بعد جماله وطيب رائحته يمنح زارعيه شراباً شهي المذاق، ومنه "ماء" برائحة الورد، في حين تعود صناعته تاريخياً إلى مراحل قديمة عرف فيها أهل الشام "الورد الجوري" وزرعوه.
تعدّ "الوردة الجورية" أكثر الأزهار انتشاراً وشعبية، حيث يزرعها السوريون حول منازلهم في الريف والمدينة، لرائحتها وجمال ألوانها، فقد تجاوزت هذه المزايا إلى الاستخدام الغذائي والطبي، من خلال النواتج العديدة التي يمكن الحصول عليها من معالجة هذه الورود، وأشهرها شعبياً "شراب الورد وماؤه" الذي اشتهرت به "الشام" قديماً، وصنعته السيدات كشراب للصيف، وعلاجاً لبعض المظاهر المرضية، واستمرت تقاليد هذه الصناعة وتوارثتها ربات البيوت.
تؤثر مدة الغلي على لزوجة الشراب وكميته التي تقل مع استمرار الغلي، في نفس الوقت تقل كمية "ماء الورد" حين نضعها في الكأس لشربها، فمثلاً حين نضع نصف الكأس "ماء ورد" ونصفه الآخر ماء في المزيج المغلي لمدة خمس ساعات، نضع ربع الكأس "ماء ورد" والباقي ماء عادياً في المزيج المغلي سبع ساعات، كما تؤثر درجة الخبرة في طعم المزيج ونكهته، من حيث السكر وحمض الليمون والنقع والغليان في جميع مراحل صناعة "ماء الورد"
عن كيفية تحضيره تقول السيدة "علا محمد" ربة منزل من مدينة "طرطوس" في حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 أيار 2014: «نقوم خلال فصل الربيع بجمع أزهار "الورد الجوري" في آخر أيام تفتح الأزهار وقبل تساقطها، نجمع الأزهار ونتركها حتى تذبل قليلاً، نغسلها ثم ننقعها بالمياه في وعاء كبير حيث تملأ الأزهار نصف الوعاء ونصفه الباقي مياه، ويضاف إلى المزيج عصير "الليمون الحامض" بما يعادل ثلاث حبات لكل 1 ليتر، وبعضهم يضيفون "ملح الليمون" بدل الليمون الحامض، وبعد مضي يوم كامل على المنقوع نقوم بالغلي، الذي يستمر حتى تفقد الوريقات لونها وتتحول إلى اللون الأبيض، ثم نعصر الأوراق ونزيل منها المياه تماماً، ثم نضع الماء الناتج على نار هادئة ونضيف إليه السكر بما يعادل نصف كيلو غرام لكل 1 ليتر ماء، أو أقل بقليل حسب الطلب، ويستمر الغلي لساعات طويلة تصل إلى خمس ساعات وأكثر، حيث تظهر في المزيج بعض اللزوجة، هنا يمكن إيقاف الغلي، ليبرد المزيج ويوضع في زجاجات ويخزن في البراد».
وتضيف: «تؤثر مدة الغلي على لزوجة الشراب وكميته التي تقل مع استمرار الغلي، في نفس الوقت تقل كمية "ماء الورد" حين نضعها في الكأس لشربها، فمثلاً حين نضع نصف الكأس "ماء ورد" ونصفه الآخر ماء في المزيج المغلي لمدة خمس ساعات، نضع ربع الكأس "ماء ورد" والباقي ماء عادياً في المزيج المغلي سبع ساعات، كما تؤثر درجة الخبرة في طعم المزيج ونكهته، من حيث السكر وحمض الليمون والنقع والغليان في جميع مراحل صناعة "ماء الورد"».
أما "ماء الزهر" فيتم الحصول عليه بطرائق بسيطة بتوفر آلة التقطير "الكركي"، وذلك بإضافة حوالي 5 ليتر ماء كمثال إلى 1كغ "ورد جوري"، وغليها على نار هادئة بعد نقعها لعدة أيام، حيث تقوم آلة التقطير بتحويل البخار الناتج عن الغلي إلى "ماء الورد"، مع اختلاف بعض النسب في المزيج والغلي بين مستخدم وآخر، وذلك كما تحدث معظم من التقيناهم، حيث يستخدم هذا الماء في الحلويات وبعض المأكولات.
وفي حين يزرع الناس الورود الجورية حول منازلهم وعلى شرفاتهم نجد أن زراعته تحولت إلى استثمارات على مستوى أكبر لتأمين حاجة الأسواق من نواتج الورد الجوري، وعن ذلك يقول السيد "بديع حراني" منتج أزهار عطرية من "دمشق": «تعدّ "الشام" بمفهومها الشامل، و"دمشق" بالأخص من أوائل من استخرج "ماء الورد" من أزهار الجوري، حتى إن الورد الجوري يقال عنه "ورد جوري شامي" كناية عن "دمشق" أقدم موطن له، وتبعاً لذلك فقد استمر أهل الشام باستخدام الورد الجوري "كشراب، وماء زهر"، ومستحضر تجميلي طبيعي للبشرة، وعلاج الجروح، وتخفيف آلام الكدمات...، بالتالي ظهرت الحاجة إلى وجود ورشات ومزارع متخصصة في إنتاج الورد الجوري ونواتجه الأولى، وأهمها "شراب الورد" الذي كان ولايزال مشروب الصيف المحبب لدى الكثيرين، والذي كنت أنتج منه كميات كبيرة، توضع في زجاجات حافظة، ويقبل عليها كثيرون من الناس لحر الصيف بشكل خاص».
تتحدث مواقع الإنترنت بإسهاب عن الورد الجوري وفوائده وأهميته، مع اختلافات في أسمائه وطرق استخدامه وتحويل نواتجه العديدة، التي يدخل إليها الكثيرون المنكهات العطرية الصناعية والملونات الصناعية خاصة فيما يخص "شراب الورد"، لكن استخدامه في "سورية" يتجاوز كل الحديث الذي يجري على هذه الصفحات التي تعكس انتشار هذه الورود كزراعة وصناعة في جميع البلدان، إلى كونه جزءاً من ثقافة الناس سواء كزراعة للزينة، أو كاستخدام في جوانب كثيرة تقول عنها السيدة "سميرة البراء" مستخرجة "زيوت عطرية" من محافظة "حلب": «بالنسبة إلى "حلب" فإن الورد الجوري يزرع في مساحات واسعة للحصول على جميع نواتجه الطبية والعطرية والغذائية، وأنا شخصياً أستخرج منه الكثير من المواد أذكر بعضها الأكثر شيوعاً: "أحمر الشفاه الطبيعي، ماء الورد وشرابه، مستحضر لنعومة الوجه وتفتيح البشرة، مربى الورد..."، وعادة نفضل الورود الجورية العطرية، لوجود أنواع غير عطرة، في حين أستخدم الأحمر غير العطر لصناعة "أحمر الشفاه" إضافة إلى الألوان الأخرى العطرية، والورود العطرية تعطي عادة موسمين خلال الصيف، وبعضها موسم زهر واحد في الربيع، في حين تستمر أخرى طوال الربيع والصيف في إعطاء الأزهار، لكن معظمها غير عطر».