تحتضن تربة "حلب" رفات الشاعر الصوفي الأذربيجاني "عماد الدين النسيمي" وذلك في زاويةٍ واقعةٍ في الطرف الشمالي من خندق القلعة تُسمى "زاوية النسيمي".

حول الزاوية وأهميتها سأل موقع eAleppo بعض المواطنين في "حلب" والبداية كانت مع "عبد الوهاب أحمد" من حي "الفرافرة" المجاور والذي قال: «تضم هذه الزاوية مجموعة من القبور القديمة كقبر الشيخ المتصوف "النسيمي" وزوجة أحد الولاة العثمانيين وغيرهم، ويحظى الموقع بمكانة تاريخية وسياحية كبيرة في "حلب" خاصّةً أنه يقع بالقرب من القلعة ما يتيح الفرصة للسياح بالتعرّف على جانب مشرق من التاريخ الديني والعمراني لمدينتنا».

الزاوية التي دُفن فيها "النسيمي" كانت مسجداً جدده السلطان "قانصوه الغوري" في العام 910 هجرية وهو عبارة عن بناء مستطيل في باحته العديد من قبور جماعة الصوفية الخواجكية وفي جنوبه قبلية وفي غربيه قبلية ضمت قبر "النسيمي"

"علي عمر" وهو مهندس من مدينة "عفرين" كان يزور الزاوية قال: «وجود ضريح "النسيمي" في الزاوية وهو بحسب معلوماتي من الشعراء الصوفيين الكبار دليل على أهمية مدينة "حلب" في التاريخ وحضورها الفاعل في حياة الناس من مختلف أنحاء العالم وقد زارها واستوطنها كبار الشخصيات العالمية من أدباء وسياسيين ورحالة وتجار.

مدخل الزاوية /التكية/

واليوم يعتبر الموقع من الأماكن السياحية الهامة التي يرتادها السياح والدارسون والباحثون والطلاب للتعرّف على جانب من تاريخ هذه المدينة العريقة، وبالنسبة لي فهذه أول مرة أقوم بزيارة الزاوية والتعرّف عليها عن قرب بعد أن قرأت عنها كثيراً في الكتب الأثرية والتاريخية التي تتحدث عن معالم "حلب" وتراثها وآثارها وقد أُعجبت كثيراً بالزاوية وما تحويه من نقوش وكتابات وقبور وفي مقدمتها ضريح الشاعر "النسيمي"».

المهندس "عبد الله حجار" مستشار جمعية العاديات للفترات الكلاسيكية ومؤلف العديد من الدراسات والكتب حول معالم "حلب" يقول حول الزاوية: «تقع "زاوية النسيمي" إلى الشرق من "حمام السلطان" المقابل للقلعة من الجهة الشمالية وتحوي رفات "عماد الدين الصوفي" الملقب بالنسيمي، علماً أن اسمه الشعري هو "النسيمي" أما اسمه فهو "السيد علي"، "النسيمي" كان شاعراً كبيراً ألّف باللغة الأذربيجانية والفارسية، ولد في أذربيجان في العام 772 هجرية 1370 ميلادية وكان ذا أفكار ثورية بالنسبة إلى المجتمع الذي عاش فيه وخلال إقامته بحلب اُتهم بالزندقة والإلحاد وقُتل فيها في العام 820 هجرية 1417 ميلادية أيام "يشبك بن عبد الله اليوسفي" نائب السلطنة المملوكية في "حلب" وقد سُلخ جلده وقُطعت أعضاؤه وعُرضت سبعة أيام».

كتابة في الجهة الجنوبية للزاوية

ويضيف: «الزاوية التي دُفن فيها "النسيمي" كانت مسجداً جدده السلطان "قانصوه الغوري" في العام 910 هجرية وهو عبارة عن بناء مستطيل في باحته العديد من قبور جماعة الصوفية الخواجكية وفي جنوبه قبلية وفي غربيه قبلية ضمت قبر "النسيمي"».

الدكتورة "لمياء الجاسر"* تتحدث حول الزاوية بالقول: «كانت الزاوية مسجداً قديماً ولما قُتل "عماد الدين النسيمي" في العام 1417م دُفن فيه وجدده في العام 1504 هجرية "قانصوه الغوري" كما جدد بناء التكية في العهد العثماني الوالي "مصطفى باشا" في العام 1821م ودفن زوجته داخل القبة ولا يزال القبر موجوداً وهناك نص في الواجهة الجنوبية يؤرخ للعام 1725 م ما يدل على ترميم آخر جرى للتكية لم تذكره المراجع، عُرف كل من تولى مشيخة هذه التكية بالنسيمي وفوق بابها كتب "تكية" فهي بذلك تستضيف الغرباء والفقراء وتقدم لهم الطعام رغم عدم وجود ما يدل على وجود مطبخ».

الزاوية من الخارج

وحول مميزات عمارة الزاوية تقول: «من حيث التصميم فقد فرض شكل الأرض استعمال التصميم الشريطي تقريباً ولم يعتمد التناظر في التصميم وضمت قبلية مقسمة إلى ثلاثة أقسام وضريح وسبيل وغرفة وتربة.

ومن حيث الإنشاء فقد استُعملت القبة دون رقبة والانتقال بالمثلثات الكروية فوق القسم الأول للقبلية والقبة المربعة المقطوعة فوق السبيل والقبو المتقاطع في القبلية وغرفة الضريح والمتطاول فوق الركائز في القبلية والسقف الخشبي المستوي فوق جذوع الشجر فوق الموضأ والغرفة، كما استُعمل القوس المجزوء /5 فقرات في الأبواب والنوافذ/ والمجزوء فقرة واحدة في النوافذ والباب وهو نوع نادر في آثار "حلب"، وكذلك القوس المدبب الكبير في السبيل وقوس عاتق نعل الفرس المدبب ذو المراكز الأربعة في واجهة خارجية والنجفة المستقيمة قطعة واحدة في النوافذ وأبواب القبلية والسبيل والقوس المدبب ذو المراكز الأربعة في مدخل السبيل والقوس نعل الفرس المدبب ذو المراكز الأربعة العثماني في طوق والقوس المجزوء العاتق المصمت في نوافذ الطرف الشرقي من المدفن والقوس المثلثي في نافذة في المدفن.

ومن حيث الزخرفة فقد استُعملت المقرنصات في جدران وأظفار في المدفن والمكعبات المنحوتة حول نافذة خارجية والنصوص الكتابية في الواجهة الخارجية والتخاريم الهندسية السداسية والنجمة السداسية ووردات بين التخاريم في النافذة الخارجية».

  • الدكتورة "لمياء الجاسر": دكتوراه في علم الآثار– قسم العلوم التطبيقية من معهد التراث العلمي العربي بجامعة "حلب" في العام 2007.