"حربُ العقول".. لقبٌ عالميّ لمسابقةٍ برمجيّة تشملُ القارات السّتّ، تشاركُ فيها سنويّاً فرقٌ طلابيّة من جامعة "البعث" يتألقون بالمراكز الأولى دوماً، وانفردت "حمص" هذا العام بكونها المشاركة الوحيدة من "سورية" في مسابقة اليافعين البرمجيّة وتصدرها المركز الأوّل.

" مدوّنة وطن" استطلعت ماهية هذه المسابقة ونتائجها مع الجهة المشرفة عليها من جامعة "البعث".

تمّ تنظيم المسابقة للمرّة الثانيّة بمشاركة تسعةَ عشرَ فريقاً من خمس دولٍ عربيّة، وفريق واحد من "سورية" جامعة "حمص" ليتميّز ويتفوّق على كلّ الفرق الباقية ويحصل على كأس المسابقة والمرتبة الأولى

تاريخُ المسابقة

تعدُّ الأكثر شهرةً وعراقةً على صعيدِ المسابقات البرمجيّة الجامعية، فقد تأسست عام 1977 من قبلِ جمعيّة "مكائن الحاسبات" الأميركيّة، دخلت إلى المنطقة العربيّة عام 1997، واستقر تنظيمها إقليميّاً في الأكاديميّة العربيّة للعلومِ والتكنولوجيا والنقلِ البحريَّ في "الاسكندريّة" عام 2005.

فريق اليافعين الفائز.

تختلف تفاصيلها حسبَ المستوى والمراحل المتقدمة منها ولكن بشكلها العامّ وكما تقول المهندسة "بيان مندو" مساعد المدير التنفيذي للمسابقة إقليميّاً: «المسابقة عبارة عن فرق طلابيّة، كلّ فريق يتألف من ثلاثة طلاب متسابقين ومدرب، يعمل المتسابقون على جهازٍ واحدٍ لخمسِ ساعاتٍ متواصلة بحلِّ المسائلِ البرمجيّة باللّغة الإنكليزيّة والفرق الفائزة هي التي تحلُّ أكبر عدد من المسائل بأقصرِ زمن، وفريق اليافعين يتألف من متسابقين اثنين ومدرب».

مشاركةٌ سوريّة

بدأت "سورية" بدخول هذه المسابقة من خلال فرقها الطلابيّة عام 2011، تحت رعايةِ وزارةِ التعليم العالي، وسنويّاً يتأهل الكثير من الفرق المشاركة للتصفيات النهائية.

الفريق مع الدكتور "فادي".

بادرَ مكتب المسابقة في الوطنِ العربيّ عام 2020 إلى تنظيم مسابقة مشابهة لمسابقةِ الفرقِ الجامعيّة، سميّت بمسابقةِ اليافعين ويشاركُ فيها طلّاب المدارس تحت سنّ الثمانية عشرَ عاماً، وكلّ فريق مكوّن من طالبين اثنين. تقول "مندو": «تمّ تنظيم المسابقة للمرّة الثانيّة بمشاركة تسعةَ عشرَ فريقاً من خمس دولٍ عربيّة، وفريق واحد من "سورية" جامعة "حمص" ليتميّز ويتفوّق على كلّ الفرق الباقية ويحصل على كأس المسابقة والمرتبة الأولى».

"حازم الدالاتي" ذو السّبعةَ عشرَ عاماً مشارك بهذه المسابقة يقول: «بدأتُ بتعلّمِ لغاتِ البرمجة منذ كنتُ في الصّفِّ العاشرِ لشغفي بدخولِ الأولمبياد العلمي السّوري اختصاص المعلوماتيّة، نجحتُ بمستويات متقدمة به وصرتُ عضواً في الفريق الوطني، ومن هنا أتت مشاركتي في المسابقة البرمجية لليافعين وسأكمل طريقي بهذا المجال».

"طوني" وزملاؤه في المسابقة.

التخصّص ليس شرطاً

يتخيّلُ للسّامعِ عن هذه المسابقة أنّ المتسابقين هم طلّاب هندسة معلوماتيّة أو هندسة حواسيب، ولكن اللّافت هو التعدد الكبير للاختصاصات المشاركة، حيث توجد اختصاصات طبيّة بين المتسابقين والمدربين كما يقول "طوني مقدسي" الخريج من كليّة الصيدلة في جامعة "البعث" وأحد طلاب الأولمبياد العلمي المتأهلين على مستوى العالم بمجال الفيزياء: «المسابقة إطلاق لعنان عقلك في حلّ المعضلات الحياتيّة والصّناعيّة والرياضيّة باستخدام لغات البرمجة، وهي بالتالي ليست حكراً على أهل الاختصاص، وكثيراً ما نلاحظ تميّزاً لافتاً من طلاب الأولمبياد العلمي من اختصاصات طبيّة».

يحرصُ مدربو المسابقة على أن تكون فترة التدريب المكثفة في عطلة بين الفصلين، على أن تتضمن ثلاث محاضرات في كلّ أسبوع، ويتحدث "طوني": «قبل أن أكون مدرباً كما معظم المدربين، كنتُ متسابقاً لسنواتٍ طويلة في هذه المسابقة، وهذا ما يدفع أجيال المسابقة إلى التقدمِ جيلاً بعدَ جيلٍ، نفيدهم مما عشناه من أجواء ونضعهم بتفاصيلَ برمجيّة أخطأنا بها أثناء المسابقة».

هناك موقع لحلّ المسائل البرمجيّة ويرتب الأشخاص تسلسليّاً الأكثر حلّاً فالأقلّ، فالأمهر والملمّ بالأفكار يعمل على تدريب المتسابقين مع شخص أقدم منهُ في التدريب ليكتسبَ خبرة في أسلوب طرح المعلومة، وبالتالي وحسب ما يقول "طوني" فالمسابقة لتدريب المتسابقين والمدربين بآنٍ معاً.

مسابقاتٌ رديفةٌ

انبثقت عن المسابقة الرئيسيّة ثلاث مسابقات فرعيّة رديفة لها ولكلٍّ منها هدف خاصّ وحسب ما تقول المهندسة "مندو": «هناك مسابقة برمجية خاصّة بالفتيات، نمطها فرديّ وانطلقت لتشجيعهنَّ على دخول غمار السّباق البرمجي وتساهم هيئة المسابقة في تأمين فرص عمل للمميزات منهنّ، ومسابقة اليافعين التي هي بمنزلة تهيئة للطلاب تحت سنّ الثمانية عشر، واللّافت هو تألقهم وتفوق معظمهم على الطلاب الأكبر سنّاً منهم، أمّا الثالثة فتُقام بداية كلّ موسم (أون لاين) لإدخال المتسابقين الجامعيين بأجواء المسابقة الرئيسية ووضعهم بمستوى المسائل الأكاديمية».

جهةٌ داعمةٌ

في كلّ نجاح يحققهُ شباب الوطن، هناك جنود مجهولون من شأنهم تذليل الصّعوبات أمامهم.. مديريّة الأنشطة الطلابيّة في جامعة "البعث" المشرفة على المسابقة البرمجيّة، والتي تقوم بالتنسيق مع الاتحاد الوطني لطلبة "سورية" بتنظيم الدورة التدريبية في العطلة ليصار إلى استكمالها في كلّ سبت بعدها حتى موعد المسابقة، ويبين "الدكتور فادي مرشد" مدير الأنشطة الطلابيّة وعضو اللّجنة الوطنيّة للمسابقة البرمجيّة - منسق جامعة "البعث": «يتم تحديد موعد المسابقات المحلية من قبلِ اللجنة الوطنية بالتنسيق مع اللّجنة الإقليميّة، وفور التحديد يقعُ على عاتقنا تأمين كافّة الأمور اللوجستية للمسابقة انتهاءً بمستلزمات كلّ متسابق مشارك.. نحرصُ سنويّاً على تنظيمِ حفل كبير لتكريمِ الفائزين وتوزيع الجوائز عليهم تحفيزاً لباقي الطلاب على المشاركة».