على سفحي جبلين متجاورين ومتقابلين كما نصف الدائرة، ومنذ حوالي /800/ عام استقر أبناء الشيخ "حاتم الطوباني" مشكلين قرية "دوير المشايخ".

فرغم أنها لم تخضع للإقطاع والرأسمالية عانت من بعض الشجون والبعد الجغرافي عن تبعيتها الإدارية، وهنا يقول السيد "محمد صالح يوسف" مختار قرية "دوير المشايخ" خلال لقاء موقع eSyria به بتاريخ "28/9/2011": «قرية "دوير المشايخ" قرية ريفية جبلية بامتياز، ترتفع عن سطح البحر حوالي /800/ متر، وتتميز بجبالها الخضراء الشاهقة المتقابلة والمتجاورة مشكلة أنصاف دوائر- أو ما يعرف باللغة الريفية بالدواوير أو الدوير- وهي صفة منحتها الطبيعة حتى لاسم القرية "دوير"، وتبعد عن مدنية "طرطوس" حوالي /40/ كيلومتراً، حيث تعتبر أسواقها المتعددة والمنتشرة في أرجاء أحيائها السوق الأساسي لسكان "الدوير" وأهلها المنتشرين في القرى المجاورة، في حين أنها تبعد عن مدينة "حماه" حوالي /80/ كيلومتراً وتتبع لها إدارياً رغم بعد هذه المسافة.

تعددت أسماء الحارات في القرية وفقاً لتوضعها الجغرافي أو قاطنيها من العائلات، فمنها حارة "الضهر" وحارة "عين الريحان" وحارة "الفكات" والحارة "الغربية" والحارة "الشرقية"، أما أسماء أقدم العائلات في القرية فهم آل "درويش" وآل "إبراهيم وآل "شحادة" وآل "سليمان"

وهذا ما خلق شجوناً عند جميع أهالي قرية "دوير المشايخ" كيف يتبعون إدارياً لمحافظة تبعد عنهم حوالي /80/ كيلومتراً ولا يستخدمون أسواقها أو تعاملاتها التجارية والاقتصادية أو حتى الاجتماعية بسبب هذه المسافة، وقد حاولت مراراً وتكراراً بمساعدة وجهاء القرية وأعضائها الحزبيين تقديم معروض نوضح فيه هذا الأمر ورغبة الأهالي بتغيير التبعية الإدارية من محافظة "حماه" إلى محافظة "طرطوس" سوقنا ومقصدنا الأساسي، ولكن دون جدوى، حيث قوبلنا بالرفض ما دفع بعض الأهالي لتغيير قيد نفوسهم إلى قرى مجاورة تتبع لمحافظة "طرطوس"، وهذا ما أثر سلباً على التعداد السكاني للقرية.

المختار "محمد يوسف"

ورغم هذه العقبة التي نعتبرها مشكلة كبيرة بالنسبة لنا لذلك أبعدتنا خلال حديثنا هذا عن التغني بقريتنا الجميلة والرائعة بكافة مقاييسها، فقريتنا "دوير المشايخ" من القرى الأثرية التراثية بامتياز، فلها تاريخها الحضاري يعود إلى حوالي /800/ عام خلت، وهي القرية الوحيدة التي لم يدخل إليها الإقطاع ولم يعاني سكانها من بطشهم ولم يكتسبوا شيئاً من قسوتهم.

لذلك فإن أهالي هذه القرية محبين لبعضهم كثيراً وأساس محبتهم لبعضهم الصدق والإخلاص، فجميعهم يعودون بأصولهم إلى فضيلة الشيخ العلامة "حاتم الطوباني" الذي عرف بزهده وتعبده لربه وأمانته على رعيته التي أخلصت له واحتكمت به، وهذا ما أسس لوجود عدد كبير من شيوخ الكتاب في القرية لتعليم وتثقيف أبناء القرية والقرى المجاورة البعيد منها والقريب، وهذا ما أطفأ على القرية تسمية القسم الثاني من اسمها "المشايخ" لتصبح "دوير المشايخ"».

جانب من القرية

الأستاذ "محمد حسن الخطيب" مدير مدرسة الشهيد "محمد علي حسن" الابتدائية أكد أن عدد سكان القرية لا يتجاوز /3000/ نسمة بسبب نقل بعض الأهالي لنفوسهم إلى قرى مجاورة حيث مصادر رزقهم وأسواقهم وأقاربهم وعلاقاتهم الاجتماعية، مضيفاً:

«رغم أن القرية غارقة في القدم إلا أنها حافظت على نسلها وحدت من عدد الولادات فيها، فاغلب الأهالي لا يتجاوز عدد أولادهم الأربعة.

الأستاذ "محمد الخطيب"

وهذا لم يؤثر على عمل الأهالي بالزراعة التي اشتهروا بها نتيجة توافر المياه اللازمة للري والينابيع المتعددة في القرية، ومنها نبع "الضيعة" و"عين الشرقية" و"عين الريحان" وهي ينابيع دائمة الجريان، وتتوزع في عدة حارات ضمن القرية.

فتميزت زراعة الزيتون بالقرية منذ عام /1990/ لتوافر القروض الزراعية والمشاريع الخدمية المناسبة لها من قبل الدولة، إضافة إلى زراعة أشجار "التين" وعرائش "الكرمة" والحمضيات و"الجوز"، ويمكن القول إن أهالي القرية لديهم اكتفاء ذاتي زراعياً».

السيد "علي الخطيب" يرى أن القرية تميزت بنسبة المثقفين فيها، فمنهم الأطباء ومنهم المهندسين والمحامين والضباط والمعلمين والمدرسين وغيرهم من الفئات والشهادات الجامعية والمتوسطية، وهذا فرض على بعضهم الابتعاد عن القرية والسكن في مناطق وقرى أخرى حتى وصلوا إلى "لبنان".

ويضيف: «تعددت أسماء الحارات في القرية وفقاً لتوضعها الجغرافي أو قاطنيها من العائلات، فمنها حارة "الضهر" وحارة "عين الريحان" وحارة "الفكات" والحارة "الغربية" والحارة "الشرقية"، أما أسماء أقدم العائلات في القرية فهم آل "درويش" وآل "إبراهيم وآل "شحادة" وآل "سليمان"».

وعن الحدود الجغرافية للقرية يقول السيد "محمود سليمان": «يحد القرية من الجهة الغربية قرية "تنغري" ومن الجهة الشرقية ناحية "وادي العيون" ومن الجهة الجنوبية مجرى نهري، والجهة الشمالية قرية "برمانة المشايخ"، وقد اعتبرت القرية من القرى ذات التصنيف السياحي لمناخها المعتدل صيفاً والبارد شتاءً، لذلك ترى الأهالي يجمعون الحطب من الغابات والحقول في الصيف ليشعلوها في الشتاء وينعموا بدفئها».

الجدة "عدبا إبراهيم" إحدى المعمرات في القرية تقول: «لقد أمتهن سكان القرية مهنة تراثية منذ عدة قرون رافقتهم خلال عدة أجيال تعاقبت فيها، وهي مهنة صناعة الفخاريات بكافة أنواعها كـ"مقلي البرغل" و"القدر" والصحن وغيرها، وقد اعتبرت "دوير المشايخ" القرية الوحيدة في محافظة "طرطوس" التي تعمل بهذه المهنة، ويعود سبب ذلك لتوافر المواد الأولية اللازمة لهذه الصناعة في القرية ومحيطها، ومن يعمل بها هن نساء "الدوير" فقط».