أسفرت نتائج الموسم التنقيبي الحادي عشر للبعثة الأثرية السورية- البلجيكية المشتركة العاملة في موقع "تل تويني" الأثري الذي يقع شمال شرق مدينة "جبلة" والذي يعتبر نموذجاً من نماذج الحياة الحضارية والبشرية في عصور سورية القديمة، عن العثور على معالم أثرية جديدة لهذا العام.

وللوقوف عند تفاصيل نتائج الموسم التنقيبي الحادي عشر للعام "2010"، موقع eLatakia التقى الباحث المهندس "ابراهيم خيربك" مدير آثار ومتاحف جبلة، الذي حدثنا قائلا: «بوشرت أعمال التنقيب في موقع تل "تويني" الأثري منذ عام "2000" وحتى تاريخه، وقامت البعثة الأثرية السورية- البلجيكية المشتركة العاملة في موقع تل "التويني" بتنفيذ موسمها الحادي عشر خلال الفترة الممتدة من 15/5/2010 ولغاية 30/6/2010، وتم تركيز الأعمال خلال هذا الموسم في المربعات الواقعة في الأقسام الجنوبية الغربية من الحقل (B) ومربعين واقعين في منتصف الجهة الشمالية الغربية، حيث كان الهدف من هذه الأعمال هو متابعة الكشف عن سويات النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد والتي تعود إلى العصرين الفينيقي المبكر والبرونز الحديث المتأخر، وقد مكنتنا الأعمال الميدانية من كشف ودراسة السويات المتسلسلة "السوية الفينيقية المتأخرة من الحديد الأول والسوية الفينيقية المبكرة من الحديد الأول المبكر وسوية عصر البرونز الحديث المتأخر وسوية عصر البرونز الحديث" وتم قراءة العديد من الكتل المعمارية بوضوح وإزالة بعض الجدران».

بوشرت أعمال التنقيب في موقع تل "تويني" الأثري منذ عام "2000" وحتى تاريخه، وقامت البعثة الأثرية السورية- البلجيكية المشتركة العاملة في موقع تل "التويني" بتنفيذ موسمها الحادي عشر خلال الفترة الممتدة من 15/5/2010 ولغاية 30/6/2010، وتم تركيز الأعمال خلال هذا الموسم في المربعات الواقعة في الأقسام الجنوبية الغربية من الحقل (B) ومربعين واقعين في منتصف الجهة الشمالية الغربية، حيث كان الهدف من هذه الأعمال هو متابعة الكشف عن سويات النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد والتي تعود إلى العصرين الفينيقي المبكر والبرونز الحديث المتأخر، وقد مكنتنا الأعمال الميدانية من كشف ودراسة السويات المتسلسلة "السوية الفينيقية المتأخرة من الحديد الأول والسوية الفينيقية المبكرة من الحديد الأول المبكر وسوية عصر البرونز الحديث المتأخر وسوية عصر البرونز الحديث" وتم قراءة العديد من الكتل المعمارية بوضوح وإزالة بعض الجدران

معالم أثرية واضحة تم الكشف عنها خلال موسم التنقيب لهذا العام، بحسب ما أخبرنا المهندس "خيربك" بالقول: «أدت أعمال الكشف خلال هذا الموسم من إظهار رصفه حجرية منتظمة مربوطة مع الجدار السوية الفينيقية المتأخرة من الحديد الأول، وهذه الرصفة هي عملياً الاستعمال الأقدم لهذه المرحلة وقد وجد فوقها أعداد هامة من الكسر الفخارية التي تنتمي لجرار تخزين من أنماط منوعة امتزجت معها حبات من الزيتون المتفحم، كما تم متابعة الكشف عن البقايا المعمارية للسوية الفينيقية المبكرة من الحديد الأول المبكر والتي كان قد كشف عن أقسام منها في المواسم السابقة، وقد تمكنا من دراسة التكوين المعماري الكامل لهذه السوية والتي تعاصر طبقياً البناء الديني المكتشف في الشمال، حيث تألفت الكتل المعمارية من حيز مركزي حفظ منه ثلاثة جدران "الشمالي والغربي والجنوبي" والتي كان عرضها الوسطي لا يتجاوز "75" سم وهي منفذة من الحجارة غير المشذبة وكانت مرتبطة مع أرضية مخربة من التراب المدكوك، بالمقابل كان هذا الحيز يقسم إلى غرفتين صغيرتين تعود إلى المراحل النهائية من المبنى، ومكنتنا أعمال التنقيب إلى الشرق من هذه الكتل المعمارية من الكشف عن بقايا أساسات لجدارين متوازيين يتوضعان مباشرة فوق أساسات جدران تعود لسوية عصر البرونز الحديث "نشير أن هذه الأساسات بقيت مستعملة حتى نهاية عصر الحديد الأول"، ولم نستطع فهم الربط المعماري لهذه الكتل نتيجة حالة الحفظ البسيطة لكنها على علاقة مع البناء الديني وبالتالي تنتمي إلى تجمع معماري هام نأمل في دراسته بشكل دقيق في المواسم القادمة، كما تم الكشف عن البقايا المعمارية العائدة لسوية البرونز الحديث وكانت متوضعة مباشرة تحت الكتل المعمارية العائدة للسوية القائمة فوقها دون ملاحظة وجود آثار لتخريب أو تهديم أو حريق».

دمية فخارية تعود إلى سوية البرونز الحديث

أوضح المهندس "خيربك" بأن أعمال التنقيب أدت أيضا تمييز مرحلتين تعودان لكتلة معمارية واحدة تطورت وحملت عمليا وظيفة واحدة، وأضاف بالقول: «تألفت المرحلة المعمارية الحديثة من حيز معماري كبير وصلت أبعادة إلى ستة أمتار في المحور "الشمالي- الجنوبي" بينما لم نستطع تحديد أبعاد المحور الثاني وكانت الوحدات المعمارية مفككة فيما بينها وتكونت أرضية هذا الحيز من التراب المدكوك ولوحظ وجود موقد متطاول في زاويتها الشمالية الشرقية يقع عند الغرب محفوظ بشكل جزئي وفي داخلة آثار حريق، وفي المربعات الواقعة إلى الشرق ظهرت امتدادات معمارية للبنى السابقة تتألف من جدران تقع مباشرة تحت جدران المرحلة المتوضعة طبقياً فوقها وتشكل فيما بينها وحدة معمارية مستطيلة الشكل يصل عرضها إلى حوالي "230" سم، أما المرحلة المعمارية الأقدم فكانت محفوظة بشكل جيد وعلى علاقة مع تلك الوحدات المعمارية التي كشفت في المربعات الشمالية خلال المواسم السابقة والمؤلفة من غرفة كانت أرضيتها بيتونية قاسية خربت أقسام منها وغرفة أخرى تقع إلى الشرق من الغرفة السابقة وصل عرضها إلى "490" سم وتضم مصرفاً لتفريغ المياه المستعملة ومنفذ على سبعة مداميك يصل عمقه إلى حوالي "90" سم، وفناء خارجي واقع إلى الجنوب من الغرفتين السابقتين والذي يضم عدة منشآت صناعية صغيرة يمكن أن تشكل فيما بينها وحدة متكاملة نفذت أرضية هذا الفناء بشكل جيد وكانت قاسية بلون مصفر».

وعن المنشآت الصناعية البسيطة المكتشفة، أوضح المهندس "خيربك" بالقول: «تم الكشف عن حوض دائري يقع في مكان مركزي من الباحة يتألف من قاعدة عبارة عن بلاطة مسطحة واحدة ثبت فوقها شرائح حجرية بشكل مائل لكي يصل قطرها إلى "110"سم وتم تنفيذ هذا الحوض حول مصطبة حجرية يصل طولها إلى "230" سم و عرضها إلى "180" سم ونعتقد أنه حوض للترسيب وللترقيد، كما تم الكشف بشكل جزئي عن حوض يشبه الحوض الأول يصل قطره إلى متر واحد ويحمل نفس الصفات لكن قاعدته تتألف من بلاطتين متلاصقين ولم يكن محاطا بمصطبة حجرية، وأدت أعمال التنقيب من الكشف عن مصرف للمياه له مسقط دائري يصل قطرة إلى "60" سم وحفظ على تسعة مداميك بعمق يصل إلى "140" سم، ضم هذا المصرف غطاء حجري مسطح انهار وخُرّب وكانت الأرضية التي تقع حوله تميل بشكل واضح نحو فوهة المصرف لتسهيل عملية استجرار المياه المستعملة، وكشف إلى الشمال من المصرف السابق وفوق الأرضية البيتونية مباشرة عن مجموعة من جرار التخزين رمم منها ثلاثة جرار تعود أنماطها إلى فترة البرونز الحديث الثاني والثالث بالإضافة إلى بعض المستوردات القبرصية مثل "طاسات الحليب"، وحفظ إلى الشرق من المصرف السابق وإلى الجنوب من الحوض الأول تنور كبير نسبياً يصل قطره إلى "85" سم، ولوحظ أن هذا التنور أسس بشكل جيد بواسطة صف من الحجارة الصغيرة وقد وجد بداخلة طبقة من الرماد، بالمقابل زودتنا المربعات التي تقع إلى الشرق من هذا الفناء بمعطيات قد ترشدنا إلى تحديد الحدود الشرقية للبناء حيث تم الكشف عن تنور آخر دائري الشكل قطره يصل إلى "85" سم وكانت الأرضية المحيطة بالتنور من التراب المدكوك المكلس والتي أسست فوق رصفة من الحجار المختلفة الأحجام والمنغرسة ضمن كتلة من التراب المدكوك، كما تم الكشف عن حوض ثالث يحمل نفس خصائص الحوضين الأول والثاني يصل قطره إلى "100"سم، كما تم الكشف عن العديد من الكسر الفخارية المستوردة والمحلية منها الميسينية والقبرصية مثل "طاسات الحليب" و"القعور الحلقية" و"الأباريق ذات العجينة والسطح الفاتح الناعم" كما تم الكشف عن مشغل للحياكة وختم اسطواني وجد بالحقل الشرقي فوق مشغل الحياكة ».

الباحث والمهندس ابراهيم خيربك

خلاصة الموسم الميداني للبعثة المشتركة للموسم الحادي عشر هي تحديد طبيعة عدد من السويات الأثرية الهامة التي تعود إلى النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد، والتي ترجمها لنا مدير آثار ومتاحف جبلة، بالقول: «تم ربط السوية الفينيقية الأولى والتي تعود إلى بداية عصر الحديد الأول مع المعبد الذي كشف عنه في المواسم السابقة ويمكن اعتبارها ملحقاً جنوبياً له، ويمكننا هنا أن نؤكد أن عمارة هذه السوية تقوم مباشرة فوق بقايا عمارة عصر البرونز الحديث الثاني والثالث دون أي أعمال إنشائية واضحة "تسطيح أو تمهيد" بشكل يتماشى مع سطح الانهيارات، وهذا الوضع الإنشائي يدعو للتساؤل وعلى الخصوص عندما نلاحظ عدم وجود طبقات حريق أو تهديم نتيجة مرور شعوب البحر في المنطقة حوالي "1200" أو "1175" قبل الميلاد، هذه النتيجة هامة جداً وتؤكد أن الانتقال بين طبقات نهاية عصر البرونز الحديث وبداية عصر الحديد قد تمت بشكل طبيعي دون أحداث دامية، وبالمقابل كانت سوية البرونز الحديث محفوظة بشكل جيد، حيث أدت أعمال التنقيب إلى تأكيد وجود مسكن يتألف من عدد من الوحدات المعمارية يرتبط بعضها بمشغل للحياكة، فالأحواض الثلاثة كانت تستعمل لترسيب الخيوط المصبوغة والتي كان يتم التخلص من مياهها عبر ثلاث مصارف كبيرة دليل ايجابي لتأكيد هذه الوظيفة، كذلك الأمر فيما يخص الموقدين الصغيرين والتنانير الثلاثة التي كانت وظيفتها تحضير المواد التي كانت تستعمل في الصباغة».

مجموعة من جرار التخزين تعود إلى سوية البرونز الحديث