منذ نشوء الممالك الأولى للحضارة السورية، اعتاد السوريون القدماء إحياء الشعائر والطقوس في مطلع نيسان احتفالاً بتجدد الحياة وقدوم موسم الخير والعطاء والوفرة، وقد أطلق على هذه الاحتفالات "رأس السنة السورية"، لكنّ الباحثين التاريخيين وعلماء الآثار رفضوا بالدليل والشواهد التاريخية تسمية المناسبة بـ"أكيتو بريختو" وشككوا حتى بوجود تقويم سوري يعود إلى 6700 سنة.

معلومات شائعة

تزوّدنا محركات البحث عن بعض المعلومات البسيطة عما يدعى بالسنة السورية أو التقويم السوري، وهي معلومات خالية من ذكر أي مصدر أو مرجع، تداولتها بعض المواقع الإلكترونية نسخاً عن بعضها، ومن هذه المعلومات ما يتحدث عن قدم التقويم السوري بالنسبة للتقويم الفرعوني، إذ سبقه بخمسمئة عام، كما تحدثت عن ارتباطه بـ"عشتار" الأم منجبة الحياة، ووصفتها بـ"أم الزلف"، التي ما زال أهالي الأرياف يتغنون بها، كذلك أكدت المعلومات المذكورة أن احتفالات السنة السورية تبدأ من الحادي والعشرين من آذار، لتبدأ بعدها الاحتفالات الدينية وتبلغ ذروتها في عيد رأس السنة السورية في الأول من نيسان، ثم تستمر للعاشر منه، وخلال هذه الفترة كان يحرّم تأنيب الأطفال ومعاقبة العبيد وانعقاد المحاكم، أما أسماء الشهور السورية بحسب روايات تلك المواقع فلا تزال على حالها منذ القدم، وهي متّصلة بدورة الطبيعة، فآذار شهر الزهر، ونيسان الربيع، وأيار النور، وحزيران الحصاد، وتموز فقدان المخصّب حبيب "عشتار"، وأيلول شهر الولولة، وهكذا، لكن نتائج البحث أيضاً لم تؤكد مثل هذه المعلومات من خلال مصادر موثقة، ولا حتى من خلال المهتمين بالتراث والعادات والتقاليد وبعض الكتّاب، الذين فقط اكتفوا بنسخ ونشر ما ذكرناه من معلومات.

الحقيقة أن "سورية" احتفلت منذ نشوء القرى الأولى بطقوس قدوم الربيع، بعد أن بدأت الثورة الزراعية في الألف الثامن قبل الميلاد، حينها انتقل الإنسان من لاقط إلى إنسان منتج ومستهلك، فقد بدأت هذه المجتمعات القروية احتفالاتها بقدوم الربيع وبدء موسم الفلاحة والزراعة وجني الثمار في نيسان، وفيه أيضاً قدموا القرابين لحماية قراهم من الشر والأوبئة، ونصّبوا الآلهة وأقاموا شعائر التقديس، وفي نيسان انتشرت عبادة الشمس والقمر لشدة وضوحهما في هذه الفترة، بالإضافة إلى أن نيسان هو موسم وفرة المياه وفيضان الأنهار والينابيع، لذلك فأعياد رأس السنة قديماً جميعها كانت تبدأ في مطلع الربيع منذ فترة الممالك الأولى للحضارة السورية والرافدية والمصرية، فيقال رأس السنة السورية و رأس السنة الرافدية ورأس السنة المصرية والآشورية والكلدانية...الخ، أما التقويم فهو مختلف تماماً بين مجتمع وآخر، وقد ارتبط بأحداث تاريخية كمعركة أو وفاة شخصيةٍ مرموقة أو تنصيب ملك وغيرها من الأحداث، فنجد التقويم السلوقي والغريغوري والميلادي (ميلاد السيد المسيح)، والهجري (هجرة الرسول الكريم إلى المدينة المنورة). ## دلالات خطيرة أطلق على رأس السنة السورية تسمية عيد "أكيتو" وقال البعض أنه يعود إلى أكثر من 6700 سنة، لكن الدكتور "محمد شاهين" يؤكد أنه على معتنقي فكرة عيد "أكيتو" التركيز في عدة نقاط بحسب قوله: «من أبرز الأخطاء هو الاسم نفسه أي رأس السنة السورية، وهذا له دلالات خطيرة، فكلمة "سورية" تعود من حيث أقدم وثيقة مكتوبة للقرن الثامن قبل الميلاد فقط، والتقويم يُنسب إلى الألف السابع قبل الميلاد، بالإضافة إلى تجاهل كل أعياد الربيع في حضارات العراق القديم (تقديس الأرض في مجتمعات زراعية)، بينما في سورية أصبح العيد بداية تقويم وكأن سورية جزيرة في بحر لا يرتبط بها تاريخياً، وهذا ما يدعى "بكتابة التاريخ ضمن إيديولوجيات سياسية ضيقة"، أيضاً العام الذي يؤرّخ له هذا العيد مخالف لمقولة (التاريخ من دون آثار هو مجرد أسطورة)، فأقدم نص أثري تم اكتشافه يعود للحضارة السومرية التي عُثر عليها في مدينتي "أوروك" و"أور" جنوب "العراق"، وترجع الحضارة للألفية الرابعة قبل الميلاد، كما أن أقدم النصوص المكتوبة في "سورية" يعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، لهذا فالحديث عن أكثر من ستة آلاف سنة هو منطق غير علمي خاصةً وأنه جاء سابقاً لاختراع الكتابة، وغير موثق تاريخياً ولا يوجد أي أثر مادي يؤرخ بالفعل لهذا العيد أو هذا التقويم، بالإضافة إلى أنه وكما يؤكد الباحثون التاريخيون أن كلمة "أكيتو" لا يوجد لها أي معنى في أي قاموس يتحدث اللغات القديمة

وهنا يؤكد الباحث الدكتور"بهجت قبيسي" أن وجود مثل هذه المناسبة قديماً هو موضوع نسبي لا يخلو من الحقيقة، لكن لا توجد أي وثيقة أو مرجع أثري يمكن التركيز عليه ليؤكد حقيقة هذا التقويم، أما كلمة "أكيتو" فلا وجود لها أبداً، واللفظ الصحيح لحروف الكلمة "حجيتو" أو "هجيتو".

احتفلت الحضارات القديمة بالربيع منذ آلاف السنين

في مطلع نيسان

نعم توجد سنة سورية، لكن أن نؤرّخَ التقويم السوري بـ6700 سنة، فهذا كلام غير صحيح ولا يمت للواقع بأي صلة، إنما في القرن الثالث قبل الميلاد كانت تقام احتفالات كثيرة متعددة الطقوس والشعائر، لكن التقويم حينئذٍ لم يكن موجوداً أبداً بحسب ما قال الباحث والعالم في الآثار الدكتور "بسام جاموس" الذي التقته مدوّنة وطن، ويتابع: «الحقيقة أن "سورية" احتفلت منذ نشوء القرى الأولى بطقوس قدوم الربيع، بعد أن بدأت الثورة الزراعية في الألف الثامن قبل الميلاد، حينها انتقل الإنسان من لاقط إلى إنسان منتج ومستهلك، فقد بدأت هذه المجتمعات القروية احتفالاتها بقدوم الربيع وبدء موسم الفلاحة والزراعة وجني الثمار في نيسان، وفيه أيضاً قدموا القرابين لحماية قراهم من الشر والأوبئة، ونصّبوا الآلهة وأقاموا شعائر التقديس، وفي نيسان انتشرت عبادة الشمس والقمر لشدة وضوحهما في هذه الفترة، بالإضافة إلى أن نيسان هو موسم وفرة المياه وفيضان الأنهار والينابيع، لذلك فأعياد رأس السنة قديماً جميعها كانت تبدأ في مطلع الربيع منذ فترة الممالك الأولى للحضارة السورية والرافدية والمصرية، فيقال رأس السنة السورية و رأس السنة الرافدية ورأس السنة المصرية والآشورية والكلدانية...الخ، أما التقويم فهو مختلف تماماً بين مجتمع وآخر، وقد ارتبط بأحداث تاريخية كمعركة أو وفاة شخصيةٍ مرموقة أو تنصيب ملك وغيرها من الأحداث، فنجد التقويم السلوقي والغريغوري والميلادي (ميلاد السيد المسيح)، والهجري (هجرة الرسول الكريم إلى المدينة المنورة).

دلالات خطيرة

أطلق على رأس السنة السورية تسمية عيد "أكيتو" وقال البعض أنه يعود إلى أكثر من 6700 سنة، لكن الدكتور "محمد شاهين" يؤكد أنه على معتنقي فكرة عيد "أكيتو" التركيز في عدة نقاط بحسب قوله: «من أبرز الأخطاء هو الاسم نفسه أي رأس السنة السورية، وهذا له دلالات خطيرة، فكلمة "سورية" تعود من حيث أقدم وثيقة مكتوبة للقرن الثامن قبل الميلاد فقط، والتقويم يُنسب إلى الألف السابع قبل الميلاد، بالإضافة إلى تجاهل كل أعياد الربيع في حضارات العراق القديم (تقديس الأرض في مجتمعات زراعية)، بينما في سورية أصبح العيد بداية تقويم وكأن سورية جزيرة في بحر لا يرتبط بها تاريخياً، وهذا ما يدعى "بكتابة التاريخ ضمن إيديولوجيات سياسية ضيقة"، أيضاً العام الذي يؤرّخ له هذا العيد مخالف لمقولة (التاريخ من دون آثار هو مجرد أسطورة)، فأقدم نص أثري تم اكتشافه يعود للحضارة السومرية التي عُثر عليها في مدينتي "أوروك" و"أور" جنوب "العراق"، وترجع الحضارة للألفية الرابعة قبل الميلاد، كما أن أقدم النصوص المكتوبة في "سورية" يعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، لهذا فالحديث عن أكثر من ستة آلاف سنة هو منطق غير علمي خاصةً وأنه جاء سابقاً لاختراع الكتابة، وغير موثق تاريخياً ولا يوجد أي أثر مادي يؤرخ بالفعل لهذا العيد أو هذا التقويم، بالإضافة إلى أنه وكما يؤكد الباحثون التاريخيون أن كلمة "أكيتو" لا يوجد لها أي معنى في أي قاموس يتحدث اللغات القديمة».

ويشير "شاهين" إلى أنه تم طمس عيد الربيع (الأرض) الذي كان شائعاً عند الكثير من الشعوب السامية من الأكاديين والأموريين والبابليين والآشوريين والفينيقيين والكلدان، تحت تأثير مفهوم عقيدة عشتار المأخوذة من تراث شعبي غير مكتوب، والادعاء بأن تلك الاحتفالات عند هذه الشعوب قامت بمناسبة رأس السنة السورية، وأن دبكات وأغاني أم الزلف لم تكن بسبب عودة الأرض للحياة بل بسبب حلول رأس السنة السورية، وهذا ما يعد -حسب وصفه- طمساً مرعباً، وخلطاً مجحفاً بين التراث الشفهي والمكتوب للوصول إلى ربط تلك المناسبات بتقويم يعدُّ حتى الآن وهمياً يدعى "بأكيتو".