع انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية بأسعار مرتفعة، بالإضافة لركن حلّ الوظائف لأي سؤال أو استفسار حول وظيفة مع مدرسين يساعدونه بحل وظائفه، وشرح الدرس وليس بالضرورة أن يكون من الطلاب المسجلين ضمن الدورات، وأثناء انتشار وباء كورونا قمنا بالتعليم "اون لاين" عبر مجموعات واتس اب، وكان لذلك تأثير إيجابي جداً واتبعنا وسائل توضيحية متقدمة واستقطبنا الطلاب بمختلف الأعمار على الرغم من المسافات».

نسرين نهري

استهداف الريف

بادر الدير بتنفيذ خطته في الريف الشمالي التابع لمحافظة "اللاذقية" لدعم عودة من تضررت حياتهم ومنازلهم بفعل الحرب، وهنا قالت "نهري": «قمنا بترميم منازل المتضررين في الريف الشمالي لمحافظة "اللاذقية" وقرى "قسطل معاف"، وساهمنا بإعادة تثبيت جذور السكان في أراضيهم ومنازلهم وخففنا من وطأة الضرر، وقدمنا مساعدات عينية عامة وطبية ووفّرنا من خلالها المساعدات العينية العامة من أثاث منزلي ومستلزمات إنارة ومعدات طبية لمن يعاني من أمراض سكر أو ضغط وغيرها، بالإضافة لجلسات توعوية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي، وبرنامج الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدة الأهالي لتخطي الأعباء وتخفيف الضغوط وبرامج ترفيهية ومبادرات مجتمعية، كما يتم التنسيق في كل عمل مع الجهات المعنية لدراسة احتياجات المنطقة المستهدفة».

وتتابع قولها: «لم نكتفِ بترميم المنازل لتثبيت وجود أصحابها ومساعدتهم، بل أضفنا منحاً تتضمن الثروة الحيوانية والمعدات الزراعية، فبعد دراسة لمنطقة الريف الشمالي "قسطل معاف" وللعائدين اكتشفنا أن الأهالي كانوا يعتمدون على الزراعة والثروة الحيوانية، وهذا مشروع زراعي منفصل عن المشاريع الصغيرة والمنح، يعتمد على الثروة الحيوانية والمعدات الزراعية، كما أضفنا هذا العام برنامجاً خاصاً بالحفاضات لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة الذين ندعمهم ضمن برامجنا المختلفة ونتابع نجاحهم بصقل خبراتهم وقدراتهم لإيصالهم إلى برّ الأمان في عالم المشاريع».

مشاريع صغيرة

ويتحدث "أيوب عبيد" عن برنامج منح مشاريع صغيرة الذي يديره ضمن الدير قائلاً: «أعمل ضمن منح مشاريع صغيرة منذ خمس سنوات، ووجود الدير في منطقة "سقوبين" له أثر كبير، فهو يضمّ أكبر عدد من المهجرين من المحافظات "السورية" ممن خسروا منازلهم وأعمالهم، فقدم الدير لهم خدمات إغاثية وإنسانية وفق معايير تستهدف الطبقة الأكثر هشاشة، نعمل من خلال هذا البرنامج على وضع المستفيدين في طريق المشاريع لتكون هناك استمرارية في العمل والكسب وهي بناء لنفسية المستفيد تختصر عليه أمور كثيرة فقدها، ونساهم في نشر ثقافة المشروع كما نراعي الجانب النفسي لأولئك الذين كانوا يمتلكون المحال ومهناً يعملون بها في مدنهم وقراهم».

"ليلى الحسن" من المستفيدات الوافدات من منطقة الفوعة التابعة لمحافظة "إدلب"، تتحدث عن مشروعها الذي بدأ منذ ثلاث سنوات بدعم من دير "مار يعقوب" قائلة: «اتبعت دورات منوّعة في الدير لغير القادرين على البدء بمشاريعهم؛ دورات تستهدف المهن الحرة والبسيطة وتمكين أصحابها اقتصادياً وإعطائهم منحة، فأخبرتهم برغبتي بافتتاح محل لتصنيع الألبان والأجبان، وبعد أن قاموا بزيارة ميدانية لمنزلي وتحققهم من استيفائي لشروط المنحة، قاموا بإجراء دورة تدريبية لي في المجال الذي اخترته، وبعد نجاحي وإثبات قدرتي على العمل قاموا بتزويدي بأدوات المشروع كاملة عام 2019، وما زلت مستمرة في العمل وحقق مشروعي النجاح ومردوداً اقتصادياً ساهم في إعالة كل أفراد أسرتي».

يذكر أنّ مقرّ دير "مار يعقوب" المقطع للإغاثة في حي "سقوبين" التابع لمحافظة "اللاذقية" ويغطي بخدماته مناطق متعددة في المدينة وريفها، والعمل مستمر بنفس النظام والبرامج لأعوام 2018 و2019 و2020 و2021 باستثناء توقف التدريب المهني والعدد المهنية في عام 2019.