ظل ختم المخترة لسنوات طويلة مضت الحلم الذي يسعى إليه أبناء القرية فكانوا يتنافسون عليه عبر نيل رضا أهلها بالعمل الدؤوب والسمعة الحسنة.
السيد "يونس عمار" مختار قرية "القليعة" في ريف "الدريكيش" ورث المخترة عن أبيه ولم يكن ذاك الإرث ليحظى بقبول الناس لولا رضا الناس وثقتهم به حيث يحدثنا الأستاذ "علي حسن" أحد سكان القرية بتاريخ 14/11/2011 فيقول: «منذ شبابه و"يونس" شهير بأخلاقه وسعة صدره وتعامله الجيد مع الناس فهو قد ورث هذه الطباع عن والده قبل أن يرث ختم المخترة منه ذاك الإرث الذي أخذ شرعيته من قبول ورضا أهالي القرية أولا وأخيرا».
الحمد لله فقد نلت محبة الناس وثقتهم فبالنهاية أنا فلاح مثلهم وهمومي كهمومهم وما يجري علي يجري عليهم
ويتابع: «رغم أن مجتمع القرية صغير جدا وعلاقاته متداخلة وتدخل في نطاق القربى البعيدة إلا أنه يعاني ما يعانيه من خلافات قد تكبر لتمتد إلى أروقة المحاكم وذاك أمر لن يرغبه سكان القرية فيأتي هنا دور المختار الذي يحتاج إلى شخصية محبوبة ومحايدة لا يتحكم بها أي علاقات أو مصالح والسيد "يونس" يمتلك تلك الشخصية المحبوبة فهو شخص طيب وليست لديه أي مشاكل مع الناس».
السيد "علي بدر" أحد سكان القرية تحدث بقوله: «كلنا نلجأ للعم "يونس" فهو يساعدنا بكافة اعمالنا حيث يذهب معنا كجاهة للخطبة وحتى إن العوائل الغنية تلجأ إليه لتعطيه نقودا للعوائل الفقيرة فيقوم بزيارة العوائل الفقيرة لإعطائها النقود دون أي إحراج كما انه يواظب على حضور اجتماعات اللجنة الفلاحية لطرح قضايانا والمطالبة لنا بحلول تخدم مصالحنا وبيته عبارة عن مضافة دائمة لكل أهالي القرية».
المختار "يونس عمار" مختار القرية تحدث عن دور المخترة فقال: «قد يعتقد البعض أن المخترة مجرد لقب رمزي أو عرف ريفي قديم لا معنى له في يومنا هذا وبالفعل لمن يريد أن يؤمن بهذا القول فهذا الرأي صائب ولكن لمن يريد العمل بجدية وفرض دوره بين الناس كمختار للقرية ولهم سيكون له دور كبير وعمل أكبر حيث يجب أن يسعى دائما لزرع التفاهم وبث روح التعاون بين سكان القرية كما عليه أن يكون المثل فيعلم الناس عبر المواقف وليس المواعظ فمنذ زمن كان المختار رجلا بكل معنى الكلمة حيث فيما مضى كانت "الشوارب" من أهم علاماته الجسدية في إشارة إلى الرجولة والقوة حيث كانت الشوارب تقرن بها واليوم المختار يجب أن يكون رجلا وصاحب كلمة عليه أن يكون حازما ولينا في ذات الوقت وهذا ما يفرضه الموقف».
ويتابع: «ورثت المخترة منذ عامين فقط من والدي وأنا أبلغ من العمر اليوم /46/ عاما وعملي الإداري يقوم على إعطاء سند الإقامة وأوراق الولادات الجديدة وما إلى هنالك من أوراق رسمية ولكن عملي الحقيقي يقوم على محاولة مساعدة أهالي القرية بتقديم شكاواهم ومتابعتها في المحافظة أو البلدية وحضور الاجتماعات الخاصة بالقرية سواء الحزبية أو الفلاحية لإيصال أصواتهم فهم انتخبوني لأكون صوتهم وممثلهم وعليّ أن أكون على قدر هذه الأمانة الكبيرة».
وأكمل حديثه فقال: «الحمد لله فقد نلت محبة الناس وثقتهم فبالنهاية أنا فلاح مثلهم وهمومي كهمومهم وما يجري علي يجري عليهم».
وختم حديثه موجها رسالة للمخاتير فقال: «علينا أن نكون القدوة الجيدة لبناء مجتمعاتنا المتداخلة وعلينا أن نكسب حب الناس لا لكسب تأييدهم فحسب وإنما للتأثير عليهم وتوجيههم في الطريق الصحيح، فالمخترة يجب ألا تكون لقبا فخريا ولا منصبا رمزيا علينا أن نحافظ عليها احتراما لتاريخها الذي بنى مجتمعاتنا على القيم وحفاظا على تلك القيم وعلى مجتمعاتنا الحالية».