تألّق بجدارةٍ ومهارةٍ مع الصافرة والراية فوق البساط الأخضر كحكمٍ مميّزٍ له شأنه وبصمته في الملاعب، حتى غدا واحداً من أفضل حكام "سورية" حينها، لما كان يتمتع به من خلقٍ وحُسنِ تطبيقٍ لمواد قانون كرة القدم إضافةً لتمتعه بلياقته البدنية العالية، ليتوّج مسيرته التحكيمية باختياره على اللائحة الدولية ولكن لفترةٍ قصيرةٍ لم يكتب لها الاستمرار، ولذلك أسباب يسترجعها الدولي "محمد شهاب" في حديث لموقع مدوّنة وطن "eSyria".

بداياتٌ واعدة

تعلّق "محمد شهاب" بكرة القدم منذ طفولته قبل أن تتفتح مواهبه الكروية بشكل أوضح مع منتخب مدرسته في المرحلتين الإعدادية والثانوية، ثم انضمامه لفريق نادي عمال "حلب" لفئة الشباب حيث لعب معه موسمين تحت إشراف المدربين الراحل "أنور جوبان" و "عبد الباسط حلاب"، وعن تتمة مشواره يضيف الحكم "شهاب": «خلال ممارستي للعبة كرة القدم في المباريات، كانت تستهويني مهام الحكم الذي يقود المباراة، بكيفية تحركه وإشارات يديه وتعامله مع اللاعبين والمدربين ومسكه للصافرة مع لباسه الأسود وتعاونه مع زملائه الحكام المساعدين.. وبعد انتهائي من أداء خدمة العلم وفي عام 1988 وبعد حصولي على الشهادة الثانوية، درست مباشرة في المعهد الرياضي وكان هو الاختصاص الأقرب لهوايتي، وأثناء ذلك حضرت لجنة مؤلفة من الراحل الحكم الدولي "جميل حلو" و"أسعد عرياني"، وطلبوا ممن يرغب الانتساب لأسرة التحكيم الحضور إلى مقر اللجنة التنفيذية بـ"حلب" وكنت أول المتقدمين، وبعد خضوعي لدورة مكثفة تم اعتمادي حكماً عاملاً وتكليفي بمباريات دوري الأشبال والناشئين على مستوى المحافظة، وحتى تزداد خبرتي اتجهت لتحكيم مباريات دوري الأحياء الشعبية في ملعبي "الصمود والأمريكان" مع التزامي بتحكيم المباريات الرسمية».

إنه لا يعلمها.. وكل ما عرفه حينها أن المطلوب منه الاعتزال القسري وإفساح المجال للغير القادم من الخلف.. عندما وصلت لطريق مسدود ابتعدت عن أجواء وصخب التحكيم والملاعب مكرهاً، وفي نفسي حسرة لم أستطع تفسيرها بشكل واضح سوى أنها المصالح التي لم أكن أجيد اللعب فيها لتكون خاتمة المطاف لي والوداع للصافرة والراية بعام 2004

ويتابع بالقول: «ترقيت للدرجة الثانية في عام 1990 وللدرجة الأولى عام 1993، وهنا زادت مهامي وبدأ يتم تكليفي بمباريات دوري الدرجة الأولى لفئة الشباب وبشكل أسبوعي، مع قيادتي لمباريات كأس الجمهورية ومباريات أندية دوري الريف بمدينة "حلب"، ورغم ذلك لم أنقطع عن تحكيم دوري الأحياء الشعبية لما فيه من فائدة فنية، كما عُهد لي برئاسة لجنة الحكام في ملعب "الصمود" بحي "باب النيرب"، ومع دخولي بأجواء التحكيم أكثر فأكثر تم تكليفي بقيادة مباراتي الكأس بين فريقي "الجيش" مع "الوثبة" ومن ثم مباراة "حطين" مع "الوحدة"».

الدولي"محمد شهاب" حكماً في إحدى المباريات

الشارةُ الدوليّة

الحكم "شهاب" ضمن عداد منتخب حكام "حلب"، المشار إليه بخط

ويضيف الدولي "شهاب" في حديثه للمدوّنة: «موسم ألفين تمت دعوتي لحضور اجتماع حكام النخبة لخوض اختبارات الترشيح على اللائحة الدولية، ونجحت في اجتياز الفحوصات بمواد قانون اللعبة واللغة الأجنبية واللياقة البدنية وبمركز متقدم، كل ذلك وضعني في طليعة الحكام الشباب المحليين والمرشحين للحصول على اللقب الدولي والشارة الدولية والتي تعد حلماً لكل حكم، وتم اعتمادي حكماً دولياً مساعداً في موسم 2001، ليتم بعدها تكليفي بقيادة مباريات دولية مهمة مثل مباراة "اليمن" مع "الهند" ضمن تصفيات كأس العالم، وبعدها مباراة "الوحدات الأردني" مع "الأنصار اللبناني"، و"الفيصلي" مع "الصفاء اللبناني"، و"الزوراء العراقي" مع "السد القطري" في عام 2002، والمشاركة بتحكيم تصفيات المجموعة الثانية في "السعودية" لبطولة منتخبات آسيا التي أقيمت في "الصين" مع المشاركة بمباريات البطولة العربية المدرسية التي أقيمت في "بيروت" إضافة للمشاركة بالتحكيم ضمن الدوري اللبناني».

أجملُ الذكريات

شارك "شهاب" بتحكيم أكثر من سبعة مواسم كروية متتالية في الدوري السوري الممتاز وبنهائي كأس الجمهورية عام 2001 بين فريقي "الجيش" و"حطين"، وكذلك بدورات كأس الصحفيين التي كانت تقام كل عام بشكل دوري، والمشاركة بتحكيم دورات الوفاء بمدينة "اللاذقية"، وأهم تلك اللقاءات في الدوري المحلي كانت لفرق لها تاريخ وحضور جماهيري كبير مثل أندية "تشرين" و"الجيش" و"الكرامة" و"الشرطة" و"حطين" و"الفتوة" و"الوثبة" و"الوحدة" وباقي فرق الدوري الأخرى، إضافة لتحكيمه مباريات الفرق العربية الزائرة مثل "الترسانة المصري" وأندية أخرى من "لبنان" و"الأردن" و"العراق"، وكان يرافق تلك المباريات حضوره للندوات والاجتماعات والمعسكرات لشرح الحالات وتحليلها، وترافقت مسيرته في عام 2001 مع تكليفه بأمانة السر للجنة الحكام الفرعية بمدينة "حلب".

الحكم "شهاب" في حديث موسّع مع صحيفة السنابل الحلبية عام 2004

زملاءُ التحكيم

ويتابع الحكم الدولي بالقول: «خلال ستة عشر عاماً في الملاعب تشكلت علاقات طيبة مع الجماهير واللاعبين والمدربين، وعاصرت أجيالاً عديدة من زملاء التحكيم في محافظتي "حلب" والمحافظات الأخرى، وهم كثر وأخوة وزملاء أعزاء لهم مني كل المحبة والاحترام، ولكن أعتذر عن ذكر أسمائهم خشية نسيان أحد منهم، ولكن بشكل خاص هناك ثلاثة خبرات وقفت معي وساندتني هم "أسعد عرياني" والدولي" معن كيالي" والدولي" محمد سالم".. ويمكن القول إن التحكيم السوري بالملاعب العربية والدولية ناصع وناجح، ولنا باع فيه واسم الحكم السوري موثوق به من كافة الأندية والمنتخبات».

ويستذكر الحكم الدولي "محمد شهاب" اللحظات الحزينة والمؤلمة في مسيرته مع الصافرة التي انتهت وهو في عز عطائه، وذلك لأسباب يقول عنها نفسه: «إنه لا يعلمها.. وكل ما عرفه حينها أن المطلوب منه الاعتزال القسري وإفساح المجال للغير القادم من الخلف.. عندما وصلت لطريق مسدود ابتعدت عن أجواء وصخب التحكيم والملاعب مكرهاً، وفي نفسي حسرة لم أستطع تفسيرها بشكل واضح سوى أنها المصالح التي لم أكن أجيد اللعب فيها لتكون خاتمة المطاف لي والوداع للصافرة والراية بعام 2004».

شهاداتُ أهلِ الراية

الحكم الدولي "خالد دلو" يقول: «أنا أكبر بقليل من الحكم الدولي "محمد شهاب"، ومنذ مجيئه لسلك التحكيم كان مميزاً ويلقى القبول من جميع زملائه والفرق والمنتخبات والجمهور، سافر معي وساعدني كحكم مساعد ناجح بقيادة الكثير من المباريات المحلية والودية، وللحقيقة والإنصاف كان مميزاً وهادئاً وصاحب يدين نظيفتين، وكشهادة للتاريخ أقول أنه ظُلم كثيراً دون معرفة الأسباب، وكان يستحق أن يبقى أكثر في الملاعب ويصل لأبعد مما وصل إليه وأن تتم الاستفادة من خبراته في هذا المجال».

الحكم الدولي "عبد الله بصلحلو" قال: «دخلت سلك التحكيم بعده بسنوات، كان الحكم الدولي "محمد شهاب" كريماً واستفدنا كثيراً من خبرته التحكيمية، ورافقته في عدة مباريات من الدوري العام وتعلمت منه كيفية قيادة الحكم الناجح للمباريات بهدوء دون إثارة حفيظة اللاعبين والجمهور والمدربين.. لقد كان ابتعاده عن التحكيم في وقت مبكر من عمره خسارة لحكم ناجح لم تكتمل مسيرته للنهاية».

بقي أن نقول أنّ الحكم الدولي السابق "محمد شهاب" من مواليد مدينة "حلب" لعام 1965، مدرس متقاعد للتربية الرياضية ومقيم حالياً بمدينة "دمشق" لظروف الأزمة الأخيرة ومبتعد عن كل أجواء التحكيم والمراقبات ومتابعة المباريات.