: حتى الأمس القريب كانت قرية "دمسرخو" التابعة لمدينة "اللاذقية" مقصداً سياحياً يرتاده الأهالي لقضاء أوقات ممتعة في أحضان الطبيعة، لكن سرعان ما بدأت ملامح التغيير تظهر تباعاً فقد تحولت القرية إلى كتل إسمنتية بعد أن غزتها الأبنية السكنية التي اقتطعت الكثير من مساحاتها الخضراء وبساتينها الغناء.

زراعية بامتياز

مدوّنة وطن زارت القرية والتقت مع "ميسم إبراهيم رجب" رئيس جمعية "دمسرخو" الخيرية، الذي قال: «يمتد حي دمسرخو من دوار الأزهري جنوباُ إلى دوار "رأس شمرا" المعروفة بمدينة "أوغاريت" شمالاً مع البساتين، وغرباً البحر والشاطئ الأزرق، وشرقاً جزء من حي الدعتور ، القرية تطورت بفعل التوسع العمراني وصارت أقرب للحي الكبير أو ما يشبه الضاحية ضمن مدينة "اللاذقية"، وتبعد عن مركز المدينة 4 كم».

يمتد حي دمسرخو من دوار الأزهري جنوباُ إلى دوار "رأس شمرا" المعروفة بمدينة "أوغاريت" شمالاً مع البساتين، وغرباً البحر والشاطئ الأزرق، وشرقاً جزء من حي الدعتور ، القرية تطورت بفعل التوسع العمراني وصارت أقرب للحي الكبير أو ما يشبه الضاحية ضمن مدينة "اللاذقية"، وتبعد عن مركز المدينة 4 كم

ويتابع "رجب" حديثه بالقول: «تضم القرية مقاماً للشيخ الجليل "ابن هانئ" ومسجداً باسمه، وهناك تقليد قديم حيث يقوم الشباب بزيارة المقام مرتين بالعام من خلال مسير مسافته 5كم يشارك به ما يقارب ألف شخص حاملين البيرق، وكانت الزراعة عصب حياتنا لعشرات السنين، فالبساتين تزيّن القرية من كل أطرافها لتبدو كالعقد الذي يلف عنق الفتاة، ومن الزراعات التي كانت سائدة زراعة الخضار الباكروية بجميع أنواعها، وكان للمناخ المعتدل دور بنضوج الخضار الباكورية، ومنها "البندورة والخيار والفليفلة والفاصولياء واللوبياء والملوخية والباذنجان" كما تشتهر القرية بزراعة الزيتون والحمضيات والتبغ الذي يتميز بجودته، لكن وللأسف فإن الزراعة بشكل عام تراجعت بسبب التوسع العمراني، فالمباني قضمت البساتين واحداً تلو الآخر لتتقلص المساحة الخضراء كثيراً».

ميسم رجب وبساتين دمسرخو خلفه تواجه الامتداد العمراني

حي سكني

الييوم بستان وغداً يتحول إلى كتلة إسمنتية

ويضيف: «تضم القرية مدرسةً ابتدائيةً وإعداديةً وثانويةً، وهناك روضةٌ تابعة لمديرية التربية ومستوصفٌ صحي ومؤسسةٌ علمية ومديرية جيولوجيا وفرنٌ آلي تستفيد منه القرى والمناطق المجاورة والمدينة، وجمعية فلاحية وجمعيات سكنية وثلاثة مساجد، وفي القرية جمعية خيرية تأسست عام 2009 وهي تقدم خدمات وإعانات مادية للمحتاجين إضافة للرعاية الصحية بالتعاون مع الهلال الأحمر، وتتميز القرية بعشق أبنائها للتعليم فهناك عشرات الأطباء بمختلف الاختصاصات أبدعوا وتخطت شهرتهم المحافظة، ومنهم من حصل على براءة اختراع في صناعة وتطوير الأسنان بالليزر، وبرزت القرية رياضياً من خلال عدد من الأبطال برياضة الكاراتيه والملاكمة وألعاب أخرى ونال لاعبوها بطولات على مستوى الجمهورية والعرب، وفي القرية ملعبا تدريب لكرة القدم من العشب الصناعي».

أصل التسمية

المهندس المدني "هادي علي قنجراوي" يشير في حديثه للمدوّنة إلى أن تسمية "دمسرخو" تعود إلى جذور أوغاريتية كما هو حال كثير من مناطق المحافظة "كلماخو، ستمرخو، ودمسرخو" و"سرخو"، يعني السهل المنخفض وفير المياه، والكلمة كاملة تروي مقتل "هابيل" على يد أخيه "قابيل "، فسرى دمه لتصبح "دم سرخو"، و"ستمرخو" السهل المنبسط، و"كلماخو" الهضبة المرتفعة وهذا يؤكد أن أبناء حضارة "أوغاريت" سكنوا المناطق الثلاثة، ويضيف : «لدينا مناطق أثرية منها "التكرخا" وهي مكان لتجمع المسافرين، و"القمودة" كناية عن "القموديا" وهي إشارة إلى القيامة، و"نقيوم" وهي إشارة إلى مكان المياه، وكان أهل تلك الحضارة يحجون إلى منطقة "القمودة" لاعتقادهم أن طائر العنقاء سيقوم من تلك المنطقة، لهذا قاموا ببناء معبد قديم، وفي نفس المقام يوجد حالياً مقام "الشيخ ضاهر" ولا ندري إن كان هذا المقام قد أقيم على أعتاب المعبد القديم الذي يعود إلى آلاف السنين، ويمتاز المقام بأربعة قناطر داخله، ويرجح أنها تعود إلى ما قبل الفتح الإسلامي كون القناطر مبدأ اعتمدته الحضارات الشرقية القديمة ومنها "السومرية" و"الأوغارتية" و"الفرعونية"».

صورة حديثة من القرية

معالم سياحية

"فادي العش" أحد أبناء "دمسرخو" يقول: «قريتنا مجاورة للبحر الذي كان ولا يزال باباً للرزق للكثير من أبناء القرية، حيث يتم الصيد بالقصبة والطعم، وما زلنا نحافظ على عادة المسير الذي نقوم به إلى مقام "ابن هانئ" والذي ينطلق من شروق الشمس، وهناك يتم تقديم الأكلات الشعبية ومنها "كبب بالسلق" وحلو المعمول، وتضم القرية فريقاً شبابياً متطوعاً اسمه "فريق أرض القرمز" لديه أنشطة اجتماعية وبيئية ومسير، ولدينا الكثير من منشآت السياحة والاصطياف منها الفندقية ذات الخمس نجوم والشاليهات والمسابح التي تقع ضمن حدود "دمسرخو" وهي "منتجع الشاطئ الأزرق، روتانا، والمريديان، ومسابح جول جمال، المعلمين، ونادي الضباط"، والأهم هو الصرح الحضاري والرياضي والذي يعدّ من أهم المعالم الرياضية على مستوى المنطقة وهو مدينة الأسد الرياضية، الصرح الرياضي الذي استضاف فعاليات دورة المتوسط العاشرة عام 1987».