بعد أن تنتهي مراسم (الكدة)، و(التتميمة) وشرب القهوة التي تجري في منزل والد العروس، جرياً على العادات والأصول المتبعة في "جبل العرب" ومن أجل الإعلان الرسمي عن الخطبة، تبدأ العروس في التحضير لجهازها التقليدي الذي تتفاخر به أمام النساء عند الانتهاء منه. وهو على بساطته إلا أنه يبقى إشعاراً لبدء العد العكسي لمراسم الزواج.
مدونة وطن "eSyria" التقت السيدة "منيرة قرقوط" يوم الإثنين الواقع في 27 آذار 2014 وهي المولودة في قرية "البثينة" عام 1960، التي تحدثت عن أهم هذه التجهيزات وكيف تتم، فقالت: «قبل الإعلان الرسمي عن الخطبة، كانت الفتيات يقمن بأعمال الصنارة والتطريز جرياً على العادات السائدة، فكل فتاة قد تعلمت من والدتها فنون التطريز والصنارة مثل الشراشف بأنواعها، وأغطية الزينة للطاولات والكراسي والمخدات، وكذلك التطريزات الملونة على الشراشف المخصصة للنوم، والمحارم ووجوه "المخدات" المخصصة للزينة. كل ذلك قبل الخطبة. أما بعدها فتتغير الوجهة نحو تأسيس بيت صغير، حيث يقوم العريس بجلب الجهاز إلى العروس بالتنسيق بين الاثنين، ومن ضمن ذلك القماش المخصص للزّي العربي اللباس الرسمي والأساسي في الجبل، وهو أكثر من بدل، واحد مخصص للزيارة الرسمية، وواحد للحفلات والأعراس، وواحد لونه أسود للمناسبات الحزينة. وفي العادة تأتي الخيّاطة إلى بيت العروس من أجل ذلك. أما القطع الأخرى من الثياب فهي شأن خاص بالعروس».
تتكون الإكسسوارات القديمة التي كانت الفتيات ينقلنها إلى بيت الزوجية من أمشاط للشعر مصنوعة من الخشب، ومن العاج الصناعي، ومرود كحل من الخشب، وعدد من المقصات المتنوعة المخصصة لقص الشعر، والأساور والخواتم الفضية، ومكحلة خشبية مزينة، وملاقط للشعر، ومرآة نحاسية كبيرة، وأخرى صغيرة، وقرص الطربوش الفضي. والطربوش كان أساسياً في التجهيز، وهو يخضع للوضع المادي للعريس الذي يجلب الليرات الذهبية، والأونصات المخصصة لتزيين الطربوش. وكانت المرأة ميسورة الحال تهدي ابنتها صندوقاً من الصدف المصنوع في العاصمة، وهو كان هدية ثمينة للعروس من أجل وضع إكسسواراتها ومصاغها فيه
الإكسسوارات التي تقوم العروس بجمعها متنوعة من أجل إظهارها أمام الناس عند الزواج، تحدثت السيدة "نايفة الصحناوي" المولودة في قرية "الجنينة" عام 1956عن ذلك بالقول: «تتكون الإكسسوارات القديمة التي كانت الفتيات ينقلنها إلى بيت الزوجية من أمشاط للشعر مصنوعة من الخشب، ومن العاج الصناعي، ومرود كحل من الخشب، وعدد من المقصات المتنوعة المخصصة لقص الشعر، والأساور والخواتم الفضية، ومكحلة خشبية مزينة، وملاقط للشعر، ومرآة نحاسية كبيرة، وأخرى صغيرة، وقرص الطربوش الفضي. والطربوش كان أساسياً في التجهيز، وهو يخضع للوضع المادي للعريس الذي يجلب الليرات الذهبية، والأونصات المخصصة لتزيين الطربوش. وكانت المرأة ميسورة الحال تهدي ابنتها صندوقاً من الصدف المصنوع في العاصمة، وهو كان هدية ثمينة للعروس من أجل وضع إكسسواراتها ومصاغها فيه».
عادات قديمة كانت متبعة في "الجهاز"، تحدث الأستاذ "جمال مهنا" المهتم بجمع التراث المادي، الذي يمتلك الكثير مما كانت السيدات تجمعه للجهاز، فقال: «تختلف العادات بين منطقة وأخرى في هذا الأمر، ولكن المتبع أن تظهر العروس قبل (الردة) بأيام جهازها أما نساء القرية القادمات للمباركة، وتقوم والدتها بفرد الجهاز قطعة قطعة، مثل الألبسة والتطريزات، والمصاغ الذهبي، والإكسسوارات. وحتى أشغال القش المخصصة للزينة. وعندما يتم العرس تبدأ مرحلة أخرى في عرض الجهاز على نساء أهل العريس اللواتي يقمن بمعاينة كل كبيرة وصغيرة في الجهاز من أجل الفرجة، والتفاخر، وربما الانتقاد. وعلى العموم كان التفاخر الأكبر للعروس بما جلبته من بيت أهلها، وخاصة إذا كان بين الجهاز (البيرو) المعرّق والمملوء بالأشكال الصدفية. ولكن كل ذلك مضى عليه الزمن، وبات جهازاً يختصر في الفساتين الحديثة المشغولة في المعامل بدلاً من مكنات الخياطة القديمة. والإكسسوارات باهظة الثمن المستوردة من الخارج، وزجاجات العطور المشكلة التي تتباهى فيها العروس، وتضعها أمام المرآة الكبيرة المكملة لغرفة النوم الحديثة. أما الطربوش فبات ارتداؤه من قبل العروس مرهوناً بعدة أسباب أهمها أن العريس قرر من باب العودة إلى الماضي القيام بعرس تقليدي تقوم فيه العروس بارتداء الزّي العربي بدلاً من الفستان الأبيض، وبالتالي الطربوش بدلاً من الطرحة البيضاء الكبيرة، وتعتمد النساء في ذلك على البيوت ميسورة الحال الذين ما زالوا يحتفظون بالطربوش المزين بالذهب الخالص».