ضمن فعاليات مهرجان المزرعة للإبداع الفني، افتتح معرض وثائقي يضم صوراً تاريخية لرحالة ومستشرقين قدموا إلى "السويداء"، بين القرنين التاسع عشر والعشرين، بعنوان "رحالة الغرب في جبل العرب"، من عام 1805 إلى 1925، للمترجم "كمال الشوفاني" وذلك بالتعاون مع جمعية العاديات بالسويداء.
حول الأفكار التي طرحها المعرض أوضح المترجم الأستاذ الدكتور "نايف الياسين" أحد زائري المعرض لموقع eSwueda قائلاً: «المعرض يحمل الكثير من التساؤلات والأفكار أهمها أنه يوثق اهتمام الرحالة الأوروبيين الوافدين إلى المنطقة بالجبل من جهة، وهو يلقي الضوء على تاريخ بعض الأماكن التي يعلم الناس مكانها الحالي ولا يعلمون عنها شيئاً تاريخياً، إذ إنه من خلال الصور التوثيقية والتي يعود بعضها إلى أكثر من قرن من الزمن، يوضح أن هناك مجموعة من الأماكن المعروفة حالياً مثل المعابد وبعض المضافات القديمة».
إن ما رأيته من توثيق تراثي، للصديق "كمال الشوفاني" يؤكد أن الأصالة لا تموت، ولو غابت معالمها في بعض الأحيان، لأنها تبقى راسخة في الذاكرة، والفكر، ويسلط الضوء على مراحل تاريخية مر بها رحالة إلى أرض الجبل، وأماكن تحمل معالم التاريخ بالصور
وأضاف الدكتور" الياسين" بالقول: «أعتقد أن معرضاً من هذا النوع يفهم أنه دعوة إلى إعادة دراسة أعمال المستشرقين الذين كتبوا عن هذه المنطقة لأن المعلومات تصبح بعض معلومات راسخة في الأذهان، والناس الباحثون والمهتمون في التوثيق، تصحح معلومات وردت من المستشرقين أنفسهم، وخاصة في الجانب الاجتماعي والديني، لأن المؤرخ يعلق عن بعض الطقوس والممارسات دون فهم أصيل لها، وعندما يأتي شخص من أبناء المنطقة ويعيد دراسته، يتم تصحيح المعلومة المختلفة، وأتصور أن مثل تلك المعارض ودراستها لأدب الرحلات بشكل عام، تساهم في رفد الحركة الثقافة العربية ومثالنا على ذلك ما بدأ به "ادوارد سعيد" الذي طرح تمثيل الشرق لدى الكتاب الغربيين، لأنهم كانوا يعملون كمراسلي هذه الأيام الصحفيين، بمعنى أن الغرب يعلم عن هذه المنطقة بما كتبه هؤلاء، وكل ما يعرف الغرب عن المنطقة هو بعيونهم، وهذا ما أكسب معرض الأستاذ "كمال الشوفاني" أهمية من نوع خاص، ثقافي، اجتماعي، توثيقي، تاريخي».
ومن الأدباء المشاركين في مهرجان المزرعة الشاعر "صالح سلمان" القادم من محافظة "طرطوس" الذي زار المعرض وبين أهمية الذاكرة التي يتضمنها قائلاً: «إن ما رأيته من توثيق تراثي، للصديق "كمال الشوفاني" يؤكد أن الأصالة لا تموت، ولو غابت معالمها في بعض الأحيان، لأنها تبقى راسخة في الذاكرة، والفكر، ويسلط الضوء على مراحل تاريخية مر بها رحالة إلى أرض الجبل، وأماكن تحمل معالم التاريخ بالصور».
صاحب جائزة المزرعة المهندس "يحيى القضماني" أشار إلى أهمية المعرض بالقول: «ما قدمه الأخ "كمال الشوفاني" يعبر عن حقبة زمنية لم يتم معرفة شيء عنها، وهي مبحث هام للباحثين والمترجمين ليقدموا دراسات حديثة عن تلك الفترة، وبدوري أهيب بهذا المعرض وصوره أن يعمل عليه المترجم "الشوفاني" إلى إعداد موسوعة يقدمها للثقافة العربية، وأطلس من الصور التاريخية لرحالة وشخصيات وأماكن تغيرت مواصفاتها بفعل الزمن».
وعن رؤيا العمل من منظور صاحبه أوضح المترجم الأستاذ "كمال الشوفاني" قائلاً: «عملت على إقامة هذا المعرض بالتعاون مع جمعية العاديات، ضمن فعاليات مهرجان المزرعة للإبداع 2010 بعنوان "رحالة الغرب في جبل العرب" محاولاً توثيق صور للرحالة والمستشرقين وعلماء الآثار الذين زاروا الجبل منذ بداية القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين، حيث يشمل صورهم الشخصية وبعض الصور التي التقطوها أو رسموها وأثبتوها في كتبهم، أو صور ممن يعملون بعلم الآثار، فقد حاولت أن أعمل مقارنة بين الصور التي أثبتوها وما كانت عليه في تلك الأيام، ووضعت صوراً حديثة ملونة لما بني من هذه الأوابد اليوم».
وعن مشروعه الثقافي الأهم بين قائلاً: «إن مشروعي الأهم هو ترجمة كل الكتب التي
انجزها الرحالة إلى اللغة العربية وقد بدأت بكتاب عن مذكرات "غيرترود بل" عام 1900، 1905 وأنا أتوجه الآن لكتاب "وليم رايت" بعنوان "بين خرائب باشان" عام 1874، إضافة إلى الرحالة الذين قدموا على الجبل وهم "من ألمانيا أولريخ كاسبر زيتسن عام 1805، ويوهان غوتفريد فيتزشتاين عام 1859، والبارون ماكس فرايهبر فون أوبنهايم عام 1893، وهيرمان بورشات عام 1895، ورودولف إرنست برونوف عام 1898، و من سويسرة يوهان لودفيغ بير كهارت بين عامي 1810 و1812، ومن انكلترا جيمس سيلك باكنغهام عام 1816، والسير ريتشارد بيرتون عام 1871، د.وليم رايت 1874، وليم إوينغ عام 1890، وغيرترود بل عام 1900و1905، وفريا ستارك عام 1928، ومن فرنسا الماركيز ملكيور دو فوغيه عام 1861، وجوزيف ماسكل في ثلاثينات القرن العشرين، ومن أمريكا د.وليم ماكلير تومسون عام 1877، وهوارد كروسبي بتلر في الأعوام1900،1905،1909، ووليم سيبروك عام 1925».
وعن نشر الثقافة التاريخية أشار رئيس جمعية العاديات الأستاذ "محمد طربيه" قائلاً: «لا شك ما عرضه الأستاذ "الشوفاني" يعتبر عملاً هاماً في مجالات عدة أهمها تذكير الناس بالتراث العربي الأصيل، من خلال الأماكن كالمضافات القديمة التي كان بعضها معابد، واليوم تغيرت مواصفاتها الشكلية والفنية، والمعرض يطرح أسئلة عديدة في الثقافة العربية وأهميته تكمن في التشجيع على التدوين التاريخي الذي علينا أن نسعى ونشجع عليه، لنشر ثقافة تجديد الماضي وتقديم معارفنا المحلية والعلمية بقالب المعاصرة والحداثة، وبالتالي خلق حراك ثقافي جديد».