شكلت الصور التي أبدع فيها على قطع صغيرة من الحجر البازلتي، والأشكال المرسومة على الصدف بأنواعه ماركة مسجلة باسم السيد "منيب قرقوط"، حيث غزت منتجاته أغلب المحافظات، وأماكن العبادة.
تلك "الماركة" أثبتت قدرته على تحويل العادي والمهمش إلى لوحات فنية تزين البيوت والمكاتب.
اشتريت حجراً صغيراً لصورة السيد "المسيح"، لإحساسي بصدقها، وجمال معانيها، كذلك طلبت منه مجسماً من الصدف والبلوط لأنها لافتة للنظر، ويمكن وضعها في الصالون، وفي الحقيقة الأسعار التي يطلبها في متناول الجميع، على الرغم من أنها تظهر للوهلة الأولى، وقبل السؤال غالية الثمن
مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "منيب قرقوط" يوم الأربعاء الواقع في 9/10/2013 المقيم في مدينة "السويداء"، والمولود في قرية "خسفين" في "الجولان" السوري المحتل في العام /1965/، الذي تحدث عن كيفية تحويل "الصدفيات" إلى تحف فنية، فقال:
«المصادفة البحتة وراء عملي في "الصدفيات"، فقد كنت عاملاً عادياً في أحد فنادق "بيروت" على شاطئ البحر، وفي أحد الأيام كنت في وقت فراغي أمشي على الشاطئ عندما وجدت صدفة كبيرة، رحت أتأملها جيداً، وأخرجت قلمي لأرسم عليها شعار الفندق، حيث نالت إعجاب مديري كثيراً، ما شجعني على العودة إلى الشاطئ لجمع أكبر عدد منها، وبأشكال مختلفة، وجلبت لاصقاً من السوق، ورحت أزين مزهرية كبيرة للورد، وبعد أن أنهيتها دهنتها بـ"اللكر" وجففتها، وعرضتها على الناس، فكانت ردود الفعل إيجابية.
ومنذ ذلك الوقت والطلبات تنهال علي من أجل صنع المزيد، فقررت الاستقالة من العمل والتفرغ لصنع الأشكال من الصدف الذي يتكون من أشكال وأحجام مختلفة. وفي قرية تدعى "بتلون" دعيت إلى معرض تقيمه الشبيبة فيها، ورحت أصنع الأشكال المطلوبة أمام الناس، وأعلم من يطلب مني ذلك، واكتسبت شهرتي من خلال هذا المعرض».
وعن كيفية التحضير للعمل والأسرار التي يجب أن يتقنها الهواة، قال: «يبلغ حجم الصدف بين /8 – 10/ سم، وعندما يتم جلب الصدف من الشواطئ المتعددة يجب أن يتم غسله بالماء بشكل جيد، ووضعه تحت أشعة الشمس حتى يجف، ومن ثم نقوم بطلاء الجزء الذي نريد تنزيل الشكل المطلوب عليه بـ"السيليكون"، وبعد الانتهاء منه نقوم بدهنه بـ"اللكر" حتى نعطيه الشكل اللائق، واللمعة المطلوبة. هي عملية سهلة للوهلة الأولى، لكنها تحتاج إلى تركيز عال، ونظرة فنية ثاقبة لكون الصدفات ذات الأحجام الصغيرة قابلة للتلف والتخريب».
أما عن الأشكال التي يصنعها من الصدف، فقال: «إضافة إلى تزيين المزهريات والسلل والشمعدانات والقطع البلورية بالأصداف الصغيرة الحجم، رحت أصنع أشكالاً من الحيوانات والعصافير منها، وصنعت "العلّاقات" المرسوم عليها الأسماء والأحرف والآيات القرآنية، وكذلك الصور التي يطلبها الزبون.
وقد صنعت مجموعة من الصدف الكبيرة مع قطع البلوط والصنوبر، وأغصان الأشجار بأشكال رائعة، نالت إقبالاً كبيراً من الناس، وأسوقها في كثير من المناطق السورية المختلفة».
وفيما يتعلق بطباعة الصور على الحجر البازلتي الصغير، وكيفية صناعته، قال: «في الحقيقة بدأت هذه العملية في "لبنان"، غير أن الحجر لم يساعدني، ووجدت ضالتي في "السويداء" من خلال الحجر "البازلتي" الأسود القاسي من الخارج، واللين الحنون، والدافئ للذي يكتشف مزاياه. والطباعة على الحجر الصغير لها أسرار كثيرة توصلت إليها بعد بحث وتجارب أخذت سنوات كثيرة حتى توصلت إلى المعادلة الصحيحة التي تحفظ الصورة على مدى الدهر دون أن تتأثر بالشمس والمطر والغسيل والبرودة، وهي ناتجة عن تفاعل خمسة عناصر تنتج عنها الصور المطلوبة».
أما فيما يتعلق بالصعوبات التي يواجهها في العمل فأكد: «أعمل في مشغلي المتواضع، الذي أعتبره جزءاً مهماً في حياتي، وطباعة الصور على الحجر لها مخاطر كثيرة في حال عدم الانتباه، فأنت تتعامل مع مواد كيماوية سامة تسبب الحساسية، ويجب وضع كمامة مناسبة للعمل، وعند الانتهاء من التصنيع يجب تعريضها للهواء حتى تجف تماماً فننتهي من كل العوامل السميّة والحساسية.
أما فيما يتعلق بالصدف فالصعوبة تكمن في جلبه من الشواطئ، حيث كنت أجلبه من "لبنان" لتنوع الأصداف في شواطئه الواسعة، وسهولة التنقل. وفي "سورية" أجلب الأصداف من شواطئ "اللاذقية"، و"طرطوس"، و"جبلة"، و"بانياس"، وهي عملية شاقة جداً، وتتطلب أياماً وليالي، غير الصعوبات في النقل من أجل تنوع الأصداف، وإرضاء الزبون».
وعن كيفية تصريف منتجه، وما يجنيه من العمل قال: «أعتمد في تصريف الأعمال على ذائقة الناس الذين يقبلون على المنتج لشعورهم بأنه جزء منهم ومن تكوينهم. فمنهم من يطلب صورة معينة لقائد أو لشخص محبب لديه، ومنهم من يطلب اسماً أو آية قرآنية، أو شكلاً معيناً أو حرفاً على صدفة. وهكذا رحت أصدر منتجي إلى باقي المحافظات، وأشترك في المعارض والمهرجانات، وأعتمد كثيراً على المساجد والأديرة والكنائس والمقامات الدينية في تصريف المنتجات نظراً لإقبال الناس على شرائها، حيث يعود جزء من الأرباح إلى هذه الأماكن، بالتالي أحاول قدر المستطاع تقديم قطعة فنية جميلة إلى الناس، وأساهم في جانب آخر بعمل قد يفيد الآخرين من خلال الأماكن الدينية».
الأستاذ "عماد الطويل" رئيس مجلس مدينة "شهبا" تحدث عن منتجات الفنان "قرقوط" بالقول: «تشعر عند النظر إلى ما يقدمه الفنان "منيب قرقوط" بأنك أمام حالة خاصة من الفن الذي يستقي أدواته من الطبيعة المتنوعة، ويعرف ما يريد تماماً. والأهم أن ما يصنعه يغزو الأماكن بالحب، ويمكن أن تقتني أي قطعة من منتجه دون أن تشكل عبئاً على المكان الذي تضعها فيه، لأنها صغيرة وجميلة وتتناسب مع الصالونات والمكاتب. فالصور المطبوعة على الحجر واضحة تماماً وجميلة جداً وزاهية، ولا تمحى، أما الأصداف فقد أدخل فيها البلوط والصنوبر ليبدع أشكالاً راقية تستحق التأمل. لذا قررنا بالتعاون مع دائرة "الآثار والمتاحف" أن نقدم له مكاناً دائماً في سوق "الصاغة" القديم لعرض منتجاته بشكل مجاني، ودون مقابل لأنه يستحق الدعم والتقدير».
الآنسة "كاترين علبة" المولودة في مدينة "شهبا" تحدثت عما اقتنته من منتجات السيد "قرقوط"، فقالت: «اشتريت حجراً صغيراً لصورة السيد "المسيح"، لإحساسي بصدقها، وجمال معانيها، كذلك طلبت منه مجسماً من الصدف والبلوط لأنها لافتة للنظر، ويمكن وضعها في الصالون، وفي الحقيقة الأسعار التي يطلبها في متناول الجميع، على الرغم من أنها تظهر للوهلة الأولى، وقبل السؤال غالية الثمن».