قرية "السعدانة" في ريف منطقة "القدموس".. حكايات طريفة ليس مع تسميتها فحسب وإنما أيضاً مع موقعها الجغرافي المتميز وطبيعتها الجميلة، وفوق كل ذلك عُرف سكانها اجتماعياً بطرافة حديثهم وطلاقة لسانهم ونشرهم للفرح أينما حلوا، مما انعكس على طبيعة علاقاتهم مع الجوار.

تبعد "السعدانة" ثلاثة كيلو مترات عن مدينة "القدموس"، وتبعد شرقاً حوالي 25 كم عن مدينة "بانياس"، وتتربع على سفح جبل شبه مستوٍ مع انحدار مريح في أغلب مواقعه، وتطلُّ على سفح "رويسة الحمام" الذي منحها بعضاً من اسمه لغوياً لو ردّ الاسم إلى أصوله.

حدود القرية مفتوحة دون تضاريس جغرافية صعبة مع بقية القرى، حيث يمكن رؤية القرى المجاورة بالعين المجردة، فتحدها قرية "التناخة" من الجهة الشرقية، ومركز منطقة "القدموس" من الجهة الغربية، وقرية "المقرمدة" من الجهة الجنوبية، وجبل "المولى حسن" من الجهة الشمالية

قصة الاسم

يشير المدرس المتقاعد "سهيل أحمد" وهو في العقد السابع من العمر، إلى تعدد الروايات حول تسمية القرية، وبحسب الموروث الشعبي فإن جميع الروايات تصبّ في معنى واحد وهو الحمامة، فاسم "السعدانة" يعني "الحمامة" وهو الاسم الصحيح للقرية، بدليل هضبة صغيرة تسمى "رويسة الحمام" يطلُّ عليها مركز القرية السكاني القديم والحديث، وهي نقطة علام فيها، كما أنّ لها معانيَ أخرى مشابهة وهي كفة الميزان المقلوبة التي تشبه رأس الحمامة، وهذا ما يتجلى للناظر لها من موقع "رويسة الحمام"، حيث تبدو كالحمامة في عشها، وأيضاً البعض قال عبر الأحاديث المتناقلة أن مرد التسمية يعود إلى نبات صحراوي يسمى "السعدان"، وقد لحقت هذه التسمية السكان الأصليين للقرية المهاجرين إليها من أرياف "حلب" شبه الصحراوية.

المدرّس سهيل أحمد

حدود طبيعية

جانب من القرية

ترتبط القرية مع القرى المجاورة المحيطة بشبكة طرق بعضها ضيّق لا يكاد يتسع إلا للسير على الأقدام، باستثناء الطريق الرئيسي القادم إليها من الجهة الشمالية، أما منازلها فهي موزّعة منتشرة على كامل مساحتها تقريباً، وكأن لكل منها ما يشبه عش الطائر بين أحضان الطبيعة، على عكس غالبية منازل بقية القرى الريفية، حيث تتلاصق المنازل مع بعضها ويكون العبور بين أزقتها وحواريها صعباً بعض الشيء، والحديث هنا لمختار القرية "منذر صالح".

وفيما يخص حدود القرية التي تتبع لمنطقة القدموس وتقع الى الشرق والشمال منها وتمتد من الوادي الى أعلى قمة جبل "القليط"، يقول المختار "صالح" وهو في العقد الخامس من عمره: «حدود القرية مفتوحة دون تضاريس جغرافية صعبة مع بقية القرى، حيث يمكن رؤية القرى المجاورة بالعين المجردة، فتحدها قرية "التناخة" من الجهة الشرقية، ومركز منطقة "القدموس" من الجهة الغربية، وقرية "المقرمدة" من الجهة الجنوبية، وجبل "المولى حسن" من الجهة الشمالية».

موقع القرية وفق جوجل إرث ضمن الدائرة الصفراء

زراعية بامتياز

يعمل أغلب سكان القرية بالزراعة والوظائف الحكومية والأعمال الحرة التي تميزوا بها على صعيد المنطقة، وهي أعمال بناء وإكساء المنازل بمختلف اختصاصاتها، حتى باتت حكراً عليهم، كما أنهم حققوا تحصيلاً علمياً جيداً في وقت مبكر بالنسبة لقرية ريفية، فقد سجلت أول شهادة ثانوية فيها عام 1959 وأول شهادة جامعية عام 1965، وتعزز هذا الإقبال على التحصيل العلمي مع افتتاح أول مدرسة تعليم ابتدائي فيها بداية العام 1954، فاختصرت الكثير من المشقة على الأطفال في التنقل بين القرية ومدينة القدموس، وبعدها افتتحت "جامعة الأندلس" للعلوم الطبية وشغلت الكثير من المساحات الجغرافية.

تتربع القرية على مساحة واسعة من الأراضي الزراعية التي زرعت بمختلف البقوليات والأشجار المثمرة والتبغ الذي يعدُّ المحصول الاستراتيجي لأهالي القرية البالغ عددهم حوالي/1500/ نسمة، ويملك بعض السكان حرفاً تراثية مثل حرفة تبييض النحاس والحدادة العربية.

عضو مجلس مدينة القدموس "علاء سليمان" من أهالي وسكان القرية يقول: «مناخ القرية بارد جداً في فصل الشتاء، وتغطي الثلوج كامل مساحتها لعدة أسابيع، وفي فصل الصيف تتميز بالهواء العليل، وهذا المناخ والطبيعة الجميلة انعكس على طبيعة السكان السموحة المحبة للآخر بشكل عام، فلم تسجل أي مشاكل أو خلافات أحيلت إلى القضاء، حتى أنهم عرفوا بظرافتهم وخفة ظلهم ومحبتهم للفرح بشكل عام.. كما تحتضن القرية العديد من المواقع الأثرية كالنواويس الصخرية في عدة مواقع منها، ومعصرة عنب حجرية أيضاً».