تفننت المرأة الرقية بصنع خبز التنور قديماً ولعقود طويلة، وكانت النسوة يتسابقن بمن ستوقد نارها أولاً لتحضر الخبز لأسرتها منذ الصباح، وطعمه له نكهة خاصة تعود إلى أغصان الشجر المستخدمة في إشعال النار.

إلا أن دخول الأفران الآلية وانتشار مخابز التنور الخاصة والعامة، خفف على المرأة من إعداد الخبز باكراً والذي كان يستغرق ثلاث ساعات يومياً.

انتشرت في مدينة "الرقة" أصناف وأنواع عديدة منها ما هو صغير الحجم ومنها ما هو كبير، وهناك نوع مخصص للثريد، وبعض أصحاب الأفران قاموا بصنع فطائر المحمرة والجبنة والمرتديلا، ولكن يبقى خبز التنور العادي والمتعارف عليه والخالي من أي إضافات هو سيد هذه الأصناف كلها بنكهته الرائعة والمحببة

وللحديث عن هذا الموضوع التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5/4/2013 عدداً من أصحاب أفران التنور، لسؤالهم عن طبيعة هذه المهنة وظروف العمل فيها، وكانت البداية مع السيد "إبراهيم الخلف" صاحب فرن "المتحف"، قائلاً: «خبز التنور هو أحد أنواع الخبز الذي يصنع في تنور الطين وبنار الحطب أو المازوت حالياً، ويتميز الرغيف الفراتي بأنه مصنوع بكل مراحله بالطرق اليدوية فمن زراعته إلى حصاده حتى وصوله إلى المنزل، حيث لا تزال بعض بيوت الريف تطحن الحبوب بواسطة الرحى وتغربله بغربال خاص، ثم تقوم بعجنه وتقطيعه ورقه حتى يصبح رغيفاً قبل أن تضعه في التنور ليصبح رغيفاً.

محمرة التنور

لقد بدأت بمزاولة هذه المهنة منذ خمس سنوات تقريباً، وهي من المهن حديثة العهد نسبياً في محافظة "الرقة"، فعمرها لا يتجاوز الخمسة عشر عاماً تقريباً، وقد بدأت بشكل خجول حيث كان هناك محل أو اثنان ينتجان خبز التنور، ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح هناك تزايد بشكل ملحوظ في أفران التنور، وذلك لتلبية حاجة السوق من هذه المادة».

وعن طريقة التحضير أضاف: «في البدء نخلط الطحين مع الماء، ثم نضيف الخميرة مع الملح، والمقادير هي لكل نصف كيس طحين (أي25كغ) نضيف ملح من 100 إلى 125 غراماً، حسب نوعية الطحين، وبالنسبة للخميرة ممكن أن نضيف حوالي 500 غرام، إذا كانت هناك أزمة بيع وإذا لم تكن هناك أزمة حوالي ربع ساعة يختمر العجين، وكل كيس طحين يعطي 500 رغيف».

السيد "ابراهيم الخلف"

يتابع: «انتشرت في مدينة "الرقة" أصناف وأنواع عديدة منها ما هو صغير الحجم ومنها ما هو كبير، وهناك نوع مخصص للثريد، وبعض أصحاب الأفران قاموا بصنع فطائر المحمرة والجبنة والمرتديلا، ولكن يبقى خبز التنور العادي والمتعارف عليه والخالي من أي إضافات هو سيد هذه الأصناف كلها بنكهته الرائعة والمحببة».

إن سر نكهة خبز التنور المحببة لدى أهالي ريف الرقة، يعود إلى الروائح العطرية التي تحتويها أغصان الشجر المستخدمة لإشعال النار خاصة الغار، والتي تغلغلت مرة تلو الأخرى في جدران التنور ناهيك عن أدوات الخبز وأوانيه فصارت جزءاً من طعمه ورائحته، إضافة إلى طعم الحنطة.

ولدى سؤال السيد "مصطفى رحمو" صاحب فرن "الرحمن" عن كيفية صناعة فرن التنور التقليدي ذكر: «تتم صناعته على مراحل، ولا يمكن إنجازه دفعة واحدة، وتبدأ المرحلة الأولى بجلب التراب المخصص لصنع التنور، ويفضل هنا تراب زور الفرات، ومن ثم نقوم بتنظيفه من الشوائب، وبعدها يتم خلط التراب وإبقاؤه في الماء لمدة يومين، ويضاف إليه الملح والتبن وشعر الماعز، لتقوية وتماسك الطين، ومن ثم يتم عجن الخليط، لتبدأ عملية بناء التنور، وهي تتم على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى هي الأساس وتليها مرحلة الوسط، ومرحلة فوهة التنور، ومن ثم تعريض التنور للشمس لمدة أسبوع على الأقل حتى يجف، ويتراوح ارتفاع الفرن ما بين المتر والمتر و/25/ سم».

ويشير السيد "محمد جسوم" صاحب فرن "المجمع" قائلاً: «هناك صنف آخر من الخبز بدأنا بإنتاجه في الآونة الأخيرة، حيث إن له أهمية لا تقل أبداً عن خبز التنور، وهو خبز الصاج والذي يرتبط ارتباطاً كبيراً بكافة المناسبات عند أهالي "الرقة"، سواء أكانت هذه المناسبات سعيدة كالأعراس وغيرها من المناسبات الأخرى أو كانت حزينة كحالات الوفاة، فالولائم التقليدية التي يحضرها أهالي "الرقة" لا تكتمل إلا بوجود خبز الصاج، فيما إذا عرفنا أن أشهر أكلة شعبية على الإطلاق لدى الرقاوية هي "الثريد" والتي لا يمكن إعدادها دون هذا الخبز، حيث يفرش خبز الصاج في "منسف" كبير ويصب فوقه المرق واللحم».