مع بداية كلّ صباح يخرج الدكتور "بليغ غرز الدين" من منزله متجهاً إلى عمله الإنساني والطبي الذي رهن نفسه له مُذ كان على مقاعد الدراسة، وهو الذي خطّ لنفسه أسلوب حياة ونهج عمل يقوم على أساس التقرب من المرضى والتركيز على العامل النفسي لديهم، ليساهم ما أمكن في تخفيف آلام مرضى السرطان ومساعدة من يطلب منه المساعدة، فجملة "الله يوفقك" من امرأة مسنّة تعادل على حدّ قوله مال الدنيا.

إطلالة سريعة

عمل الدكتور "بليغ غرز الدين" خلال مسيرته الدراسية والعملية بكل جد وإصرار على بلوغ مبتغاه، مدعوماً بجوّ أسري خاص، وهو المولود في منزل له علاقة خاصة مع العلم، فوالده واحد من المعلمين الأوائل لمادة اللغة العربية في "السويداء"، وتضم أسرته المهندس والطبيب وخريج التجارة والاقتصاد والحقوق، ومرتبته الرابعة بين أشقائه كطبيب أيضاً.

مع مرور الوقت تكونت بيني وبين مرضاي علاقة وطيدة، أشعر بالسعادة لمساعدتهم أو التخفيف من معاناتهم.. فالطب مهنة إنسانية وأنا على قناعة أن المحتاج حين تساعده يرسم في داخلك أيقونة من الفرح والسعادة، لا يعادلها أي عائد مادي مهما كبر، فحينما تقف امرأة مسنة أمامك وتخاطبك بلهجتها المحلية "روح يا دكتور الله يوفقك ويخليك لأهلك ويحميك" تشعر بسعادة كبيرة لا توصف، وهذه الدعوة تعادل عندي أموال الدنيا كلها

يقول الدكتور غرز الدين" الاختصاصي بأمراض الدم خلال حديثه لمدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 18 آب 2021 : «ولدت ضمن أسرة محبّة للعلم والتفوق، فإضافة للوالد وهو المعلم والمربي والموجه لمادة اللغة العربية، كانت والدتي عنواناً للطموح والإصرار والمثابرة، فقد نالت الشهادة الثانوية بعد الولد الرابع.. كنت محباً للرياضة وخاصة كرة القدم التي ما زالت تسيطر على رغباتي حتى اليوم من خلال متابعتي لأهم المباريات على مستوى العالم، إلى جانب التفوق في تحصيلي العلمي الذي رافقني منذ الصفوف الأولى حتى الثانوية في ثانوية "قاسم جمعة" بالسويداء، ورغم رغبتي في البداية بدراسة الصيدلة إلا أنه وأمام إصرار أسرتي اتجهت لدراسة الطب في جامعة "دمشق"، علماً أن لدي شقيقة طبيبة وهي أخصائية في الجراحة العصبية، وكانت رغبتي في اختصاص الداخلية الذي يعدّ أمّ الاختصاصات الطبية».

الدكتور عدنان مقلد

قيمة مضافة

د. بليغ غرز الدين بعد تعب

يتابع الدكتور "غرز الدين" بالقول: «في عام 2005 تخرجت من كلية الطب، وعلى الفور سجلت في اختصاص الداخلية، حتى عام 2010، وكان ميلي باتجاه دراسة أمراض الدم.. كنا ثلاثة عشر طالباً يرغبون في دراسة هذا الاختصاص حينها ونجح منا خمسة فقط، أتممت دراسة اختصاص أمراض الدم وأنهيت التخصص في عام 2016، ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول مساعدة المرضى وخصوصاً مرضى السرطان، منتهجاً فكرة أن التقرب من المريض نفسياً ومحاولة إشعاره بالراحة والطمأنينة يكسبانه قوة استجابة لتلقي العلاج، ونتيجة لدراسة علمية وجدت أن نسبة 25 % من نجاح طرق علاج السرطان تترافق مع العامل النفسي، وهذا النهج حقق لي ميزة نسبية وقيمة مضافة اجتماعياً».

أيقونة فرح

يخرج الدكتور "غرز الدين" من منزله صباح كل يوم إلى المشفى الوطني ليتابع مرضاه هناك، ثم يذهب إلى عيادته ويظل فيها أحياناً حتى ساعة متأخرة ليلاً، كي لا يعود أي مريض خائباً، وجلّ همه -كما يقول- التخفيف من أعباء هذا المرض "السرطان" المكلف مادياً والمؤلم جسدياً.

الدكتور بليغ وإجراءات الفحص

يصف الطبيب علاقته مع مرضاه بالقول: «مع مرور الوقت تكونت بيني وبين مرضاي علاقة وطيدة، أشعر بالسعادة لمساعدتهم أو التخفيف من معاناتهم.. فالطب مهنة إنسانية وأنا على قناعة أن المحتاج حين تساعده يرسم في داخلك أيقونة من الفرح والسعادة، لا يعادلها أي عائد مادي مهما كبر، فحينما تقف امرأة مسنة أمامك وتخاطبك بلهجتها المحلية "روح يا دكتور الله يوفقك ويخليك لأهلك ويحميك" تشعر بسعادة كبيرة لا توصف، وهذه الدعوة تعادل عندي أموال الدنيا كلها».

أيادٍ بيضاء

بدوره يشير الدكتور "عدنان مقلد" أخصائي الأمراض الداخلية ورئيس جمعية أصدقاء مرضى السرطان إلى أن الدكتور "بليغ" يعد من الأطباء الشباب الذين خطّوا لأنفسهم نهجاً متميزاً في العلاج والمعاملة والخبرة، فما دخل عيادته مريض إلا وتكوّن لديه انطباع نفسي وشعر بالارتياح من أسلوبه وطريقة علاجه. مضيفاً بالقول: «لقد حقق الدكتور "بليغ" وخلال فترة قصيرة حضوراً متميزاً على ساحة المحافظة، وذلك بفضل علاقته الوطيدة بمرضاه ومساعدته لهم، ومتابعته الحثيثة لحالتهم في أوقات مختلفة، وأياديه البيضاء، إذ قلما يأتيه مريض ويعلم مدى حاجته إلا ويقدم له المساعدة المادية والدوائية، والأهم أنه يعمل يومياً لساعات طويلة خدمة لمهنته الإنسانية، وغالباً ما يساهم في معالجة الحالات التي نرسلها له من قبل جمعية أصدقاء مرضى السرطان بكل صدق وأمانة.. إضافة إلى متابعته لأحدث المستجدات العلمية في مجال اختصاصه، وعمله على تطوير دراسته بأحدث العلوم التطبيقية على مرض السرطان الذي بات يشكل قلقاً في "السويداء"».