"تكية الكيزواني" هي أحد أبرز المعالم الدينية- التاريخية في مدينة "حلب" وهي مرتفعة يتم الصعود إليها بدرجات وتمتاز بمنارتها ذات الأقراص التزيينية الجميلة، ويبدو أنها كانت جامعاً قديماً جُدّد في الفترة العثمانية.

ولمعرفة المزيد حول هذا الجامع- التكية التقى موقع eAleppo الدكتور "محمد نور الدين التنبي" مستشار في جمعية العاديات بحلب والذي حدثنا عنها بالقول: «لقد كانت "تكية الكيزواني" في الأصل مسجداً ثم جامعاً، ويزعم العامة من الناس بأنّ بانيها هو الشيخ "علي الكيزواني" ولكن ذلك غير صحيح فالكيزواني سكن فيها فنسبت إليه، وهو "أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الحموي الكيزواني الصوفي الشاذلي" العابد والمسلك والمربي.

"تكية الكيزواني" هي بناء صغير مرتفع ذو جدران عالية يُصعد إليها من الجهة الجنوبية بدرج مرتفع وله صحن فسيح حسن يشرف على المساكن القبلية من مدينة "حلب" حيث يُرى منه منظراً حسناً نظراً لارتفاعه، وله منارة ذات مقطع دائري فوق قاعدة مربعة بشرفة دائرية على مقرنصات، خُرّب أعلاها /أي المنارة/ في الزلزلة الكبرى التي حصلت في العام 1237 هجرية و1822 ميلادية وقُطّعت من نصفها، وبقيت خربة إلى العام1341 هجرية و1922 ميلادية حيث عمّرها متولي الجامع الحاج "أحمد صهريج"

تقع "تكية الكيزواني" في "حي العقبة"- "حارة الدادا"- "زقاق الكيزواني" وذلك في مرتفع عال بين "الزاوية الكمالية" و"جامع القيقان" وتبلغ مساحتها الكلية 420 مترا مربعا أما المبني منها فتبلغ مساحته 300 متر مربع».

المئذنة، من الطراز العثماني

وأضاف الدكتور "التنبي" بالقول: «"تكية الكيزواني" هي بناء صغير مرتفع ذو جدران عالية يُصعد إليها من الجهة الجنوبية بدرج مرتفع وله صحن فسيح حسن يشرف على المساكن القبلية من مدينة "حلب" حيث يُرى منه منظراً حسناً نظراً لارتفاعه، وله منارة ذات مقطع دائري فوق قاعدة مربعة بشرفة دائرية على مقرنصات، خُرّب أعلاها /أي المنارة/ في الزلزلة الكبرى التي حصلت في العام 1237 هجرية و1822 ميلادية وقُطّعت من نصفها، وبقيت خربة إلى العام1341 هجرية و1922 ميلادية حيث عمّرها متولي الجامع الحاج "أحمد صهريج"».

وتابع حديثه قائلاً: «تضم التكية قبلية فسيحة تُقام فيها صلاة الجمعة وهي ذات سقف مهدي وغربيها من الداخل إيوانان سقفهما مهدي وبداخلها منبر خشبي تقليدي، وكان لها باب جميل موجه جنوباً هدمه بعض الناس وأعاده على غير صورته الأولى، والظاهر أنّ هذا الجامع قديم بدليل حجرة ظهرت في بئره مكتوب فيها أنّ نصف "سوق الحرير" في "سرمين" وقف عليه، وقد ذكر هذه التكية المؤرخ "أبو ذر" على أنها مسجد بدرب يُعرف قديماً بدرب المغاربة وهو غير نافذ، وهو مسجد نزه في قبليته مناظر تشرف على قبلي البلدة وما والاها.

الكتابات في واجهة الجامع

تحمل واجهة التكية عدة نقوش، يشير أحدها إلى حجرة تحت منارتها إلى أنّ بانيها- والصحيح مجددها- هو الوجيه "يوسف بن أحمد الحافظ" في عهد السلطان العثماني "سليمان القانوني" في العام 928 هجرية و1521 ميلادية، والكتابة:

طلب الغفران من رب رحيم/ يوسف في مصره عدل أمين

واجهة الجامع

ابن أحمد الحافظ في عصره / قد حوى فضلاً وعلماً ودين

صاحب الخيرات في أيامه/ جدد بيتاً لقوم عابدين

أنزل الرحمن آياته / أدخلوها بسلام آمنين

في دولة سلطان الزمان / سليمان له فتح مبين

كتب تاريخها بالأبجدية / الألف واللام والطاسين

كما توجد غيرها من النقوش، ومنها: مدد يا سيدي محمد بهاء الدين نقشبند، توكلت على الله».

أما الدكتورة "لمياء الجاسر"* فتقول عن التكية: «بنى التكية نائب "حلب" "يوسف بن أحمد الحافظ" حوالي العام 928 هجرية و1521 ميلادية للشيخ "علي بن أحمد بن محمد الصوفي الشاذلي الكيزواني" وقد خُرّبت المنارة في الزلزلة الكبرى التي حدثت في العام 1821 وبقي أعلى المنارة متهدماً فعمرها متولي الجامع "أحمد صهريج" في العام 1922 وهو جامع منذ فترة طويلة حيث لا يدري أحد أنه كان تكية.

تتكون باحتها المربعة من جزأين بلّط القسم الجنوبي منها بالحجارة الصفراء وهو قديم بينما بلّط الجزء الآخر ببلاط الموزاييك وهو حديث نسبياً.

وتتكون القبلية من قسم مربع يضم في جداره الجنوبي محراب بسيط على طرفيه نافذتان مستطيلتان أمام النافذة في الطرف الغربي منبر خشبي بسيط وفي الجدار الشمالي خزانتان جداريتان في الوسط وعلى طرفيها في الأعلى ظفران حجريان كبيران يتألف كل منهما من طبقتين، المئذنة عثمانية الطراز لها قاعدة مكعبة مرتفعة تأخذ ارتفاع الطابقين وتضم أربعة رنوك العلوي منها نجمي يقابله في الأسفل نجمة سداسية والرنكين الجانبيين على شكل وردة مثمنة الوريقات».

وحول ميزات عمارة "تكية الكيزواني" تقول: «التكية معلقة ضمت القبلية في الزاوية الشمالية الغربية يتصل معها في الغرب إيوانين ربما كانتا غرفتا اعتكاف أو مكان جلوس المتفرجين للسماح وهناك غرفة للشيخ بالاتصال مع الإيوان الجنوبي وتذكر المراجع التاريخية فسحتين سماويتين وأربعة محلات للسكن مما يدل على أنه قد اقتطع من التكية أجزاء.

وبالنسبة للإنشاء فقد اُستعمل القبو المتطاول الذي يتقاطع مع أقبية متطاولة أخفض منه /في القبلية/ والقوس المثلثي /في مدخل التكية من الداخل/ والمجزوء من ثلاث فقرات /في النوافذ/ والنجفة المستقيمة من قطعة واحدة /في النوافذ ومدخل التكية/ والقوس المدبب ذو المراكز الأربعة العثماني /طوق/ والمدبب /في الأواوين والمحراب/ والمدبب تتناوب فيه فقرة مفردة مع أخرى مزدوجة /في محراب الباحة/ والقوس المستقيم المرتكز على ظفرين مقوسين /فوق مدخل القبلية/ والعاتق له شكل نعل الفرس المدبب الأصم /في نافذة القبلية/ وطبقة خشبية /أسفل نجفة النوافذ وفي الجدران في الباحة/.

أما الزخرفة فمدخل التكية بني بنظام الأبلق وهناك نصوص كتابية في الواجهة الخارجية ورنوك على شكل ورود وناعورة كما في المئذنة وقاعدتها ومقرنصات كما في المئذنة والنجمة السداسية /في المئذنة / ونقوش بأشكال بدائية كما فوق النافذة وباب القبلية».

  • الدكتورة "لمياء الجاسر" حاصلة على البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة "حلب" 1964 والدكتوراه في علم الآثار– قسم العلوم التطبيقية من معهد التراث العلمي العربي بجامعة "حلب" في العام 2007.