كرم الضيافة طبع أصيل تميز به أبناء "حوران"، ويعتبر عادة متأصلة يتداولونه كابراً عن كابر، والتقصير في هذا الواجب يلحق بصاحبه العار مدى العمر.

السيد "محمد العراجي" من عشرية "الذياب" تحدث لموقع eDaraa بتاريخ 2/8/2011 عما يمثله الكرم لأبناء حوران بالقول: «الكرم عند أبناء "حوران" هو من أشرف السجايا، وأعز المواهب، وأخلد المآثر، ناهيك في فضله أن كل نفيس جليل يوصف بالكرم ويعزى إليه.

يعتبر الكرم عادة متأصلة لدى أهالي حوران ويتداولونه كابراً عن كابر إذ يعتبر عادة عربية أصيلة، وهناك مثال يقول "إن الله كريم يحب الكرم"، وأول ما يوصف به الرجل الممتاز بأنه كريم فيقال عنه أحياناً " كساب وهاب"، أو يقال عنه إن يده مثقوبة أي إنه لا يوفر مالاً، وتعد صفة الكرم من الصفات التي تبحث عنها المرأة في حوران، حيث يتقدم لها خاطب فالرجل الكريم مرغوب كزوج والبخيل مكروه كزوج

والمعزّب أي المضيف مهما قام في إكرام ضيفه وقدم له الطعام، وغالباً ما يكون ذبيحة أو نوعاً آخر إن كان فطاير أو أكلة أخرى مشهورة في المحافظة، فإنه يقوم بتقديم الاعتذار عن التقصير أو عدم تقديم كامل الواجب حتى لو لم يكن هناك تقصير، ودائماً ما يردد المعزب عند تقديم الطعام في الوليمة مقولة "سامحونا واجبكم أكبر من الموجود"، والاعتذار من مكونات واجب الضيافة، ويكون المعزب بالغالب واقفاً ووجهه بشوش يضحك مع ضيوفه لكي لا يخجلوا ويأكلوا بأريحية».

الحاج شحادة المصري

ويقول السيد "محمد سليمان الحريري" من منطقة "الحراك": «يتخذ أهالي "حوران" شعاراً شرعياً مستمراً يعززون به كرمهم الذي وسموا به منذ سنوات غابرة، فعبارة "الجود بالموجود" مرفوضة إذا قرنت بالضيافة والكرم لأن إكرام الضيف كما يقول أبناء حوران "كحكة الجلد"، فإذا ما حل الضيف وجب إكرامه وسد خاطره ورفع الضيم عنه، ولا يستثنى من قاعدة الكرم تلك أي من أبناء المنطقة أو القرية أو أبناء العائلة حتى وإن لم يكن لدى المضيف "المعزب" قوت يومه، فإذا حل الضيف عندهم وجب حق الضيافة وإن استعان أو اقترض من أقاربه أو جيرانه، المهم هو تقديم واجب الضيافة وتبييض وجه المضيف وأقاربه ومنطقته».

والتقينا الحاج "شحادة المصري" "أبو آيات" المعروف بكرمه وحسن استقباله للضيف في "درعا" فقال لنا: «الكرم من أفضل القيم السامية والصفات الحميدة التي تعد من أفضل الصفات التي يتصف بها الإنسان. وعبارات "هلا والنبي محيك" و"هلا من ممشاك لملفاك" تتقاطر على الغرباء الزائرين لقرى حوران، فمن يقصد هذه القرى لزيارة معارفه أو حتى إن لم يكن يعرف أحداً يجب أن يأخذ واجبه عند من يعتبر نفسه محظوظاً باستضافة الضيف حتى دون معرفة وجهته أو حاجته، ولا يستثنى من هذا الأمر أي شخص حتى لو كانت امرأة كهلة، وواجب الضيافة الخاص في الضيافة سابقاً، ويمارس حالياً لدى العديد من الوجهاء وكبار القوم، يوجب ذبح ذبيحة لكل ضيف على حدة، وإن تصادف حلول ضيفين على صاحب المنزل وجب عليه تقديم ذبيحتين تقدم كل واحدة بشكل مستقل، وإن جاء الضيف في وقت متأخر أو عند تقديم الطعام للضيف الأول يجب على صاحب المنزل تخيير الضيف الجديد إما أن يجلس على المنسف أو ينتظر الذبيحة التي ذبحت له إكراماً له، لكن قبل تخيير الضيف يستوجب إحضار رأس الذبيحة وعرضه على الضيف كدليل على القيام بواجبه».

تحضير المليحي والبرغل المدعج

الأستاذ الباحث "تيسير الفقيه" المهتم بالتراث حدثنا عن أهم القواعد والآداب التي تخص واجب الضيافة عند أبناء حوران بالقول: «يعتبر الكرم عادة متأصلة لدى أهالي حوران ويتداولونه كابراً عن كابر إذ يعتبر عادة عربية أصيلة، وهناك مثال يقول "إن الله كريم يحب الكرم"، وأول ما يوصف به الرجل الممتاز بأنه كريم فيقال عنه أحياناً " كساب وهاب"، أو يقال عنه إن يده مثقوبة أي إنه لا يوفر مالاً، وتعد صفة الكرم من الصفات التي تبحث عنها المرأة في حوران، حيث يتقدم لها خاطب فالرجل الكريم مرغوب كزوج والبخيل مكروه كزوج».

وعن ميزات وخصائص استقبال الضيف وأنواع الضيوف يقول: «الضيف له أسماء منها "ضيف الله" لذا يجب أن يبقى ثلاثة أيام وثلث النهار لا يسأل عن حاجته، ثم بعد ذلك يقال له "علم" أي أطلب حاجتك، وهناك عادة جميلة بحوران تتجلى إذا يضاف فقير كان الميسورين بالقرية يقومون بتقديم أصول الضيافة له حتى لا يظهر أمام الضيف بخيلاً، فمنهم من يرسل له البرغل والسمن، والبعض الآخر يرسل اللحم ليقوم بإكرام ضيفه ودعوة من حوله لتناول الغداء أو العشاء معه، وهي من الصفات الحسنة التي تميز أبناء حوران.

الباحث في التراث تيسير الفقيه

وإذا كان الرجل فقيراً جداً ينطبق عليه المثل الذي يقول "ورجي عذرك ولا تورجي بخلك"، أي قدم ما تستطيع تقديمه لهذا الضيف. والضيوف أنواع ضيف الحارة خسارة أمام الضيف القادم من مكان بعيد فيهلا ويرحب به، وهناك مثل عن أصول الضيافة يقول "الضيف المشؤم يأكل ويقوم" فلا يجوز أن يأكل أو يترك بيت المضيف ويغادر».

شروط متعددة لتقديم الضيافة وتقديم الواجب وبهذا المجال يتحدث قائلاً: «من شروط تقديم الضيافة أن يوضع الضيوف مع بعضهم البعض فلا يفرق بينهم، وأن يقوم صاحب البيت بخدمة الضيف، والأهم أن لا يقوم عن الطعام قبل الضيف، ويجب على الضيف أن يتناول الطعام بيده اليمنى ويسمي بالله، وأن يكون معتدلاً في تناول الطعام، ولا يكون جشعاً وأن يأكل من الطعام الذي يليه أي ما هو أمامه، ولا يجوز أن يعتدي أو يمد يده على طعام من بجانبه أو من مقابله.

وفي كثير من الحالات حينما يمد يده ليأخذ قطعة لحم من يجاوره يمسك بيده ويضعها في الطبيخ الساخن عقوبة له، ويجب على المعزب أن يقدم الطعام الكافي والذي بالعادة يكون بالغالب المنسف والمليحي، والذي يتكون من منسف من البرغل وعليه اللحم والكباب ويوضع عليه السمن العربي أو البلدي، والمليحي اللبن الذي طبخ به اللحم، وأحياناً يضاف إليه المقطوطة وهي البندورة مع اللحم الناعم والبصل، وإذا طلب الضيف خبزاً يقدم له بجانبه، وهناك مثل يقول "بنت الجواد تقدم الماء قبل الزاد" أي إذا غص الضيف يجد الماء بجانبه».