للمواطن "محمود محمد محمود" حكاية طويلة في عشقه لتراث وفلكلور بلده ومنطقته "عفرين".

وقد دفعه هذا العشق لتحويل منزله إلى متحفٍ صغيٍر يضم العديد من الأدوات التراثية والفلكلورية. بتاريخ 26/7/2011 قام موقع eAleppo بزيارة للسيد "محمود محمد محمود" وجال برفقته في أرجاء متحفه المنزلي الصغير.

في الحقيقة دُهشت تماماً بما رأيته اليوم من أدوات تمثّل تاريخنا وتراثنا وأعتبر أن ما قام به هذا الرجل هو عمل وطني مهم للغاية من خلال المحافظة على فلكلورنا وحمايته من الضياع وتعريف الناس به، عمله أيضاً هو عشق للوطن ولتاريخه علينا أن ندعمه ونسانده لينجح في تحقيق المزيد

يقول السيد "محمود": «منذ طفولتي وأنا أحمل عشق التراث في قلبي وبشكل فطري والأدوات التي كنت أعايشها يومياً خلال مراحل طفولتي أصبحت اليوم أدوات تراثية ونادرة الوجود، وقد دفعني عشق تلك الأدوات إلى البحث عنها في كل مكان بغية حفظها وأرشفتها في منزلي وخلال مسيرتي الطويلة في العمل والبحث عن تلك الأدوات استطعت الحصول على الكثير منها ولذلك قمت بتحويل منزلي إلى ما يشبه المتحف الذي يضم -كما ترى- العشرات من تلك الأدوات.

صندوق جهاز العرائس

خلال طفولتي كان أقراني من أطفال القرية يقضون وقتهم في اللعب واللهو بينما كنت أزور المغاور والكهوف بجوار قريتي متأملاً طريقة عيش الإنسان القديم وأدواته وعاشقاً بنفس الوقت نمط حياتهم البدائي الرائع».

وأضاف: «في العام 1990 تحديداً وبعد أن بنيت هذا المنزل هنا بدأت رحلتي في البحث عن الأدوات التراثية وذلك ضمن عائلتي وقريتي وفي المنطقة وقد حصلت على الكثير منها سواء بشرائها من أصحابها أو الحصول عليها كهدية من معارفي أو الطلب من بعض الفنانين والنحّاتين في المنطقة بأن يرسموا لي بعض التماثيل التاريخية /التقليدية/ التي أحبها».

ملعقة خشبية

وحول أهم الأدوات التراثية الموجودة في متحفه الصغير قال: «هناك العشرات منها -كما قلت- ومن أهمها: صندوق خشبي مصنوع من خشب الزان القديم مزركش ومحفور بالصدف حيث رُسم بواسطتها أشكال نباتية وهندسية متنوعة ومميزة ويزيد عمره عن قرن من الزمان وقد كان الصندوق يستعمل في حينه من قبل العرائس من الطبقات الراقية والغنية بوضع جهازها فيه.

وهناك نوعان من أداة دق القهوة المرة الأولى قديمة وتزينها أشكال حيوانية جميلة والثانية وهي الأحدث فتزينها أشكال نباتية متنوعة، وطحانة معدنية لطحن القهوة وأدوات للغزل والنسج وأدوات المطابخ القديمة مثل الهاون والطاسات والصحون والملاعق الخشبية وبوابير تعمل على الكحول وركوات القهوة وغيرها.

محمود محمد محمود

في متحفي الصغير أحتفظ أيضاً بطاسةٍ معدنيةٍ قديمةٍ كانت مخصصة لرش الماء على الزبائن من قبل الحلاقين وأنواع مختلفة من السكاكين والخناجر والبواريد الغير صالحة للاستعمال -التقليدية، وأهم موجودات متحفي هي أداة كانت تُسمى "عنبرية" ووظيفتها هي تخمير الشراب وسكبها في الكؤوس يدوياً وهي قطعة واحدة، ومدفأة تراثية جميلة، إضافة إلى العديد من الأدوات التراثية من منطقة "عفرين" وعموم القطر».

«أما في فناء المنزل –والكلام للسيد "محمود"- فهناك النورس المعدني ودواليب العربات ومعصرة خشبية لعصر العنب والعديد من التحف الفنية -التقليدية التي أنجزها لي بعض النحّاتين أو اشتريتها من السوق والتي تعبر عن فلكلور وتراث البلد.

يأتيني العديد من الزوار لمشاهدة هذه الأدوات التي أصبحت اليوم نادرة الاستعمال والوجود في حياتنا الريفية وبالتالي أصبحت جزء من تراثنا وفلكلورنا الذي يجب علينا الحفاظ عليه ومنعه من الاندثار والضياع ومنح الفرصة للناس وخاصّةً من أبناء الجيل الحالي الذي يجهلها تماماً لكي يطلع على جزء من تاريخ بلده ومنطقته عبر مشاهدة هذه الأدوات والتعرّف على طرق استعمالها، وهذا بالضبط ما دفعني إلى إنجاز هذا العمل الذي أعتبره عملاً وطنياً بامتياز خاصّةً وأنني أسعى وأعمل على توسيع هذا المتحف المنزلي الصغير وتطويره ليضم باقي الأدوات التراثية والتي لم أقتنيها بعد».

ومن الحضور في المنزل –المتحف التقينا بالسيد "فريد خليل" الذي قال: «في الحقيقة دُهشت تماماً بما رأيته اليوم من أدوات تمثّل تاريخنا وتراثنا وأعتبر أن ما قام به هذا الرجل هو عمل وطني مهم للغاية من خلال المحافظة على فلكلورنا وحمايته من الضياع وتعريف الناس به، عمله أيضاً هو عشق للوطن ولتاريخه علينا أن ندعمه ونسانده لينجح في تحقيق المزيد».