لا يكاد زائر المشفى الوطني في "السويداء" أو حتى العابر من أمامه، يمرُّ دون أن تلفت نظره حجارة المشفى البازلتية التي تعطي انطباعاً مباشراً عن عمر المشفى الذي ناهز السبعة عقود ونيف، في زمن كانت فيه هذه الحجارة هي نمط البناء السائد وقتها، ورغم كل التحديثات التي جرت للمشفى طيلة العقود الماضية لا تزال القيمة التاريخية للمكان حاضرة في الأذهان تحكي قصة صرح حضاري كان ولا يزال حاضراً بقوة في حياة أهالي المحافظة.

تاريخٌ طبيّ

يعود تاريخ وضع حجر الأساس لمبنى المشفى إلى خمسينيات القرن الماضي، في زمن الوحدة بين "سورية ومصر"، وحسبما يقول المهندس "فرج الله السيد" رئيس دائرة الصيانة في مديرية صحة "السويداء": «كان الراحل "جادوا عز الدين" يشغل حقيبة وزير الأشغال العامة حينها، وأثناء وجوده بالوزارة قام بوضع الحجر الأساس لخمسة معالم من بينها المشفى الوطني، وفي عام 1967 انطلق العمل بالمشفى رغم عدم اكتمال تجهيزاته وبنائه وكان قد قسم إلى جهتين، واحدة للنساء وأخرى للرجال، ولم يكن عدد الأقسام كما هو اليوم، إذ انطلق بخمسة أقسام فقط هي قسم الإسعاف، التوليد والعمليات الجراحية، العظمية والعسكري معاً، والداخلية، وبعد استشهاد الدكتور "زيد الشريطي" على أيدي الإرهاب في أوائل ثمانينيات القرن الماضي تقررت تسمية المشفى باسمه "مشفى الشهيد الدكتور "زيد الشريطي"».

كان الراحل "جادوا عز الدين" يشغل حقيبة وزير الأشغال العامة حينها، وأثناء وجوده بالوزارة قام بوضع الحجر الأساس لخمسة معالم من بينها المشفى الوطني، وفي عام 1967 انطلق العمل بالمشفى رغم عدم اكتمال تجهيزاته وبنائه وكان قد قسم إلى جهتين، واحدة للنساء وأخرى للرجال، ولم يكن عدد الأقسام كما هو اليوم، إذ انطلق بخمسة أقسام فقط هي قسم الإسعاف، التوليد والعمليات الجراحية، العظمية والعسكري معاً، والداخلية، وبعد استشهاد الدكتور "زيد الشريطي" على أيدي الإرهاب في أوائل ثمانينيات القرن الماضي تقررت تسمية المشفى باسمه "مشفى الشهيد الدكتور "زيد الشريطي"

خدماتٌ جليلة

الدكتور "عدنان مقلد" المدير الأسبق لمشفى الشهيد "زيد الشريطي" يقول: «حملت الذاكرة الوطنية والشعبية والتاريخية الكثير من ذكريات هذا المشفى العريق الذي قدم خدمات جليلة لأبناء المحافظة، فالمشفى المعروف اليوم باسم "الشهيد زيد الشريطي"، بدأ عمله فعلياً خلال عام 1967، وانطلق العمل به قبل أن يكتمل مشروع البناء والتجهيز، وبكادر طبي محدود العدد لا يتجاوز ثلاثة أطباء وخمسة أقسام، وكان عدد سكان المحافظة حينها لا يتجاوز مئتي ألف نسمة، وجرت فيه عمليات جراحية مهمة وخدمات إسعافية واستشفائية أنقذت العديد من الأرواح، وقُدِمت فيه خدمات صحية كثيرة، وتخرّج منه العديد من الأطباء المقيمين الذين باتوا اليوم من أشهر الأطباء في تخصصاتهم».

الدكتور عدنان مقلد

حسب المُتاح

المهندس فرج الله السيد

ويتابع "مقلد" بالقول: «عمل المشفى ولفترات طويلة بكوادر طبية قليلة جداً لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، وساهم في استقرار الوضع الصحي في زمن كانت التقانة فيه متواضعة، ويبقى لمشفى "الشهيد زيد الشريطي" الوطني خصوصية في مبناه العمراني التاريخي الذي ورغم ما طرأ عليه من تحديث ومن إنشاءات معمارية وتجهيزات طبية ظلّ محافظاً على عراقته وارتباطه بالمكان، وهو يشهد اليوم توسعاً ملحوظاً بأقسامه وفق ما تحتاجه الظروف، منها العيادات الخارجية والأشعة والمخابر والكلية والأطفال والعينية والداخلية والعصبية والصدرية والعناية المشددة، والتخدير، والجراحة، وإحداث شعبة الأورام، وقسم الإسعاف الذي تدوّن فيه بعض الإحصاءات ومنها أن المشفى يستقبل في كل خمس دقائق حالة إسعافية، كما أنه يقدم خدمات لأكثر من ثلاثمئة ألف نسمة مع وجود مشافٍ في مدينتي "صلخد وشهبا" وأخرى خاصة، ومراكز صحية.. سبعة عقود ونيف وما زال المشفى يتربع على عرش الخدمات الطبية وفي الذاكرة الشعبية على أنّه المكان الوحيد للمريض الفقير والمحتاج، وهو لا يبخل في تقديم المعالجة للأمراض المزمنة وغير المزمنة والطارئة».

أرقام

يتربع المشفى حسب المهندس "فرج الله السيد" على مساحة من الأرض تقدر بستة وعشرين دونماً، وحالياً عدد الأسرة 440 سريراً، يستخدم منها 360 سريراً، وقد بلغ عدد المراجعين للمشفى خلال النصف الأول من العام الجاري 67670 مراجعاً، فيما وصل عدد المراجعين للمشفى في العام الماضي إلى 140400 مراجع، وتجرى في غرف عملياته سنوياً ما لا يقل عن 11 ألف عملية جراحية، أي ما يقارب ألف عملية شهرياً، وفي الآونة الأخيرة ازداد ضغط العمل على الكوادر الطبية والتمريضية بسبب قلة الكوادر والظروف التي فرضتها جائحة كورونا».

من داخل مباني المشفى

ويشير "عادل الحكيم" أحد المراجعين إلى ما يقدمه المشفى من خدمات إسعافية واستشفائية مجانية وقد أثبتت كوادره الطبية والتمريضية أنّها على درجة عالية من الكفاءة خصوصاً إذا ما قورنت أعدادهم بحجم العمل الكبير والمسؤولية الملقاة عليهم، ما جعلهم يعملون بالطاقة القصوى لتوفير الخدمة الصحية للأهالي بإمكانيات بسيطة.