دخلت رياضة الجمباز الإيقاعي إلى "سورية" مع بداية تسعينيات القرن الماضي، حيث شهدت تطوراً متواتراً إلى أن دخلت مع نهاية عقد التسعينيات إلى محافظة "طرطوس" لأول مرة، إذ استطاعت هذه الرياضة أن تحجز لنفسها مكانةً على الساحة الرياضية في المحافظة عبر فريقها الذي حقق أفضل النتائج على مستوى الجمهورية وخارجها على الرغم مما يواجهه من صعوبات فرضتها ظروف الحرب القاسية.

رياضة قديمة

يرجع تاريخ رياضة الجمباز إلى أربعة آلاف سنة تقريباً، وقد ذكر بعض المؤرخين أنها رياضة مستوحاة من البهلوانيات في "مصر" القديمة، وهذا ما أكدته العديد من النقوش والرسوم المكتشفة في مناطق الأهرامات والمقابر المصرية القديمة، أما الجمباز الإيقاعي فقد وُلد للمرّة الأولى عبر جمع النظامين الألماني في لعب الحركات الأرضية واستخدام القدرات الجسدية واللياقة البدنية، والسويدي للتمارين الحرّة المصاحبة للإيقاع، أما ظهوره بشكل رسمي فقد كان في العام 1940 في "الاتحاد السوفييتي" السابق، وقد تمّ ضم رياضة الجمباز الإيقاعي إلى الاتحاد الدولي للجمباز عام 1962 وفي العام 1964 أُقيمت أول بطولة على مستوى العالم، ومع حلول العام 1984 دخلت هذه الرياضة الألعاب الأولمبية في دورة "لوس أنجلوس".

تقوم اللاعبة بأداء حركات إيقاعية بشكل رشيق على أنغام موسيقية وهي تحمل بيدها إحدى أدوات اللعبة، وتتنوع فئات الجمباز الإيقاعي بين فئة البراعم التي تبدأ منذ سن الرابعة، ثم فئة الصغيرات، فالناشئات وفئة السيدات، وهاتين الأخيرتين هما المعنيتان بالمنافسات دولياً

للسيدات فقط

رياضة الجمباز الإيقاعي هي نوع خاص لمنافسات الجمباز مخصصة للإناث فقط، وعنها تقول المدربة "سراب خليل" التي التقتها مدوّنة وطن: «تقوم اللاعبة بأداء حركات إيقاعية بشكل رشيق على أنغام موسيقية وهي تحمل بيدها إحدى أدوات اللعبة، وتتنوع فئات الجمباز الإيقاعي بين فئة البراعم التي تبدأ منذ سن الرابعة، ثم فئة الصغيرات، فالناشئات وفئة السيدات، وهاتين الأخيرتين هما المعنيتان بالمنافسات دولياً».

مع المدربة سراب خليل

وتضيف: «ضمن البطولات تستخدم اللاعبات عدّةَ أدوات خاصة تتمثل بالصولجان والإطار والشريطة والكرة والحبلة، وتتمّ كل منافسة بأربع أدوات يحددها الاتحاد الدولي، مدّة كل جملة تتراوح بين دقيقة وربع إلى دقيقة ونصف للأداء الفردي، ودقيقتين وربع إلى دقيقتين ونصف للأداء الجماعي، يتم خلالها احتساب النقاط بحسب ما قدمته اللاعبة من أداء وتناسق في الحركة والصعوبات المنجزة من خلال لجنة تحكيمية مؤلفة من سبعة عشر حكماً».

فريق "طرطوس"

دخلت رياضة الجمباز الإيقاعي "سورية" عن طريق وكالة "جايكا" اليابانية في العام 1991، وفي العام 1998 دخلت اللعبة للمرة الأولى إلى محافظة "طرطوس"، عند انتقال المدربة "خليل" من "دمشق" بعد اتباعها عدّة دورات دولية بالتحكيم والتدريب والعمل مع المدربات اليابانيات، وبعد تأسيس فريق "طرطوس" للجمباز الإيقاعي، كان له العديد من المشاركات بعدّة بطولات على مستوى الجمهورية، وأحرز خلالها مراكز متقدمةً لعدّة سنوات، لكن وبسبب الظروف التي فرضتها الحرب على "سورية" توقف نشاط هذه اللعبة، ولم يقم الاتحاد أي بطولة منذ العام 2018، ومؤخراً كان للفريق مشاركةٌ هامةٌ عبر الانترنت في منافسة مقامة في الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من المدربة اليابانية "ساتكو آزامي" أحرز من خلالها الفريق إحد عشرة ميدالية.

بطلة الجمهورية آية الماغوط

رياضة المتعة

وتعدُّ اللاعبة "آية الماغوط" إحدى لاعبات فريق "طرطوس" للجمباز الإيقاعي وبطلة الجمهورية، حيث بدأت بممارستها منذ سن صغيرة جداً، وتقول والدتها "إيمان الخطيب" أن توجيه ابنتها لهذه الرياضة كان بدافع تعليمها مهارات جديدة وزيادة قوتها الجسدية، ولأنها رياضة تعدُّ من أكثر الرياضات متعة، ومن ناحية أخرى تعمل على بناء شخصية الطفل وزيادة ثقته بنفسه، بالإضافة إلى فوائدها الجسدية والعقلية، وبما أنها لعبة تعتمد الرقص فقد أكسبت ابنتها شغفاً إضافياً بالموسيقا كونها عازفة أيضاً، وأعطتها المزيد من الطاقة والاندفاع وحب الحياة، وبما أنها تقوم على عروض يقدمها الفريق بحركات متتابعة، فقد انعكس ذلك على تواصلها مع الآخرين، وساعدها على الاندماج مع المجتمع بشكل ملحوظ، كما زادت من قدرتها على الاستيعاب السريع والتعلم، وهذا ما لمسَته من تجربة ابنتها حسب تعبيرها.

وتختم حديثها بالقول: «الجمباز الإيقاعي رياضة راقية وعالمية وبرأيي إن الجهود المبذولة من قبل المدربين كبيرة جداً، لكنها تحتاج إلى دعم مادي أكبر، وتطوير أكثر لأساليب جديدة، وتدعيم معارف اللاعبات من خلال إقامة المعسكرات بالمشاركة مع فرق عربية وأجنبية لتبادل الخبرات واكتساب المهارات».

خطر الانقراض

وعلى الرغم من الفوائد التي يحققها الجمباز الإيقاعي من مرونة للجسم وقوة للعظام، ودوره في تطور الإدراك والمعرفة الذهنية، وبناء الجسم بشكل متناسق وجميل، وأثره في الصحة النفسية والمهارات الاجتماعية إلا أن هذه الرياضة في "سورية" -برأي المدربة "خليل"- تواجه خطر "الانقراض" بسبب قلة الكوادر المؤهلة، والابتعاد عن متابعة تطور اللعبة عالمياً، وعلى الرغم من سعي المدربة "خليل" للمشاركة بعدّة لاعبات من فريقها على مستوى العرب و"آسيا"، ومشاركتها في تحكيم العديد من البطولات العربية والآسيوية في عدّة دول، لكنّ فريق "طرطوس" للجمباز الإيقاعي ومنذ عدّة سنوات مغيّب عن المشاركات، بالإضافة إلى عدم وجود صالة مناسبة للتدريب، ومعوقات أخرى يواجهها تتمثل في صعوبة تأمين الأدوات والتجهيزات الخاصة باللعبة، متمنيةً على الاتحاد الرياضي التحرك بشكل سريع لإعادة إحياء هذه الرياضة الهامة، ووضعها على المسار الصحيح لها، من خلال استقطاب مدربات على مستوى العالم للرفع من مستوى اللعبة.