يلعب الخط الحديدي لقطار الشرق السريع، الذي يمر بمنطقة "عفرين" دوراً هاماً في حياة الناس سواء في الحالات الضرورية المستعصية، أو كوسيلة تنقل بين البلدان منذ قرن من الزمن.
وحول أهمية هذا الخط في حياة أهل "عفرين"، مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 7/5/2013 السيد "أكرم أبو حسين" من قرية "قرط قلاق" بمنطقة "عفرين" فأشار بالقول: «في قرية "قرط قلاق" توجد إحدى محطات الركاب القديمة للقطار، وذلك منذ بناء هذا الخط في بدايات القرن الماضي.
بقي أن نذكر أن هذا الخط الذي كان في يوم من الأيام استراتيجياً هو من تصميم وإنشاء ألماني عمل به أبناء المنطقة أما الذي قام ببناء الأقواس الحجرية للأنفاق والجسور فاسمه "عبد الرحمن عليكي" من أبناء قرية "مشعلة" في منطقة "عفرين"
فللخط الحديدي المار بالمنطقة أهمية كبيرة في حياة الناس سواء قديماً أو في الوقت الحالي، فقبل ظهور السيارات وآليات النقل الحديثة كان باستطاعة المواطنين في المنطقة أن يسافروا إلى مدن "حلب" و"عفرين" و"إعزاز" وغيرها بواسطة القطار وبأسعار رمزية.
فالناس في فترة ما قبل خمسين عاماً تقريباً لم تكن تسافر إلى تلك المدن إلا في حالات الضرورة مثل الأمراض المستعصية والتي يتطلب علاجها السفر إلى المدن الكبرى مثل "حلب" أو "بيروت"، وبهذا فقد ساهم الخط بإنقاذ حياة المئات من المرضى، كما ساهم وجود القطار المبكر في حياة الناس إلى ظهور طبقة من التجار الذين كانوا ينقلون بضائعهم للمدينة لبيعها في الأسواق الكبيرة وفي مقدمة هذه البضائع الفحم الذي كانت فئة من الناس سميت "كوكجي" تعمل به من خلال قطع جذوع أشجار السنديان وتصنيع الفحم منها لبيعه في مطاعم المدينة».
السيد "فريد خليل" من "عفرين" وهو سائق ذكر: «للخط الحديدي ذكريات كثيرة في حياة الناس وهي متعلقة بشكل كبير بأيام "السفر برلك" أو الحرب العالمية الأولى، حيث كان العثمانيون ينقلون عبره الجنود إلى مختلف جبهات القتال، ولذلك كان للقطار في بداياته ذكريات أليمة في حياة الناس.
لاحقاً وبعد انهيار الدولة العثمانية تحول هذا القطار إلى صديق حميم للناس، حيث يقوم سنوياً بنقل آلاف المواطنين بين مدينة "حلب" والقرى المنتشرة حولها في ريف منطقة "عفرين" وبأسعار مخفضة تناسب أوضاع ذوي الدخل المحدود من الفلاحين والمزارعين.
إضافة إلى هذا الدور المهم في حياة الناس كان للخط دور ثقافي سياحي كبير، حيث كان الممر الإجباري في غياب آليات النقل وقلة الطرقات البرية للسياح والباحثين والمستشرقين الأجانب الذين كانوا يزورون سورية للسياحة أو البحث العلمي والأثري».
أما الدكتور "محمد عبدو علي" وهو باحث في تاريخ وتراث منطقة "عفرين" فقد تحدث لنا بالقول: «يرتبط اسم الخط الحديدي لقطار الشرق السريع بالعديد من الأحداث التاريخية المحلية والإقليمية الهامة، فاكتسب بذلك أهمية خاصة، ويشير التاريخ المدون على العوارض الحديدية للخط المار من منطقة جبل الأكراد إلى أنها صنعت بين عامي 1911 -1912 م، ويستنتج من ذلك أن الانتهاء من أعمال تمديد الخط في الجبل كان في العام 1912 أو في العام 1913م ليصبح بعد ذلك من أهم طرق المواصلات البرية في الشرق الأدنى وأوروبا، فهو الوحيد الذي ربط أوروبا بآسيا والشرق الأوسط.
يبلغ طول الخط المار من منطقة "عفرين" والذي يصل بين محطتي "قطمة" و"ميدان اكبس" 61،5 كم وعليه أربع محطات هي محطات: "قطمة" و"قرط قلاق" و"راجو" و"ميدان اكبس" على الحدود التركية الحالية ويمر الخط عبر أربعة أنفاق محفورة ضمن المرتفعات الجبلية وهي: نفق "مشعلة" وطوله 235م ونفق "راجو" الأول وطوله 540م ونفق "راجو" الثاني وطوله 165م ونفق "راجو" الثالث وطوله 130م.
يسير الخط على خمسة جسور حديدية في المنطقة هي جسور: "جومكة" على "نهر عفرين" وجسر "آستارو" و"زرافكي" على ماء "زرافكي" و"كتخ" وجسر "حشاركة" أو جسر "هره دره" على وادي "حشاركة" العميق والوعر، ويصل هذا الجسر بين نفقي "راجو" الثاني والثالث بأبعاد 450م طولاً و95م ارتفاعاً من أسفل الوادي».
يختم حديثه بالقول: «بقي أن نذكر أن هذا الخط الذي كان في يوم من الأيام استراتيجياً هو من تصميم وإنشاء ألماني عمل به أبناء المنطقة أما الذي قام ببناء الأقواس الحجرية للأنفاق والجسور فاسمه "عبد الرحمن عليكي" من أبناء قرية "مشعلة" في منطقة "عفرين"».