في بدايات حياته الدراسية، لم يكمل الدكتور الراحل "على سليم المير أحمد" دراسة الجيولوجيا في جامعة "دمشق"، ليقرر السفر إلى دولة "الكويت"، حيث عمل فيها حتى أمّن مصروف سفره ودراسته في "ألمانيا"، وتابع تحصيله العلمي فيها حتى نيله شهادة الدكتوراه في تقنية علوم الكمبيوتر، فكانت مفتاح نجاحه وأمضى حياته متنقلاً بين الدول العربية، عاملاً باختصاصه وحاملاً قضايا وهموم وطنه مخلصاً لها.

مسيرة حافلة

بعد حصوله على الثانوية العامة عام 1972، التحق بجامعة "دمشق" فرع الجيولوجيا ودرس السنة الأولى ثم تركها، وسافر إلى "الكويت" عام 1974، ليعمل في إحدى شركات التأمين، وظل هناك حتى 1977، ليغادر بعدها إلى "ألمانيا" ويسجل في قسم تقنية علوم الكمبيوتر في جامعة "برلين"، وبالتوازي مع دراسته كان يعمل في معهد تقني للمعلوماتية تابعاً للجامعة، وأنهى دراسة الدبلوم عام 1983، وتابع الدكتوراه لينهيها في 1986، ليلتحق بالعمل في شركة siemens الألمانية، وهي شركة متخصصة بتصنيع الأجهزة الإلكترونية، واستمر فيها حتى عام 1989، مغادراً إلى "أمريكا"، لكنه لم يبق فيها إلا بضعة أشهر بسبب رفض السلطات الأمريكية إلحاق زوجته به، وعاد إلى وطنه "سورية"، وعمل في إحدى الشركات الخاصة، وفي عام 1994 سافر إلى "الإمارات" وعمل في شركة لتطوير خدمات الأنظمة، كما شارك في إعداد منهاج التدريب فيها، وفي عام 1999 عمل في شركة هيئة مياه وكهرباء "أبو ظبي" وظل فيها حتى عام 2004.

رحلة الذكريات

تقول زوجة الراحل المربية "فكرة سمعول" في حديثها لمدوّنة وطن إن الدكتور "المير علي" عاد إلى "سورية" ليعمل مديراً في جامعة الوادي حتى 2007، ثم انتقل لـ"دمشق" وعمل مستشاراً تقنياً مع الأمم المتحدة في مقرها الكائن بـ "دمشق" ونفّذ برنامجاً لتطوير البرق والبريد في "سورية"، ولكنه استقال في 2014 رافضاً مغادرة البلاد رغم كل المغريات التي قدمت له، فعاد إلى مسقط رأسه في "سلمية"، ليعمل في مؤسسة "الأغا خان" كمدير لأحد المشاريع ضمن اختصاصه.

الصحفي عمار المير أحمد

وفي شهادة على تجربته يشير الصحفي "أمين ميرزا" وهو صديق للدكتور الراحل "المير أحمد" أنه نشأ وإياه منذ الطفولة، وكان الدكتور "علي" لطيفاً دمثاً، رياضياً ومتذوقاً للفن والأدب وخاصة الزجل، متابعاً حديثه بالقول: "لقد حمل الراحل هموم الوطن وقضاياه القومية، عندما عاد إلى"سورية" عام 1990 وجد عملاً في مؤسسة "الريكاردا" ولكن التعويض المادي كان ضئيلاً، ولا يتناسب مع تحصيله العلمي، فسافر إلى "الإمارات" وبعد أن أنهى عمله فيها سافر إلى "ليبيا" وعمل هناك على تحديث البرمجيات في عدد من الإدارات، لكنه عاد إلى "سورية" ثانية بعد ثمانية أشهر، وطوّر برامج البريد السوري حينها".

رجل الحوار

ويضيف "ميرزا" أن الدكتور" المير أحمد" استقر في "سلمية" فعمل كرجل حوار وساهم في ثبات السلم الأهلي، وعمل مع مؤسسة "الأغا خان" في برنامج مدته أربعة أشهر، كان يعمل بكامل طاقته، لدرجة أنه تعرض مرتين لذبحة قلبية وكان يحتاج لعمل جراحي، ولكنه كان يؤجله ريثما ينهي عمله، وقبل نهاية البرنامج بيومين، فاجأته الذبحة القلبية الثالثة، ولم يستطع تحملها فتوفي في 30 حزيران 2021 لتنتهي مسيرة عمله وتفانيه وإخلاصه"، مبيناً أن الدكتور الراحل سعى مع 17 مثقفاً، منهم المهندس "غطفان عجوب" و"عصام عزوز" والدكتور الصيدلي الراحل "عبد الكريم القصير"، وقدموا دراسة اقتصادية واجتماعية للخروج من الأزمة، وذلك في زيارة ولقاء السيد الرئيس "بشار الأسد" في عام 2012.

زوجة االدكتور المهندس الراحل فكرة سمعول

بصمات لا تمحى

الدكتور الراحل مع مثقفي سلمية للمساهمة في حل الأزمة

بدوره يقول الدكتور "ميلاد السبعلي" من "لبنان" وهو صديق وزميل عمل للدكتور الراحل "علي":" كان الدكتور الراحل مقرباً من الجميع، يحضر كل المناسبات فيضفي عليها رقياً وشاعرية ومحبة خاصة، ويهتم بالتفاصيل، وكانت فيروز شغفه الدائم.. لا أذكر موقفاً فيه نجاح أو إنجاز لم يكن الراحل موجوداً فيه وداعماً له، وتجلى ذلك من خلال دوره في تخطيط وتنفيذ الجامعة الافتراضية السورية، إلى العمل المشترك في المصالحة الوطنية، ودعم النازحين وتعليمهم، إلى تخطيط وتأسيس المدرسة الإلكترونية السورية بمرسوم رئاسي منذ 2014، إلى المواجهة المفتوحة مع المنظمات الدولية ومشاريعها المشبوهة".

ويتابع "السبعلي" بالقول: "كانت بصماته وما زالت في قلوب كل من عرفه وعمل معه، لقد رحل باكراً وهي خسارة لـ"سلمية"، وللوطن كله، وعزاؤنا أن مآثره في العمل ستظل باقية في نفوسنا جميعاً".

يذكر أنّ الدكتور "علي سليم المير أحمد" ولد في "سلمية" 1952 وتوفي في 30 حزيران 2021.

أجري هذا اللقاء في 7 تموز 2021.