تعدُّ "هويسة الحمص" عادة اجتماعية اتفق عليها الأهل والأجداد في قرى "جبل العرب" منذ قرون عديدة، وهي تقليد احتفالي ارتبط بمواسم زراعة الحمص الوفيرة والمميزة، التي تجلب معها البهجة والسعادة، وتحمل معها قيم التكافل والتعاون المجتمعي الذي كان ولا يزال سائداً بين أفراد المجتمع، إذ تتم دعوة الأهل والأصدقاء إلى مكان واسع من المنزل أو البيدر وتنفيذ "الهويسة".

تقليد موسمي

يقول "خالد بو صعب" صاحب الدعوة إلى "الهويسة" في قرية "الرحا" في حديثه لموقع مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 18 تموز 2021 ": «هناك عرف اجتماعي في العديد من قرى "جبل العرب" وخاصة التي تزرع محصول الحمص، أنها تتبع تقاليد اجتماعية موسمية، إذ كثيراً ما يجتمع أهالي القرية وخاصة أصحاب العقول الراجحة والمعروفة أنها من قادة الرأي في المجتمع، بغية تداول شؤون القرية والعمل على حل الخلافات والنزاعات إن وجدت، حيث يجتمع شمل المقربين والمحبين، وبأهازيج وأغاني المواسم المعروفة تراثياً يتم جمع جزء من إنتاج الحمص في ساحة عامة أو أمام منزل الداعي، ويتم إشعال النار به حتى يرمد... ثم تجتمع الناس حوله ويتناولون الحمص ذا الطعم اللذيذ والرائحة المميزة».

تأتي الدعوة الى "الهويسة" كتعبير واضح عن تمتين روابط العلاقة المجتمعية واستمراريتها، لما لها من مآثر اجتماعية طيبة وتعزيز لقيم الإخاء والإيثار للجار والدار، حيث يتم إجراء الهويسة ويتناول المدعوون الحمص في أجواء من المحبة والألفة والشعور بجمالية التراث الأصيل الذي ربما أبعدتنا عنه عوامل الحضارة وتقنية الحياة المتجددة المتطورة، والأهم شعور انطباعي في إعادة عوامل التراث علّها تساهم في انتزاع ما بداخلنا من تراكم شوائب الحياة وصعوبتها

الكل شركاء

ويضيف "بو صعب": «هي عادة من العادات العربية الأصيلة التي تم التوافق عليها لتصبح تقليداً موسمياً، ذلك أن الحضور على اختلاف أطياف المجتمع يصبحون شركاء بالإنتاج من حيث المبدأ الأخلاقي، أي لا بدّ لكل فرد يملك أرضاً بجانب الآخر المحافظة على جاره من المشاكل والإشكاليات والتعديات، وهذا التكافل يحول دون حصول النزاعات التي لو حدثت يتم حلها من خلال جلوس الجميع حول "هويسة الحمص" ويبدأ المعزب أو الداعي بدعوة الحضور وهنا يتقدم الأكبر سناً من عائلة الداعي ويدعو الحضور بالقول: "يا أهلنا يا أقاربنا على العيش الحلو والمر وعلى المحبة نجتمع ومن عواده دائماً بكل موسم خير تفضلوا على الميسور من خير الله والأرض"».

تناول الهويسة

التكافل والإيثار

تجمع الهويسة

ويبين أحد الحضور "فاضل أبو زكي" وهو من أهالي قرية "الرحا" أن "هويسة حمص" من العادات الجبلية المنتشرة في قرى "جبل العرب" منذ القدم، وهي ذات طابع مميز في طريقتها، فهي تعكس شعوراً خاصاً بارتباط الفرد بتاريخه ومجتمعه وأرضه، كما تحمل في طياتها الكثير من المعاني كتعزيز ثقافة التكافل الاجتماعي والإنساني.

ويتابع" أبو زكي" حديثه بالقول: «تأتي الدعوة الى "الهويسة" كتعبير واضح عن تمتين روابط العلاقة المجتمعية واستمراريتها، لما لها من مآثر اجتماعية طيبة وتعزيز لقيم الإخاء والإيثار للجار والدار، حيث يتم إجراء الهويسة ويتناول المدعوون الحمص في أجواء من المحبة والألفة والشعور بجمالية التراث الأصيل الذي ربما أبعدتنا عنه عوامل الحضارة وتقنية الحياة المتجددة المتطورة، والأهم شعور انطباعي في إعادة عوامل التراث علّها تساهم في انتزاع ما بداخلنا من تراكم شوائب الحياة وصعوبتها».

الأصدقاء والأهل