على دراجتها الهوائية الصغيرة التي تعدُّها رفيقة دربها، تجوب لاعبة المنتخب الوطني للدراجات "مرح خضير" مسارات تل "القليب" المجاور لبلدتها "الكفر" في محافظة "السويداء"، فمن هذه المسارات الزراعية بمسالكها الجبلية الوعرة، بدأت اللاعبة قصة نجاحها وتميزها لتعبر من خلالها إلى النجومية وصولاً إلى منصات التتويج الرياضية.

رصيدُ البطولات

في رصيد اللاعبة "مرح" العديد من البطولات فقد حصلت على المركز الثاني والثالث في بطولة سباق "الجولان"، الذي أقيم في محافظة "السويداء" عام 2014، والمركز الثاني في بطولة الجمهورية التي أقيمت في محافظة "طرطوس" عام 2015، والمركز الثالث في بطولة الجمهورية عام 2016، وجاءت في المركز الثاني بداية عام 2018، والأول في سباق العام نفسه بالبطولة التي أقيمت في "اللاذقية"، وحصلت على المركز الثالث والأول في بطولة الجمهورية أيضاً عام 2019، وكانت أيضاً الأولى في آخر بطولة للجمهورية أقيمت في "دمشق" هذا العام.

الظروف التي سادت لسنوات حرمتنا كشباب من فرص كثيرة لتطوير مهاراتنا الرياضية والارتقاء بها من الهواية إلى الاحتراف خاصة رياضة الدراجات التي شهدت تطوراً جيداً في سورية.. كنت متلهفة لعودة البطولات الكبرى واكتفيت لسنوات ببطولات على مستوى قريتي و"السويداء" مدينتي

اللاعبة تألقت في عدة رياضات منها السلة والكاراتيه وألعاب القوى ونالت ميداليات فيها إلى جانب الدراجة التي بقيت رفيقتها رغم كل الظروف.

مرح خضير أثناء بطولة الجمهورية الأخيرة

طريقُ الاحتراف

من البطولات

تقول "مرح" : «الظروف التي سادت لسنوات حرمتنا كشباب من فرص كثيرة لتطوير مهاراتنا الرياضية والارتقاء بها من الهواية إلى الاحتراف خاصة رياضة الدراجات التي شهدت تطوراً جيداً في سورية.. كنت متلهفة لعودة البطولات الكبرى واكتفيت لسنوات ببطولات على مستوى قريتي و"السويداء" مدينتي».

"مرح تيسير خضير" من مواليد 1998 تنفست هواء قريتها "الكفر" وعشق أهلها للرياضة، ففريقها من أوائل فرق الدراجات الهوائية، شق أبطاله طريقهم للتميز والذهب بجد وتعب، وما كان منها إلا أن سعت لحلمها بالانتساب للمنتخب الوطني، بعد أن عملت ضمن فريق القرية الذي جهد ليحافظ على لياقة لاعبيه عبر سنوات الحرب ببطولات متواضعة الإمكانيات المادية والمكانية أثمرت خيراً للشباب ومنهم "مرح".

رصيدها كبير من الميداليات

وتضيف: «مارست أكثر من رياضة لكن لعبة الدراجات كان لها الأثر الأكبر منذ الصغر، حققت مراكز عديدة فيها ما جعلني أُفضلها وأختارها من بين الألعاب.. طريق الوصول للمنتخب الوطني كان شاقاً ومرهقاً قطعته بدعم من مدربي "مازن عدوان" ومن أشرف على تدريباتي السابقة، وما وصلت إليه بعد سنوات من العمل والتدريبات رسم لي بداية جديدة عززت ثقتي بما أملك من مهارات وقدرات وآمال لمستقبل أجمل في رياضتي المفضلة التي تنسجم مع لياقتي الجسدية والذهنية لتجاوز صعاب كثيرة».

الإنجاز الأهم

بداية مشاركتها باللعبة كانت عام 2015 حيث حصلت على دعم كبير من مدربيها لترفع من طاقة التحمل، وتدخل نفسها في اختبارات أكثر صعوبة رغم غياب الإمكانيات، إذ كانت هي وفريق قريتها لا يجدون متسعاً للتدريب أو أمكنة مناسبة إلا طرقاً زراعية وشوارع جبلية وعرة تحيط بالقرية، لا تنطبق عليها أي من شروط التدريب، لكنها حافظت على التدريب رغم كل الصعوبات بدعم كبير من أهلها والاستفادة من خبرة مدربيها في قريتها ودعمهم لها، قبل أن تحقق خطوتها التي تعدّها الأهم في بطولة العام الحالي للدراجات بعد انقطاع طويل نسبياً للبطولات.

وتتابع حديثها بالقول: «بطولة الجمهورية عام 2021 كانت نقطة تحول أساسية، لأنها جاءت بعد انقطاع كان بفعل الأزمة، وكنت ضمن المنتخب الوطني للدراجات وحققت إنجازات رائعة على الصعيد الفني، فيها حصلت على المركز الأول في مرحلتين، مرحلة فردي عام ومرحلة ضد الزمن، طبعاً لم أكن وحدي بهذه المواجهة فقد كان لمساعدة الكابتن "سامر ويس" مدرب منتخب "سورية" للدراجات أثر كبير في ذلك، فقد ساعدني لتقديم عطاء أكبر أثمر ما يرضيني لهذه المرحلة كلاعبة ارتبط مستقبلي بهذه الرياضة».

متطلبات التدريب

ابنة القرية الجبلية خريجة دبلوم تقاني للعلوم السياحية، تعرف أن طريقها ليس أقل صعوبة من الطرق الجبلية التي تقطعها للتدريب، لكنها تشد أزر نفسها لتحافظ كلاعبة على بنية قوية بالمتابعة مع تدريبات ومعسكرات المنتخب، مع العلم أنها لم تحصل بعد على وظيفة أو عمل يساعدها على تأمين متطلبات التدريب والأغذية المطلوبة، وتضيف: «قبول الأهل لموهبتي وتشجيعهم لي على المتابعة يحمّلني عبئاً كبيراً وأعرف أن دعم الأهل -مع الإصرار والعزيمة على المتابعة- يقترن بتكلفة مالية كبيرة ترهقهم، فالمحافظة على اللياقة وتحقيق تطور في اللعبة، يتطلبان الكثير فاللاعب يحتاج لنظام غذائي متكامل كالفيتامينات والبروتينات والكربوهيدرات المنتظمة لتغطية فاقد التدريبات وتطوير مناعة الجسم من ناحية وتقوية العضلات، لكن ذلك للأسف يحتاج لتكاليف مالية كبيرة لم يعد بالإمكان الحصول عليها كاملة، وهذا ما يخلق نوعاً من الضغط والقلق أعيشه كلاعبة لديها آمال وطموحات كبيرة للمستقبل لأكمل خطوتي القادمة».

خطوة "مرح" القادمة بعد أن التحقت بالمنتخب الوطني منذ تسعة أشهر تتجسد في تحقيق أحلامها في المشاركة بالمحافل الدولية، وتحقيق الإنجازات على الصعيد الخارجي في بطولات عربية وبطولات آسيا أو المعسكرات الخارجية وتجهيز مضمار للدراجات ضمن "سورية".

بحاجةٍ للدعم

من خلال متابعته لها يرى "مازن عدوان" مدرب فريق الدراجات في قرية "الكفر" أن "مرح" خُلقت للرياضة فهي متميزة بعدة ألوان منها كألعاب القوى، وهي بطلة برياضة دفع الكرة الحديدية، لكنها اختصت بالدراجات التي منحتها ما تستحق من تميز وتقدير، ولولا الظروف لكان تميزها أكبر ليس على المستوى المحلي فقط بل والدولي أيضاً.

ويقول "عدوان": «هي لاعبة خلوقة محبوبة، ورياضية بامتياز، ورياضتها مثل كل الرياضات بحاجة إلى الدعم، وخصوصاً عندما تخرج اللعبة من إطار الهواية إلى مرحلة الاحتراف والإنجازات الرياضية، فهنا يصبح النظام الغذائي من الأساسيات لتحقيق الإنجاز الرياضي، وبالنسبة لرياضة الدراجات ولاعب الدراجات فهو بأمس الحاجة للمكملات الغذائية نظراً لساعات التدريب الطويلة والجهد الكبير، واللاعبة "مرح" محترفة ولاعبة منتخب وطني، تستعد لتمثيل الوطن في المحافل الدولية وبحاجة ماسة للدعم فهذه الرياضة تحتاج الكثير من الجهد والمال للاستمرار وتحقيق نتائج أكبر وأفضل».