تشتهر مدينة "تدمر" بمعابدها التي تشهد على حضارة عظيمة عاشتها تلك المدينة منذ ألفي عام تقريباً ويتوافد يومياً مئات الزوار إلى هذه المدينة للتعرف على أشهر الأوابد الأثرية التي خلفها أجدادنا في "تدمر" ومنها معبد "نبو" الذي يقع على الجهة الجنوبية من الشارع الطويل في الحرم الأثري للمدينة إلى الغرب من قوس النصر، وحسب الدارسين للتاريخ فإن هذا المعبد يؤكد الصلة الوثيقة بين حضارة "تدمر" وحضارة ما بين النهرين.
للتعرف أكثر على معبد "نبو" وأهم آثاره وما يتميز به من باقي المعابد التقينا المهندس "وليد الأسعد" رئيس دائرة آثار "تدمر" فذكر بداية أن «المعبد كان مكرساً للإله "نبو" ابن الإله بابلي "بل-مردوخ" سيد السماء، والإله "نبو" هو إله الحكمة والمشرف على حياة البشر ومصائرهم، كان من أكثر الآلهة البابليين شعبية في بلاد الشام، وهو نفسه الإله "أبولو" لدى الرومان والإله "هرمز" لدى اليونان. وكان كاتب وأمين سر الإله "بل" الذي كان يضع أقدار الناس، وحسب الاكتشافات الأثرية الكثيرة تبين أن اسم "نبو" كان يُكتب إلى جانب اسم "بل" على الدعوات الفخارية للمآدب الدينية لأنه كان محبوباً».
ظهرت حقيقة المعبد عام 1963 بعد أن نقبت فيه بعثة فرنسية منذ عام 1960، وعُرف بأنه كان معاصراً "لمعبد بل" وطراز بنائه سوري، حيث بدأ بناء المعبد خلال الربع الأخير من القرن الأول الميلادي، وتوسّع وتطوّر بشكل تدريجي حتى نهاية القرن الثاني الميلادي، وبداية الثالث، وقد وجدت في المعبد الكثير من اللقى الأثرية والتماثيل المعروضة في متحف "تدمر" حالياً
وعن اكتشاف تاريخ هذا المعبد وحقيقته قال م. "أسعد": «ظهرت حقيقة المعبد عام 1963 بعد أن نقبت فيه بعثة فرنسية منذ عام 1960، وعُرف بأنه كان معاصراً "لمعبد بل" وطراز بنائه سوري، حيث بدأ بناء المعبد خلال الربع الأخير من القرن الأول الميلادي، وتوسّع وتطوّر بشكل تدريجي حتى نهاية القرن الثاني الميلادي، وبداية الثالث، وقد وجدت في المعبد الكثير من اللقى الأثرية والتماثيل المعروضة في متحف "تدمر" حالياً».
وأضاف: «وبينت الدراسات التي قامت بها البعثة الفرنسية وشارك فيها عالم الآثار السوري "عدنان البني" بين عامي 1963 و1964- وكان حينها مديراً للتنقيب في المديرية العامة للآثار- مع المهندس المعماري "نسيب صليبي"، أن تاريخ هذا المعبد كان معقداً جداً، ففي نهاية القرن الميلادي الأول تقاسمت عائلتان تدمريتان كبيرتان كما يبدو تشييد الأعمال الرئيسية فيه: عائلة "إيلابل" التدمرية المعروفة جيداً من خلال مدفنها البرجي الشهير بروعته في "تدمر"، وعائلة "نبو شوري"».
وعن شكل المعبد وأقسامه الرئيسة ذكر المهندس "أسعد": «المعبد على شكل شبه منحرف، أبعاده 85×78×44×60 متراً، يحيط به سور غير منتظم، وله ثلاثة مداخل من الشارع الطويل، ومدخل رئيسي بالجهة المقابلة، وفي المعبد أروقة وأعمدة وهيكل في الوسط.
وله بوابة ضخمة تقع في السور الجنوبي للمعبد يتوسط الباحة هيكل المعبد فوق مصطبة تتقدمها دعامتان بينهما درج يؤدي للهيكل ويحيط به رواق من الأعمدة.
وهيكل المعبد مبني على قاعدة، ويبلغ طوله عشرين متراً وعرضه تسعة أمتار، ويحيط به اثنان وثلاثون عموداً من الأعمدة الكورنثية الضخمة، وبينت الدراسات أن الرواق الشمالي قد تمت إزالته لبناء رواق ضخم في الوسط يعود إلى القرن الثاني الميلادي.
وفي صدر الهيكل محراب لتمثال الرب. وقربه يوجد درج يقود إلى وسط الهيكل كما في "معبد بل"».
وعما يتميز به معبد "نبو" عن باقي المعابد التدمرية قال مدير آثار "تدمر": «عند المدخل الرئيسي للمعبد درج على جانبيه عمودان وله رواق أعمدته جميلة الزخارف، ويوجد ثلاث غرف في كل من جانبي هذا الرواق، متصلة مباشرة بالأروقة الداخلية التي حول الباحة، وهي أروقة مرتفعة عن سطح الباحة، وهذا طراز نادر للبناء في "تدمر"، كما أن باحة المعبد غير مبلطة بل مغطاة بتربة قاسية، فيها خزان ماء فتحته عبارة عن حلقة من الحجر، وكانت مياهه تؤخذ للتطهير.
ويوجد أيضاً ضمن المعبد بناء من الحجر الكلسي الأبيض عليه نقش لسبعة آلهة، وله أفاريز مزخرفة، في كل زاوية منه ثلاثة أعمدة، ويبدو هذا البناء مشابهاً للمذبح الفخم الكائن في معبد "جوبيتر" في "بعلبك" بلبنان».