«في مدينة "قارة" الكل معنيون، الجميع يساهمون، ولا استثناء.. كلُُّ حسب طاقته واستطاعته، فالهدف سام ونبيل... بناء مدينة عصرية تواكب تطورات العصر وتحافظ على الإرث الإنساني الجميل».
هذه الكلمات ليست من قبيل الدعاية كما يقول السيد "عبد الرحمن القاضي" رئيس مجلس مدينة "قارة" لموقع eSyria فواقع الحال يؤكدها.
تفيد كتب التاريخ أن الإنسان سكن "قارة" منذ العصر الحجري، وسكنها الآراميون منذ القرن الثالث قبل الميلاد، ودخلت فيها المسيحية منذ مطلع القرن الأول الميلادي لأهمية موقعها على طريق القوافل، وظلت المسيحية سائدة في البلدة حتى مجيء المماليك في عام /1226/م
ويبدأ "القاضي" حديثه عن البدايات: «خوفاً من الغزو، بنى أهل "قارة" القدماء بلدتهم فوق تلة، وكانت أغلبية منازلهم المتلاصقة ذات مساحات ضيقة لا تتجاوز مساحة البيت الواحد الـ (60-70) متراً مربعاً، وقد بناها أصحابها من المواد المحلية المتوافرة الطين والخشب والحجارة، ودون أية خدمات أو بنية تحتية».
إلا أن هذه الحال تبدلت، فالداخل إلى مدينة "قارة" يستطيع أن يلاحظ وبسرعة أن تطوراً كبيراً قد أصاب المدينة إن صح التعبير، وفي هذا يقول رئيس مجلس المدينة: «شهدت "قارة" في السنوات الأخيرة من القرن العشرين تطوراً كبيراً وسريعاً في كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية، فتمتعت بجميع الخدمات الحديثة من مياه للشرب، الكهرباء، الهاتف، المدارس الحديثة، ورياض الأطفال، طرق معبدة بطول يصل لنحو مئة كيلومتر، ومثلها لخطوط الصرف الصحي كما تمت إقامة محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي».
ويشير "القاضي" إلى أن الدور الكبير في نجاح تلك المشاريع وغيرها يعود للأيدي الخبيرة والخيّرة، من خلال التبرعات المالية المجزية والجهود التطوعية لإنشاء وتحسين المرافق الخدمية والاجتماعية فيها، منها: «مشفى "قارة" وهو مجهز بأحدث الأجهزة الطبية وتم تسليمه لوزارة الصحة، مركز ثقافي، حضانة مع روضة أطفال، ست سيارات لمجلس المدينة، باص لروضة الأطفال، بناء مدينة رياضية بكلفة (500) مليون ليرة سورية ينتهي العمل بها عام /2011/، حديقة عامة بمساحة (40) دونماً تضم ملاعب كرة سلة، قدم، طائرة، مدّرج، مسرح، ألعاب أطفال مجانية، مقر لشعبة الهلال الأحمر، إنارة شارع في المدينة بطول (3) كم، ولعل أبرز الأعمال الشعبية تتمثل في تبرع أحد المغتربين بجر مياه الشرب إلى "قارة" من مسافة (12) كم، إضافة إلى التبرع برافعة ذات سلة بذراع كهربائي، وتركس لمجلس المدينة.
العمل لم يتوقف عند التبرعات السخية التي قدمها عدد من أبناء البلد بل بدأ التفكير في كيفية توظيف تلك الأموال وغيرها في إنعاش المنطقة، ومن هنا كان لا بد من التخطيط المسبق لأي مشروع جديد يتم اعتماده، بحيث يتم مراعاة عدة نقاط أهمها: تلبية احتياجاته من عمالة ومواد أولية وغير ذلك من "قارة"، والهدف منع الهجرة إلى العاصمة بل العكس».
النظافة كانت من أبرز نماذج العمل الشعبي، حيث وضعت جمعية "الهلال الأحمر" في المدينة مشروعاً دائماً لنظافة الشوارع والطرقات الفرعية في حارات "قارة" وفي هذا يقول "القاضي": «بدأنا كبلدية بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر والسكان بمشروع مهم للغاية يتمثل بتنظيف شوارع "قارة" فكل يوم جمعة من كل أسبوع تبدأ حملة النظافة من الساعة (8 حتى 10) صباحاً حيث يتم تنظيف حارة كاملة، وهذا المشروع دائم، وقد بدأنا به منذ ثلاثة أشهر، ويستطيع أي زائر لمس النظافة مجرد دخوله إلى المدينة».
ويؤكد "رئيس المجلس البلدي أن العلم والتعليم أصبح هاجس المدينة وسكانها فيقول: «المشروع الأهم لدينا الآن هو ضرورة تخريج طلاب ذوي كفاءات، ولاسيما في ظل توافر كل مستلزمات التعليم بدءاً من المدارس التي تعتبر نموذجية، فلا توجد أي مدرسة بدوامين مثلاً، وانتهاءً بوسائل التعليم التي جرى التبرع بقسم كبير منها من قبل الأيدي الخيّرة، وانتهاء بالحفل السنوي الذي يتم فيه تكريم المتفوقين في المدارس الابتدائية والثانوية، من أجل تحفيز الجميع للمزيد من الجد والاجتهاد.
ومن هذا المنطلق وتحت شعار (من أجل تعليم وتربية أفضل) تمت دعوة كل المعنيين بالعملية التربوية، وبعض المختصين ذوي الباع الطويل في التعليم لمناقشة أمور التربية والتعليم في المدينة من أجل دفع العملية التربوية إلى الأمام».
بقي أن نشير إلى أن مدينة "قارة" التي يقطنها (23700) نسمة تعتبر واحدة من أقدم المدن السورية حيث سكنها الإنسان القديم، وفي هذا يقول السيد "زياد ميمان" رئيس المركز الثقافي في "قارة": « تفيد كتب التاريخ أن الإنسان سكن "قارة" منذ العصر الحجري، وسكنها الآراميون منذ القرن الثالث قبل الميلاد، ودخلت فيها المسيحية منذ مطلع القرن الأول الميلادي لأهمية موقعها على طريق القوافل، وظلت المسيحية سائدة في البلدة حتى مجيء المماليك في عام /1226/م».
وحول موقع المدينة يضيف: «تقع "قارة" التي تنتمي إلى منطقة "القلمون" بين "حمص" ودمشق"، فتبعد عن دمشق (92) كم، وعن "حمص" (62) كم، وترتفع عن سطح البحر (1340) متراً، وإلى الغرب منها يقع "جبل قارة" وفيه قمة "حليمة قارة" ثاني أعلى قمة في سورية بعد "جبل الشيخ" حيث ترتفع بمقدار (2464) متراً عن سطح البحر».
ويعدد لنا بعض المعالم التاريخية والأثرية في "قارة": «تحتضن "قارة" العديد من الأماكن الأثرية الموغلة في القدم، وأهمها: "الجامع الكبير" الذي تحول من معبد وثني قبل الميلاد إلى كنيسة في عام /325/ م، سميت كنيسة القديس "نقولا"، وفي عام /1266/ ميلادي حُولت إلى جامع، كنيسة القديسين "سرجيوس" و"باخوس"، التي تحتوي على أيقونة فريدة من نوعها على مستوى العالم وتسمى "مرضعة الحليب"، وتمثل السيدة العذراء وهي ترضع الحليب لوليدها السيد "المسيح"، دير "مار يعقوب المقطع"، خان "نور الدين"، أقنية رومانية تعود إلى العصرين الروماني والبيزنطي، وقد استخدمت لنقل المياه من الينابيع في الجبل إلى وسط البلدة».
والجدير ذكره هنا أيضاً أن الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" في زمن الوحدة بين سورية ومصر في 25/ شباط 1959، وبينما كان الرئيس "عبد الناصر" متوجهاً من "دمشق" إلى "حمص"، وبسبب كثافة الثلوج عند "قارة"، لم يتمكن هو والوفد المرافق له من إكمال سيره فقرر الدخول إلى مدينة "قارة" للاستراحة ريثما تتوقف العاصفة الثلجية، فلقي الوفد كل الترحيب من الأهالي، وخلال تلك الاستراحة ألقى الرئيس "جمال عبد الناصر" خطاباً من على شرفة منزل "شاكر قدور".