أسماء الأماكن والشوارع والأحياء والأشخاص تعبر بعض الشيء عن ثقافة المجتمع الذي أطلقها، بل تدل على اهتماماته وميوله وطبيعة تفكيره.

"دير الزور" كبقية المحافظات السورية الأخرى تحمل التسميات الداخلة ضمن إطارها الكثير من الطرافة، والقليل من الغرابة والغموض، وأحيانا الاستهجان، ومن المفردات التي تستحق الذكر هنا "أبو حردوب"، "مظلوم"، "حسرات"، "الصعوة"، "الحصان"، "مهباش"، "أبو حمام"، "أبو الجناديل"، "الكشمة"، "الجرذي"، "السحلية"، "البيجامات"، "الملوخية"، "الفاطسة"، "البرتقال"، "البرميل"، "بناية"، "أبو رقيعة"، "ستة إلا ربع"، "طاران"، "اربط عنزو"،..)، وغيرها الكثير من تلك الأسماء التي لم نستطع إحصاءها.

تقع حارة "البيجامات" وسط حي القصور، وجاءت تسميتها نتيجة ارتداء شباب وبنات الحارة البيجاما طوال فترة اليوم إلى أن أطلق عليها ذلك المسمى

وللتعرف على ارتباط تلك الأسماء بذاكرة أهالي "الدير" التقى الموقع بتاريخ 24/9/2011 الباحث "عامر النجم" والذي قال: «الكلمات السابقة التصقت بحارات وقرى وشوارع ومدارس ومواقف رسمية في "دير الزور"، وقد فشلت أغلب الإجراءات الرسمية التي جرت هنا أو هناك من أجل تغييرها، ولم تستطع زحزحتها من أذهان أبناء "دير الزور" قيد أنملة، والسبب ترسخ الاسم في ذاكرة أبنائها، وفي حال أردنا تغييره فنحتاج إلى تغيير جيل بأكمله لكي ينسى اسم القرية أو الشارع المتعارف، وهذا محال طبعاً».

الباحث زهير العلي

أما عن إجراءات مديرية التربية في تسمية بعض مدارس الريف أو البادية أشار المدرس "تمام خليل" قائلاً: «اتخذت تربية "دير الزور" إجراءات رسمية كرست واقع الحال وخاصة في المجال التربوي من خلال تسمية مدارس بأسماء ربما ترضي أهل المنطقة التي تفتتح فيها لكنها تثير في النفس العشرات من علامات التعجب والاستفهام، ويحصل ذلك في مدارس الريف والبادية خاصة، ومثال ذلك "أبو رقيعة، البرميل، الجعار، الأحدب، دبلان، سويلم، خربة زهمك، أبو الهيال، البرتقال، غزيل، أربط عنزو، أبو رداني، طاران"..».

اسماء القرى بالمقابل يصر أهلها على تسمياتها القديمة حتى وإن كانت غير مفهومة أو حتى مخجلة ولا يتقيدون في معظم الأحيان بالتسميات الجديدة التي تضعها الجهات الرسمية المعنية، ومما يستحق ذكره قرية "الفاطسة" التي تحولت إلى "طيبة" و"المسلخة" المتحولة إلى "الجلاء".

حارة البيجامات في حي القصور

وعن تسمية بعض الحارات والشوارع في "دير الزور" بتسميات مختلفة "كالبيجامات، ووستة إلا ربع" أشار الباحث "زهير العلي" بالقول: «شارع "ستة إلا ربع" الواقع وسط مدينة "دير الزور" من أكثر الأماكن المثيرة لانتباه القادم إلى هذه المحافظة، وهو يعد أحد أكثر المناطق ازدحاماً بالمحلات التجارية خاصة النسائية منها، وكذلك العيادات والمكاتب، حيث أكد أن التسمية لها ثلاثة آراء مختلفة، فمنهم من يقول إنَّ عرضه الذي يبلغ ستة أمتار إلا ربع هو الدافع إلى هذا الاسم، والبعض الآخر يؤكد أنَّ السبب هو ما جرت عليه العادة سابقاً من خروج فتيات المدينة إلى هذا السوق مساء في الساعة السادسة إلا ربع تقريباً، وهن يشكلن القسم الأغلب من زبائن السوق».

أما الرأي الثالث فيقول "العلي": «هناك رأي ثالث يقول بأن درجات الرؤية المتعارف عليها سابقاً هي ست درجات، وكل نقص فيها يضعف الرؤية عند الإنسان، وبما أن أغلب زبائن ورواد السوق من النساء والمراهقين والمراهقات- وهؤلاء حسب ما هو متداول سابقا بل حالياً- عقولهم غير مكتملة فقد ربطت درجات النظر بدرجات اكتمال العقل لديهم».

الباحث عامر النجم

وعن سبب تسمية أحد أحياء "دير الزور" باسم "البيجامات" قال "العلي": «تقع حارة "البيجامات" وسط حي القصور، وجاءت تسميتها نتيجة ارتداء شباب وبنات الحارة البيجاما طوال فترة اليوم إلى أن أطلق عليها ذلك المسمى».

مهما تكن الأسباب الدافعة وراء هذه التسمية أو تلك، فهل من المجدي إيجاد طريقة ما تمكن من تكوين ثقافة شعبية تتقبل تغيير السلبي، أم إن بقاء تسميات كهذه على طرافتها وغرابتها يحمل قيمة لا تستطيع إلا التسميات العفوية محوها.

  • الصورة الرئيسية لقرية الجلاء في دير الزور.