القضاء البدوي لدى العشائر في "حوران" مدارس يتخرج فيها القضاة الذين يحرصون على حضورها، حيث يخضع القضاء للعرف والعادة، ويتوارثه الأبناء عن الآباء، ومع مرور الزمن ادخل عليه الكثير من العادات والتقاليد والأعراف الموروثة ولكنه لا يخلو من التنظيم ويبقى قريباً من المعقول في بعض أحكامه، فكلام القاضي فرض وقرض فهو "فكاك النشب" و"عارفة العرب".

"مدونة وطن eSyria" بتاريخ 8/1/2013 التقت الباحث في التراث السيد "تيسير الفقيه" الذي تحدث بالقول: «القاضي هو منصب وراثي في الأغلب يتوارثه الأبناء عن الآباء، ولا تقوم بتعيينه السلطات، وتكون الوراثة كما هي العادة في جميع الأعراف البدوية للابن الأكبر، إذا توافرت فيه صفات القاضي، وإن لم تكن متوافرة فيه هذه الصفات فتكون لأحد أبنائه البالغين، فإذا لم يتوافر في أبناء القاضي المورث صفات القاضي انتقل المنصب إلى أقاربه الأقرب».

القاضي هو منصب وراثي في الأغلب يتوارثه الأبناء عن الآباء، ولا تقوم بتعيينه السلطات، وتكون الوراثة كما هي العادة في جميع الأعراف البدوية للابن الأكبر، إذا توافرت فيه صفات القاضي، وإن لم تكن متوافرة فيه هذه الصفات فتكون لأحد أبنائه البالغين، فإذا لم يتوافر في أبناء القاضي المورث صفات القاضي انتقل المنصب إلى أقاربه الأقرب

القاضي له مكانته الاجتماعية في المجتمع البدوي وهنا يتابع السيد "هشام حرفوش" أحد المهتمين بالتراث: «منصب القاضي شرف كبير يناله القاضي ويكون له شأن واحترام وسلطة في القبائل والعشائر في المنطقة التي يسكنها، ومكانته الاجتماعية في المجتمع البدوي تأتي على رأس القوم ويشرف على حل الخلافات فيها، وكلامه "فرض وقرض" فهو "فكاك النشب" و"عارفة العرب"، ولا يشترط في القاضي البدوي سناً عمرية محددة، ولكن الأفضلية تكون للقاضي المتقدم في السن رغم أن هناك قضاة من الشباب حازوا الثقة والإعجاب في القضاء البدوي، ففي القضاء البدوي يكون القضاة مختصون، فهناك قاضٍ للجنايات وقاضٍ للحقوق وقاضٍ للنساء والخيل ويسمونه قاضي المقلدات، ويعنون بالمقلدات الخيل والنساء».

السيد هشام حرفوش

يجب أن يتمتع القاضي بالعديد من الصفات، وعن هذه الصفات يقول الباحث في التراث "إبراهيم الشعابين": «لابد للقاضي أن يعرف عادات وتقاليد العشائر وطبائعهم وقضاء الشيوخ من قبله، وعليه أن يطابق الحوادث الجارية والدعاوى المرفوعة طبقاً للأحكام التي سادت من قبله، والعدالة في الحكم وعليه أن يقف مع الحق، حيث يقف أمامه الأمير والشيخ مثل الراعي والقهوجي، والغني مثل الفقير، ويجب أن يكون أميناً في قضائه لا يميل مع طرف لآخر ولا تغريه الرشاوى والهدايا، وأن يكون سريع البديهة سريع الفهم والإدراك لكل ما يقال ويحدث في مجلس قضائه».

للقاضي صلاحية مطلقة في القرارات وحكم القضايا والخلافات وهنا يتحدث السيد "حسين الشمري" بالقول: «يملك القاضي صلاحية مطلقة، فمن حق القاضي أن ينظر القضية التي تصل إليه بصرف النظر عن العشيرة أو العشائر التي ينتمي إليها طرف النزاع، ويطلق على الصلاحية المطلقة "دفن الحصى"، وفيها يتفق الطرفان المتخاصمان على أن ينظر القاضي جميع الطلبات المتفرعة عن القضية، وهذا يعنى إن صلاحيات القاضي عامة، ومطلقة في جميع مراحل النزاع، وحتى يتم الفصل نهائياً بحكم يصدره القاضي أو بصلح يرعاه القاضي، وهناك نوع من الصلاحيات يدعى صلاحية "قرط الحصى"، وهنا إذا تعددت الطلبات في القضية الواحدة واتفق الطرفان على التقاضي بالنسبة لجميع الطلبات ماعدا طلباً واحداً فإنهما يكونان قد "قرطا الحصى" هذا الطلب، أي استثنياه من التقاضي وبالتالي لا يحق للقاضي النظر في الطلب المستثنى من القضية».

مجالس القضاء

المحامي "عيسى هجرس" تحدث عن وجهة نظر القضاء الرسمي وهل يتعاطى مع هذا النوع من القضاء بالقول: «قديماً وبسبب عدم وجود مؤسسات للدولة تنظم عمل القضاء وحل الخلافات بين الناس، برز ما يسمى القضاء العشائري، وبعد تطور المجتمعات وظهور ما يسمى المجتمعات المدنية المتحضرة، وقيام مؤسسات الدولة ومنها مؤسسة القضاء أصبح حل الخلافات الناشئة بين المواطنين يعود لقضاء الدولة، فالقانون الوضعي الحديث ليس فيه ما يسمى القضاء العشائري ولو أن القانون المدني نص في مادته الأولى على العودة إلى العرف في الحالات التي لم ينص عليها القانون، وهذا يقودنا إلى أن القضاء المدني الحكومي هو المعني الأول والأخير في الحكم وتنفيذ الأحكام وفق قوانين الدولة النافذة».

الباحث في التراث إبراهيم الشعابين