يشهد التاريخ على أحداث عديدة يمكن أن تكون دروساً وعبراً لحاضرنا المعاصر، وحاجة أساسية لبناء مستقبلٍ فاعلٍ لمجتمعنا، وذلك بعد ما شهدته سنوات الحرب من محاولات التفكيك المتعمَّد للروابط التي كانت تجمع بين كل مكوناته.

إسقاطٌ تاريخيٌّ

يسلّط معرض "فرنسيس والسلطان" والمقام في مدينة "حمص"، الضوء على ذكرى اللقاء الذي جرى في صيف سنة 1219 على أراضي مدينة "دمياط" المصرية بين الراهب "فرنسيس الأسيزي" مؤسس "الرهبنة الفرنسيسكانية" والسلطان "الملك الكامل الأيوبي" كما ذكر "فرحان ناقورة" مشرف المعرض أثناء لقاء مدوّنة وطن "eSyria" معه والذي أضاف قائلاً: «هاتان الشخصيتان القادمتان من بيئتين مختلفتين يحمل كل منهما عقيدة دينية مختلفة عن الآخر، استطاعا بواسطة الحوار السلمي حقن الدماء التي كانت منطقتنا المشرقية تطفو عليها خلال فترة ما تسمى "الحروب الصليبية" بحملاتها المتعددة، واليوم من خلال هذا المعرض، رسالتنا هي إرساء فكرة وصورة ذلك الحوار وتجسيدها على واقعنا "السوري" الراهن بعد الأحداث المؤلمة التي شهدتها "سورية" ومحاولات نشر الفكر الطائفي والممارسات التي عكست ذلك من قبل بعض الجماعات».

هاتان الشخصيتان القادمتان من بيئتين مختلفتين يحمل كل منهما عقيدة دينية مختلفة عن الآخر، استطاعا بواسطة الحوار السلمي حقن الدماء التي كانت منطقتنا المشرقية تطفو عليها خلال فترة ما تسمى "الحروب الصليبية" بحملاتها المتعددة، واليوم من خلال هذا المعرض، رسالتنا هي إرساء فكرة وصورة ذلك الحوار وتجسيدها على واقعنا "السوري" الراهن بعد الأحداث المؤلمة التي شهدتها "سورية" ومحاولات نشر الفكر الطائفي والممارسات التي عكست ذلك من قبل بعض الجماعات

معاهدةُ صُلحٍ

يشرح "فرحان ناقورة" خلال التجوال معه ضمن المعرض واستعراض المنشورات الموجودة فيه، نبذةً عن الراهب "فرنسيس الأسيزي" المولود في مدينة "أسيزي" الإيطالية كما هي المعلومة المتوفرة ما بين عامي 1181-1183 من عائلة ثرية، والذي انتقل من حياة الترف والمجد العسكري إلى حياة الزهد والتجرُّد، عندما أتاه صوت "السيد المسيح" مبشِّراً برسالة هي (اذهب ورمم بيتي المتداعي)، التي كانت دافعاً له بحمل رسالة التبشير المسيحية وتأسيس ما عُرِف لاحقاً "الرهبنة الفرنسيسكانية"، وكذلك التعريف بسيرة "الملك الكامل الأيوبي" ومجريات اللقاء -بين هاتين الشخصيتين- الذي أسس لمعاهدة صلح دامت عشر سنوات متتالية، وتجددت لمدةٍ مماثلة مع ذات السلطان زمن الملك "فريدريك الثاني" وتحديداً بتاريخ 18 شباط 1229 فيما سمي حينها "سلام يافا".

فرحان ناقورة مشرف المعرض في مدينة حمص

رحلةُ المعرض

رواد زينون المشرف العام على المعرض في سورية

تولى لاحقاً "رواد زينون" المشرف العام على المعرض خلال حديث مدوّنة وطن "eSyria" معه التعريف أكثر بولادة فكرته وبالمحطات التي جال فيها معرضهم فقال: «صاحب فكرة هذا المعرض هو شخص "بلجيكي" وانطلاقته كانت من "إيطاليا" قبل عامين احتفالاً بمرور 800 عام على ذلك الحدث التاريخي الذي يحكي عنه المعرض، ومن ثمَّ تمت إقامته في جمهورية "روسيا الاتحادية" العام الماضي، ومن ثمَّ تبنته بعثة "الرهبنة الفرنسيسكانية" في "سورية" وتمت رعايته من قبل "وزارة الثقافة" السورية، حالة التعايش الديني تاريخياً في بلدنا كانت سبباً في إقامة هذا المعرض لإيصال فكرة مفادها بأننا موجودون على هذه الأرض منذ آلاف السنين، ونرفض إلغاء الآخر مهما فعلته الحروب، من جانب آخر نسلط الضوء على لقاء تاريخي آخر جرى بين "البابا فرنسيس الثاني" و"أحمد الطيب" شيخ الأزهر، تجسيداً لفكرة اللقاء الذي جرى قبل 800 سنة، كما يسلط المعرض الضوء على جانب من المهام والأعمال التي يقوم بها "الرهبان الفرنسيسكان" في بعض الدول مثل "مصر" و"فلسطين"، إضافة للمهام التي أخذوها على عاتقهم في "سورية"، وأهمها قضية الأطفال مجهولي النسب والمشردين وتقديم الرعاية اللازمة لهم ومساعدتهم على نيل حياة لائقة بهم، المعرض انطلق في مدينة "اللاذقية" ومن ثمَّ وصل إلى "طرطوس" وبعدها، وصلنا به إلى بلدة "مشتى الحلو" ولاحقاً في "صيدنايا" واليوم نحن هنا في ضيافة كنيسة "أم الزنار" وهنالك 3 محطات أخرى ختامها في مدينة "دمشق" بتاريخ 14 كانون الأول 2021».

بقعةٌ مضيئةٌ

التقت مدوّنة وطن "eSyria" ضمن المعرض حضرة الكاهن القس "طوني يعقوب" الذي رأى ضرورة الحاجة لمثل هكذا معرض ليكون رسالة للجميع بأننا بحاجة التضامن والسلام بين جميع الذين يعيشون في وطن واحد، بعيداً عن الشعارات، واقتباس المحصلة التي خرج بها اللقاء التاريخي الذي جرى قبل 800 عام، والاستفادة من الفكر التنويري الذي تحمله "الرهبنة الفرنسيسكانية" منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، ما يعكس أهمية المحبة الصادقة الهادفة لتحقيق التعايش السلمي بين المكونات المجتمعية المتنوعة.

القس طوني يعقوب كاهن كنيسة أم الزنار

ويضيف: نحن بدورنا كرعاة للكنيسة التي ناهز عمرها 2000 عام والرمزية التي تحملها لدى أتباع الأديان المختلفة أردنا من اختيارها مكاناً لإقامة هذا المعرض أن تكون بقعة مضيئة له بما تمثله من أهمية تاريخية دعماً للغاية المرجوة من إقامته».

نذكر بأنَّ المعرض قد أقيم يومي 21-22 تسرين الثاني 2012.