تعد مضخات سحب المياه من الآبار من أهم مسلتزمات العمل الزراعي الحديث، خاصة في ظل الجفاف الذي تعرضت له سورية في السنوات الأخيرة، ولأن تكلفة عمل المضخات تزداد طرداً مع عمق البئر وسعر الطاقة الكهربائية، كان لابد من إيجاد طريقة ما تقلل من التكاليف وتضمن الكفاءة اللازمة لعملها.

السيد "إلياس عيسى" حلم دوما بايجاد أثر باسمه، يقدم من خلاله المساعدة لغيره، فاستطاع أن يحقق ما يريد عبر "المضخة المكبسية".

eSyria التقى المخترع "إلياس عيسى" بتاريخ 23/4/2011 للتعرف على "المضخة المكبسية" وكان الحوار التالي:

أثناء العمل

  • يقولون الحاجة أم الاختراع، فماذا عن الدافع لاختراعك وكيف بدأت الفكرة؟
  • ** أنا من محافظة الحسكة السورية وانتمي لعائلة تعمل بالزراعة أحمل شهادة التعليم الابتدائية ومنذ الصغر وأنا على اطلاع على معاناة أقربائي وجميع المزارعين الذين يعملون بالزراعة وحاجاتهم المستمرة من المواد الأولية والتي تكمن في "الماء" بالدرجة الأولى وبعدها المازوت والكهرباء والأعطال الطارئة نتيجة الإمكانات البسيطة التي يعملون بها.

    الاختراع "المضخة المكبسية"

    ولدي إلمام أيضاً بالمضخات منذ الطفولة ومن هنا كانت البداية في العام 2003 حيث قمت أنا وصديق لي من مدينة حلب بصناعة مضخة تعمل على الهواء الصناعي، وتم تسجيلها لدى "دائرة براءات الاختراع" وحصلنا على براءة الاختراع في ذلك الوقت.

    ولكن هذه المضخة لم تكن تلبي إلا الآبار السطحية والتي تكون على عمق 150 مترا، حيث توفر طاقة بنسبة 40%، وكما هو معلوم فإن منسوب المياه في سورية والمناطق المجاورة يتناقص سنوياً بسبب موجات الجفاف، وكان الاتجاه نحو المناطق الجنوبية في سورية حيث إن منسوب المياه في محافظة ريف دمشق والسويداء يصل إلى أكثر من 700 متر وهذا ما دفعني للتفكير بشكل جدي بصناعة مضخة كبيرة تصل إلى أعماق كبيرة.

    المخترع "إلياس عيسى"

  • ما الأسس التي اعتمدت عليها في صناعة المضخة المكبسية؟
  • ** بعد فترة زمنية من الدراسات والأبحاث التي قمت بها تبين لي أنه لا يمكن استخراج المياه من الأعماق الكبيرة إلا عن طريق مضخة مكبسية والتي لا يمكن لها أن تحقق المطلوب إلا باستخدام محرك الغاطس الأوروبي وهو يعمل على الكهرباء في الآبار داخل المياه.

    والمشكلة هنا في كيفية استخدام المحرك لكون دورانه محوري والمضخة المكبسية تتحرك ترددياً، وتمكنت من إيجاد حل لهذه المسألة وقمت بتحويل الحركة المحورية للمحرك إلى حركة ترددية للمضخة.

    وبالتالي فإن المضخة قابلة للعمل على أي ضاغط كان دون تأثر قيمة التدفق، وعلى أعماق كبيرة يمكن أن تصل إلى عدة آلاف من الأمتار، إضافة إلى تجنيب مستثمر البئر المشاكل الناتجة عن تغيرات التدفق، وبما أن المحرك الذي تصممه الشركات يقوم بدوران 3000 دورة بالدقيقة لأنه مصمم للغواطس البروانية، ولتوفير الطاقة قمت بتحويل دوران المحرك من 3000 دورة إلى 135 حركة ترددية بالدقيقة.

    وبعد هذه العملية حصلت على الهدف المطلوب وهو استجرار المياه من الأعماق بحدود 1500 متر وتوفير الطاقة بحدود 30% عن الغواطس الأوروبية المتواجدة في الأسواق وهذه العملية توفر في مصاريف الصيانة أيضاً ، كما إن هذه العملية قد أخذت ما يقارب ثلاث سنوات من التجارب العملية بتكاليف عالية وصلت إلى أكثر من ثمانية ملايين ليرة سورية فضلاً عن الجهد والتفكير.

    ومن هنا فإن الميزات الموجودة في المضخة المكبسية التي اخترعتها تعتبر هامة وتشكل حلاً مثالياً في القطر العربي السوري والمناطق المشابهة، والتي تعتمد في الحصول على المياه بنسبة معينة على ضخ المياه الجوفية لعدم كفاية المياه السطحية وذلك تبعاً للتوضع الجيولوجي للمنطقة.

  • ما الخطوات التي قمت بها بعد اختراعك هذا؟
  • ** قمت بتسجيل هذا الاختراع عام 2005 بمحضر إيداع وحصلت على براءة الاختراع رقم / 5604 / عام 2008، وأثناء قيامي بالتجارب في محافظة ريف دمشق زارني شخص من مدينة السويداء وقد سمع عن اختراعي وطلب مني أن أقوم بالتجارب في محافظة السويداء والتي تعاني من مشكلة المنسوب المنخفض للمياه، وطلب مني التوجه إلى السويداء والاجتماع مع مدير مؤسسة المياه، وبالفعل قمت بالزيارة وقدمت شرحاً مفصلا عن المضخة المكبسية التي قمت باختراعها.

    ولكونه مهندسا مطلعا تفهم فائدة هذا الاختراع الذي يلبي حاجة المؤسسة للوصول إلى الأعماق وتوفير في الطاقة في نفس الوقت، وقدم لي كل الدعم اللازم لإجراء التجارب على أحد الآبار التابعة للمؤسسة وعلى نفقة المؤسسة وقدموا لي محركا بقوة 50 حصانا لكي أتمكن من تركيبه على المضخة التي قمت بصناعتها، وبالفعل كانت البداية في محافظة السويداء ونفذت تجربة وكانت ناجحة بنسبة 70%، وبعد ذلك كان توجيه السيد المدير بتقديم كل الدعم اللازم لإنجاح عمل هذه المضخة للحاجة الماسة لها بمحافظة السويداء بشكل خاص وفي كافة المحافظات السورية لمثل هذه المضخات التي تعود بالنفع على الوطن.

  • ما الطاقة المطلوبة لعمل المضخة، وهل تشكل عائقا أمام استثمار الآلة؟
  • ** من المعروف أن مردود المضخات البروانية عند عملها في الوضع المثالي من حيث الضاغط والتدفق يتراوح حول 60% حسب المضخة، ولا يمكن أن تتجاوز قيم المردود هذه القيم إلا بشيء بسيط، ولكن المضخات المكبسية وبسبب اختلاف مبدأ عملها فهي لا تحتوي على هذا النوع من الضياعات، وإنما تنحصر الضياعات في الضياعات الميكانيكية أي ضياعات الاحتكاك في علبة السرعة، وهذه الأخيرة تتبع لجودة تصنيع علبة السرعة وهي قد تتراوح حول قيمة 5% بالإضافة إلى الضياعات الديناميكية أو ما يسمى ضياعات التسارع وهي تتبع طرداً لسرعة الجريان وتواتر عمل المضخة.

    وهي قد تشكل النسبة الأكبر من الضياعات الداخلية في حال كانت موجودة، لكن هذا النوع من الضياعات يمكن تخفيفه بإجراءات تصميمية في المضخة المكبسية إلى درجة إهماله، وبالتالي تتمتع بمردود أعلى بحوالي 30% من المضخات البروانية وهذا يعني توفيراً كبيراً في الطاقة.

  • ماذا عن مشاركاتك في معارض الاختراع؟
  • ** شاركت مع أكثر من 200 مخترع سوري بمعرض المخترعين السوريين الذي أقيم بالتعاون مع جامعة البعث، وشكلت لجان علمية من الجامعة لدراسة الاختراعات الموجودة وحصلت على الميدالية الذهبية من المنظمة العالمية للملكية الفكرية wipo.