قبل 21 عاماً، ومن إحدى قرى جبال الساحل السوري، ومن قرية دائماً ما اشتهرت بالرمان والجوز والتين والزيتون إلى جانب جمال طبيعتها وغناها بأشجار السنديان والبلوط المعمر وتشكيلات تضاريسها المميزة، كانت انطلاقة مبادرة "طبيعة بلا حدود".

قرية "جيبول" بتراثها الفني الغني بالبيوت الحجرية والطواحين المائية، كانت الملهم الأول لابنها الراحل "حازم سليمان"، الاسم الذي ارتبط ذكره دوماً بالمناظر الخلابة والطبيعة الساحرة، الذي آمن بجمال بيئته وضرورة الحفاظ عليه ليصل إلى كل الأعين، كان إيمانه مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بهدف سعى لتحقيقه بكل إمكاناته مُذ كان في التاسعة عشرة، فكانت انطلاقة مؤسسة "طبيعة بلا حدود" عام 1999.

انطلقت الفكرة لتحقيق عدة أهداف أبرزها: حماية الغابات والحراج من التدهور والانحسار، حماية الحياة الفطرية وصون مكوناتها، رفع مستوى الوعي البيئي، مكافحة التلوث بأنواعه، تغذية ثقافة التطوع والمبادرة والتعاون والحوار والتفاعل الإيجابي في نسيج المجتمع، إضافة إلى خلق شكل من أشكال الحراك الاجتماعي والتبادل الثقافي وتوجيه ذلك الحراك في خدمة قضايا البيئة والتنمية عموماً، والترويج لسلوكيات بيئية حسنة عند الخروج إلى الطبيعة بقصد الاستجمام واستبدال السلوكيات المؤذية للطبيعة بسلوكيات أخرى تصونها وتحميها.

من فعاليات "طبيعة بلا حدود"

"التوعية"، "التعليم"، و"التربية" البيئية هي أساس عمل مؤسسة "طبيعة بلا حدود" وهي مسميات لفكرة واحدة تهدف الى توعية كل قطاعات المجتمع بالبيئة ليكون احترام البيئة بوازع من الضمير، فالتربية البيئية ليست مجرد معلومات تدرس عن مشكلات البيئة، إنما هي إيقاظ الوعي الناقد في جذور المشكلات البيئية، وتنمية القيم الأخلاقية التي تحسّن من طبيعة العلاقة بين الإنسان والبيئة بخلق النمط السلوكي العلمي السليم والصحيح تجاه البيئة.

هكذا يختصر "حسام سليمان" مدير مؤسسة "طبيعة بلا حدود" في حديث لمدوّنة وطن جوهر عمل المبادرة، ويضيف: «أسس الراحل "حازم سليمان" مؤسس "طبيعة بلا حدود" من خلال مسيرته للعديد من الأنشطة كرياضة المغامرة، التسلق، الإنزال الجبلي، التخييم، والمسر البيئية، بالإضافة للسياحة الريفية كعيد "الرمان" السوري الذي تقيمه المؤسسة كل عام، بالإضافة إلي العديد من أنشطة الاستكشاف والتوثيق والأنشطة التنموية الهادفة إلى صون الطبيعة وحمايتها، ولم يغفل "حازم سليمان" عن الندوات والمحاضرات التفاعلية إلى جانب الدراسات المسحية للأفاعي في الساحل السوري، والتعريف بالحيوانات والطيور والنباتات الطبية والعطرية الموجودة في مقاصد المسر وكيفية التعامل معها والحفاظ عليها، بالإضافة إلى السياحة الشتوية كمسير الزائر الأبيض (الثلج) ومسير المطر والنار والسباحة الشتوية، كما تم تأسيس فريق الكوارث البيئية المتخصص بالدرجة الأولى بإخماد الحرائق ليكون رديفاً لأصحاب الاختصاص من مديرية الزراعة والدفاع المدني وهم من أصحاب اللياقة البدنية والخبرة والمهارات العالية وكان لهم دورٌ مهمٌ في إخماد الحرائق في الساحل السوري، وهذا الفريق دوماً مستعدٌ لتلبية النداء عندما تحتاجه الطبيعة، كما اعتمدت مؤسسة "طبيعة بلا حدود" في نشاطاتها على همم ووعي الشباب واليافعين ممن لديهم إيمان راسخ بأن حماية الطبيعة واجب عليهم، ففتحت لهم باب التطوع في أنشطتها التنموية ليتم تثقيفهم بيئياً وتنمية خبراتهم ومعارفهم وتوعيتهم وتنبيههم إلى محاور الخطر وطرق الإنقاذ وتقديم المساعدة بأقل قدر ممكن من المخاطر، ومن توجهاتها الحالية إنشاء متحف بيئي يضم حالياً أربعة وخمسين نباتاً عطرياً وطبياً قابلين للزيادة، وهو في الوقت نفسه سيكون متحفاً للتراث الريفي، كما يتم العمل على تجهيز نزل بيئي لاستقدام رواد عموم الأراضي السورية لتعريفهم بجمال وغنى الساحل السوري".

مؤسس "طبيعة بلا حدود" الراحل "حازم سليمان"

وعن النشاطات التي قامت بها المؤسسة تابع "سليمان": «تنوعت الأنشطة والفعاليات التي أقامتها وشاركت بها المؤسسة خلال رحلتها الطويلة لتشمل نواحي عديدة كان من أبرزها حملات التشجير التي نفذت بشكل سنوي كأسبوع "الشجرة البيئي" ومشروع "رئة بانياس" وحملة تشجير "الباصية" في "بانياس" والتي تمت بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري وحملات أخرى مثل حملة تشجير في قرية "جيبول"، وحملة تشجير في قرية "بسنديانة"، فضلاً عن رحلات التدريب على التشجير بهدف توجيه المشاركين إلى طريقة الغرس الصحيحة، وزرع روح الإحساس بالمسؤولية تجاه هذه الغراس من خلال متابعة العناية بها وتقديم ما يلزمها من رعاية وسقاية خلال الأعوام اللاحقة، ولم تتوقف "طبيعة بلا حدود" عند عمليات التشجير بل تلتها بشكل سنوي حملات التقليم في غابات عين فتوح في قرية" بشراغي"، إلى جانب حملات عديدة لمكافحة دودة الصندل (الجادوب)، وحملات النظافة -بمشاركة الأطفال- التي أخذت جانباً كبيراً من اهتمام "طبيعة بلا حدود"، كحملات تنظيف شاطئ "الشقيفات"، وحملة توعية ميدانية للأطفال واليافعين على كورنيش "جبلة"، وتنظيف غابة "الخريبة" وغيرها من المناطق السورية الجميلة.

ومن المتطوعين تحدث "أحمد خازم" رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان قائلاً: «طبيعة بلا حدود" هي نموذج استكشافي، ترفيهي، تثقيفي، توعوي، وتطوعي في آن واحد، ضم فئات مختلفة من الشباب السوري المثقف من محافظات عدة، أخذوا على عاتقهم حماية الطبيعة الجميلة والحيوانات والنباتات النادرة الموجودة في الطبيعة، تشجير المناطق الجرداء في مناطق عدة من "سورية"، كما كان لها دور مهم في سنوات الأزمة من خلال خلق تعايش اجتماعي في المجتمع السوري وخلق ثقافة التسامح والتعايش مع الآخرين من خلال الندوات التوعوية والتثقيفية التي أقامتها في تللك الفترة، كما كان للتربية البيئية الخاصة بالأطفال حيزٌ من العمل، حيث نفذت العديد من المسر الترفيهية والتعليمية الخاصة بالأطفال واليافعين بهدف رسم الفرح، البهجة على وجوه الأطفال، وإغراقهم في المتعة الممنهجة المدروسة الممزوجة بالمعلومة والفائدة، إلى جانب تنمية مهارات التواصل الاجتماعي والتفكير لديهم من خلال الألعاب التفاعلية والفقرات التعليمية المدمجة، وبالنسبة لي فقد شاركت بالعديد من النشاطات والمسر الاستكشافية التي قامت بها المؤسسة منذ سنوات عدة".

أجري اللقاء بتاريخ 16 نيسان 2021.