تعدُّ الأزياء الشعبية في الساحل السوري جزءاً من التراث المادي للمنطقة، الذي شهد تطورات عدّة في مراحل امتدت لمئات من السنين، كما عبّر اللباس عن مدى انسجام الإنسان مع بيئته، وخصوصاً في الريف حيث تتشابه الأزياء التقليدية الخاصة عند كل من الرجل والمرأة، أما الاختلاف فذلك الذي فرضته طبيعة كل منطقة ومناخها والخامات المتوافرة فيها، إذ ارتبطت بعض الألبسة بحرفٍ عمل بها معظم أهالي الريف وكانت تشكّل مصدر دخلهم الرئيسي، من أبرزها صناعة الحرير وغزل الصوف ودباغة الجلود.

لكل مرحلة زيُّها

ترى السيدة "جمانة حرفوش" المهتمة في البحث بتراث الساحل السوري، أن اللباس القديم تميز بكونه فضفاضاً ومحتشماً ومتنوع الألوان، وكان الاختلاف في شكل اللباس بسيطاً بين منطقة وأخرى، وحسب "حرفوش" يقسم الزي التراثي إلى عدّة أنماط لكل منها عدة نماذج وفي ذلك تقول: «كان للباس الشابة نموذجان، الأول يتكون من غطاء للرأس يسمى المنديل، ويصنع من الحرير الطبيعي، أيضاً الفستان الطويل وله (زمة خصر) وحزام يثبت عليها، وعلى جانبي الفستان وأسفله (كشكش) يُزم بطول 30 سنتيمتراً تقريباً، وتحته ترتدي الشابة ما يسمى محلياً بـ"السملوقة"، وهي بيجاما في أسفلها ثلاثة انثناءات، ثم (كشكش) بطول ثلاثة إلى أربعة سنتيمترات، وقد جرت العادة أن تكون "السملوقة" حمراء اللون، وفي وقت لاحق تحولت للون الأبيض المنقط أو المزركش، أما الحذاء فقد كان من (الغوما) أو الجلد، وهناك من تحملن تكاليف شراء (الكندرة الطرابلسية)، أما النموذج الثاني فقد اختلف في نوعية الفستان، حيث كن يستخدمن قماش المخمل المزركش ومتعدد الألوان، مع (زمة خصر) أيضاً، لكن الحزام متحرك على عكس الحزام في النموذج الأول، وله جدائل تتدلى على الصدر أو الظهر، وفي طرفها جديلة من الجلد أو القماش تضاف إلى الجدائل الأصلية».

كان للباس الشابة نموذجان، الأول يتكون من غطاء للرأس يسمى المنديل، ويصنع من الحرير الطبيعي، أيضاً الفستان الطويل وله (زمة خصر) وحزام يثبت عليها، وعلى جانبي الفستان وأسفله (كشكش) يُزم بطول 30 سنتيمتراً تقريباً، وتحته ترتدي الشابة ما يسمى محلياً بـ"السملوقة"، وهي بيجاما في أسفلها ثلاثة انثناءات، ثم (كشكش) بطول ثلاثة إلى أربعة سنتيمترات، وقد جرت العادة أن تكون "السملوقة" حمراء اللون، وفي وقت لاحق تحولت للون الأبيض المنقط أو المزركش، أما الحذاء فقد كان من (الغوما) أو الجلد، وهناك من تحملن تكاليف شراء (الكندرة الطرابلسية)، أما النموذج الثاني فقد اختلف في نوعية الفستان، حيث كن يستخدمن قماش المخمل المزركش ومتعدد الألوان، مع (زمة خصر) أيضاً، لكن الحزام متحرك على عكس الحزام في النموذج الأول، وله جدائل تتدلى على الصدر أو الظهر، وفي طرفها جديلة من الجلد أو القماش تضاف إلى الجدائل الأصلية

لباس السيدات

وتتابع "حرفوش" وصفها للباس التراثي بالقول: «وكما أنّ للباس الشابة نموذجين، كذلك لباس السيدات، ففي النموذج الأول نرى الفستان المزركش كثير الألوان، مزموم الخصر مع حزام من الحرير أو القماش المزين بالخيوط الذهبية، يقال له بالعامية (زنار مقصّب)، أما في النموذج الثاني فالفستان مزركش أيضاً، يتكون من عدة طبقات عند الخصر مرتبة بشكل متتالٍ، وحزام ثابت على الخصر يتدلى من أحد جوانبه، وعلى الجانب الآخر يربط الحزام بـما يسمى (إشارب) وهو ملون ويتدلى بالطرف المقابل للحزام، أما السيدات كبيرات السن فلهنّ أيضاً لباسهنّ الخاص وهو عبارة عن منديل الحرير، والفستان الملون تحته (السملوقة)، وهي مختلفة عن تلك التي في لباس الشابات والسيدات، كونها مزمومة بشكل دائري، وليست على طريقة (الكشكش)، بالإضافة إلى الجاكيت الطرابلسية، وسميت طرابلسية كونها كانت تصنع في "طرابلس".

حرفيات من طرطوس يلبسن الزي الشعبي

زيُّ العروس

وللعروس الساحلية قديماً لباسها الخاص الذي كان يُصنع من المخمل أو الحرير، وبحسب السيدة "حرفوش": «بعد أن تلبس العروس غطاء الرأس تضع ما يسمى "الجلوة" فوق الفستان، أما جهازها فكان عبارة عن (الكردان) وهو عقد مؤلف من ثلاث طبقات، والأساور و(الخروص) أي الحَلق الذي يوضع في الأذن، إضافةً إلى الخاتم و ما يعرف بـ (الناطور) الذي يوضع على الجبين، ومن أساسيات جهازها فستان (ردّة الرجل)، أي الفستان الخاص بعودة العروس لزيارة أهلها بعد مرور فترة معينة على زواجها، وبالطبع هناك من يزيد على جهاز العروس بحسب الإمكانيات المادية المتوافرة لدى كل عائلة.

وللذكور لباسهم الشعبي الخاص ويقسم إلى قسمين، لباس الشاب وهو عبارة عن (شروال) أبيض أو ملون، تعلوه صدرية فوقها جاكيت، ويضع على رأسه (الحطاطة أو البريم)، وفي جيب قميصه منديل قماشي، وحذاؤه غالباً ما كان يصنع من الغوما أو الجلد، أما لباس الرجل فيتألف من (القمباز) المصنوع من قماش الساتان، و(شروال) أبيض فوقه جاكيت، وعلى رأسه (حطاطة) بيضاء اللون, ومن الأساسيات الساعة التي غالباً ما كانت توضع في جيب الجاكيت.

صناعات تراثية

ارتبط اللباس الشعبي في منطقة الساحل بالعديد من المهن التراثية، كصناعة الحرير الطبيعي، حيث ينفرد الحرفي "اسماعيل حاج معلا" وأسرته بإنتاج الحرير بكافة المراحل التي تمر بها هذه الصناعة بدءاً من تربية دودة القز، وهي بحسب قوله حرفة ورثها عن آبائه وأجداده، حيث كانت غالبية أهالي ريف المحافظة يعملون بها، وقد ارتبطت فيها صناعات أخرى كالبروكار والدامسكو والأغباني، وقد تراجع العمل بإنتاج خيط الحرير منذ ما يزيد على عشرين عاماً، وعاد لإحيائها بمساعدة أسرته منذ العام 2008، فهو يربي دودة القز ومن خلالها ينتج خيوط الحرير الطبيعية، وباقي أفراد الأسرة يحيكون منها الملابس يدوياً وآلياً، ويرى أنه على الرغم من منافسة الحرير الصناعي، إلا أن إنتاج الحرير الطبيعي ما يزال يحجز مكانته الهامة سياحياً بين كل ما تحتويه المحافظة من حرف تقليدية أخرى.

ومن الألبسة التي ارتبطت بحرف تراثية قديمة، الملبوسات الصوفية التي كانت تحيكها النساء في الأرياف الجبلية شديدة البرودة، حيث الاعتماد على تربية الأغنام للاستفادة من صوفها بعد تحويله إلى خيوط ونسج مختلف أنواع الألبسة منها، أيضاً مهنة دباغة جلود الأغنام والماعز التي عمل بها الرجال قديماً فبعد تجفيفها وصباغتها كانوا يبيعونها للتجار لتحويلها إلى ملابس وأحذية جلدية.

جميعها صناعات أصبحت من الصناعات التراثية في يومنا هذا الذي غزت فيه الصناعات الحديثة كافة الأسواق، الأمر الذي استدعى تدخل الجهات الحكومية لدعم أصحاب الحرف، وهو تدخل لا يزال في بداياته وغير كافٍ إن لم تدعمه حملات ترويجية وتعريفية ومشاركات بمعارض خارجية تسهم في إيجاد أسواق لهذه المنتجات.