تتميز أفلام المخرج السينمائي المبدع "محمد ملص" بأنها تحكي تاريخنا الذي نجهله، وقد روى فيلمه "الليل" الذي لقي استقبالاً قوياً ومدهشاً في أكثر من محفل سينمائي وجماهيري في العالم العربي، حكاية مدينته "القنيطرة" التي دمرها الإسرائيليون وحاول هو بناءها على الشريط، ليري المتفرج كيف كانت مدينة جميلة ومهمة، لأنها مدينة العلاقات الطيبة بين الناس ومدينة الطوائف والقوميات والتعايش.

وفي حديثه لموقع eSuweda على هامش عرض الفيلم في المركز الثقافي العربي في مدينة "شهبا"، أوضح الأستاذ "محمد" فكرة العمل بقوله:

المخرج السينمائي "محمد ملص" من المخرجين المتميزين والمبدعين، وتربطه "بالسويداء" علاقة خاصة فهو من أوائل المساهمين في إنجاح ظاهرة النادي السينمائي منذ ما يقارب ربع قرن، حيث عرض فيلم "أحلام المدينة" والذي كان مشروع تخرجه، وكان شديد الإعجاب بمناقشة وأفكار جمهور "السويداء" في حواره معهم بعد الفيلم، وفيما بعد عرض له فيلم "باب المقام" في عام 2009 ضمن فعاليات مهرجان "شهبا" الثاني للثقافة والفنون، واليوم فيلم "الليل". الأستاذ "محمد" ابن مدينة "القنيطرة" وفي فيلم "الليل" تحدث عن "القنيطرة" عبر ما يمكن تسميته الذاكرة المشتهاة

«فيلم "الليل" عمره حوالي 25 سنة، وهو ينتمي لمرحلة كانت فيها السينما في سورية، تحاول تقديم صورة جميلة وناصعة وراقية عن هذا المجتمع، الذي ننتمي إليه كسينمائيين وكجيل سينمائي.

المخرج "محمد ملص" أثناء حديثه عن الفيلم

هذا الفيلم يروي حكاية مدينتي "القنيطرة" في مرحلة طويلة نسبياً، تمتد مما قبل عام 1936م وحتى احتلال المدينة في عام 1967م، أما عن سبب اختيار عام 1936م فذلك لأن "القنيطرة" وباعتبارها الخاصرة الأقرب لفلسطين، كانت معبراً لكل المجاهدين الذين أرادوا الانخراط في ثورة "القسام" التي كان فتيلها مشتعلاً في ذاك العام.

الفيلم يروى بذاكرتين.. ذاكرة صبي منقولة عما روته الأم، وذاكرة الأم، ذاكرة الأم كانت هي المحكية، أما ذاكرة الصبي فهي الذاكرة المعاشة.

في لقاء مع رواد المركز

الصبي الذي عاش منذ الاستقلال وحتى حدوث أول انقلاب عسكري عام 1949م وهو عام وفاة والده، عاش في المدينة أحداثَ ما بعد 1949م وحتى احتلال القنيطرة في 1967م، ولكنه تخيل أن والده وهو الذي مات على يد الانقلابيين العسكريين آنذاك، قد مات دفاعاً عن القنيطرة في عام 1967م، أراد أن يختار لذلك الأب موتاً آخر، في محاولة للتخلص من إحساسه بالعار الذي لحق به وبأبيه وبمدينته حين احتلالها».

الأستاذ "محمد طربيه" رئيس فرع جمعية العاديات في "السويداء" تحدث قائلاً: «المخرج السينمائي "محمد ملص" من المخرجين المتميزين والمبدعين، وتربطه "بالسويداء" علاقة خاصة فهو من أوائل المساهمين في إنجاح ظاهرة النادي السينمائي منذ ما يقارب ربع قرن، حيث عرض فيلم "أحلام المدينة" والذي كان مشروع تخرجه، وكان شديد الإعجاب بمناقشة وأفكار جمهور "السويداء" في حواره معهم بعد الفيلم، وفيما بعد عرض له فيلم "باب المقام" في عام 2009 ضمن فعاليات مهرجان "شهبا" الثاني للثقافة والفنون، واليوم فيلم "الليل".

الأستاذ "محمد" ابن مدينة "القنيطرة" وفي فيلم "الليل" تحدث عن "القنيطرة" عبر ما يمكن تسميته الذاكرة المشتهاة».

الصحفي "سالم ناصيف" أضاف في حديثه عن الفيلم:

«من المؤسف أن يكون إنتاج السينما السورية بهذا الشح، وهي تحوي كل هذه القيمة الفنية العالية؟

إن فيلم "الليل" للمخرج "محمد ملص" والذي استطاع أسر المشاهد بعد قرابة عشرين عاماً على إنتاجه، هو برهان أنه عمل إبداعي أصيل، ووفق المقياس التاريخي فإن العمل الذي تستطيع مشاهدته بعد زمن ولعدة مرات متكررة هو العمل الذي يعيش بحق ويكون مؤثراً، من المدهش أن الفيلم لم ينحدر إلى العرض المباشر واتكأ على عامل الإيحاء الزمني، من خلال خطين في سرد الأحداث الأول تحكيه الأم والآخر يحكيه الفتى، وفق إسقاطاته هو وكما يريد، ثم الاعتماد على أكثر من راوٍ أمر يحتاج لمعالجة عالية وهذا ما لاحظناه في سياق الفيلم».

يذكر أن فيلم "الليل" مأخوذ عن رواية "إعلانات عن مدينة" "لمحمد ملص"، وكتب له السيناريو "محمد ملص" و"أسامة محمد" وشارك في بطولته كل من "صباح الجزائري" و"فارس الحلو" و"عمر ملص" و"رفيق سبيعي"، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في وزارة الثقافة عام 1992م.

وفي النهاية لا بد من تعريف بمخرج الفيلم، الأستاذ "محمد ملص" روائي وسينمائي من مواليد "دمشق" عام 1945م، بعد دراسته للثانوية التحق بالمعهد السينمائي في موسكو وتخرج فيه عام 1974م، أخرج خلال دراسته فيلما قصيرا بعنوان "حلم مدينة صغيرة" وقد شكل نواة لأعماله فيما بعد، والتي تمحورت حول الحلم والمدينة والذاكرة.

له رواية بعنوان "إعلانات عن مدينة" وأخرج العديد من الأفلام السينمائية.