تتطلب تربية الإبل اهتماما أوسع في سورية بشكل عام وفي محافظة "حماة" بشكل خاص، لارتباط المحافظة الوثيق بالبادية التي تشكل بيئة ملائمة لتربية هذا النوع من الحيوانات ذات المردود الاقتصادي المجزي، والتي تتمتع بطاقة إنتاجية عالية يمكن تطويرها وتحسينها والاستفادة منها لسد الحاجة المتزايدة من مادتي اللحم والحليب.
** واقع تربية الإبل في ريف "حماة"
يستخدم البدو في ريف "حماة" وبر الجمل في صناعة بعض الألبسة والعباءات، ويمزج الوبر بشعر الماعز لصناعة الخيام وبيوت الشعر ويتراوح إنتاج الرأس الواحد بين "1 – 1,5 " كغ ويقص مرة واحدة في السنة خلال فصل الربيع
نتيجة الظروف الجوية القاسية التي تعرضت لها البادية الحموية وما نتج عنها من نقص في الغطاء النباتي وتدهور في التربة، أدى ذلك إلى انعكاسات سلبية على تربية الإبل في المحافظة.
يقول "خلوف الصالح" أحد مربي الإبل : «ورثنا تربية الإبل عن أجدادنا منذ القديم، وقد كنا نملك أعدادا كبيرة منها، إلا أننا حاليا لم نعد نملك إلا عددا قليلا لا يتجاوز العشرين رأسا، وذلك نتيجة قلة العلف وعدم توافر المراعي المناسبة، ما اضطرنا لبيع أعداد كبيرة منها إلى المسالخ لذبحها، وأعتقد أن الثروة الإبلية في حماة ستتراجع إلى نسب خطيرة إن لم يكن هناك تدخل إيجابي من الجهات المعنية في تأمين العلف».
وأما "شريف عقلة" فيقول : «إن تراجع تربية الإبل في محافظة "حماة" يعود إلى تقلص المراعي نتيجة الامتداد العمراني، وتغير أسلوب ونمط الحياة وتوافر وسائل النقل الحديثة، وأهمية الإبل تكمن في مناطقنا بتحملها للحر الشديد وقلة المياه التي تحتاجها، وأدعو الجهات المعنية في محافظة حماة لزيادة الرقابة على ذبح الجمال وبخاصة الإناث».
**ميزات الإبل وأهميتها.
الدكتور "دارم طباع" مدير مشروع حماية الحيوان في سورية يقول : «إن الإبل تمتاز عن غيرها من الحيوانات الحقلية الأخرى بميزات عديدة، أهمها قدرتها العالية على تحمل الجوع والعطش في المناطق وكثرة عائداتها السنوية، حيث يمكن تلقيحها كل عام وبيع مواليدها سنوياً، ويمكن للناقة الواحدة سد حاجة عائلة المربي من الحليب، وكما يمكن للإبل أن تعيش حرة في المراعي الطبيعية أو مربوطة تحت نظام غذائي تقليدي، وتمتاز الإبل بقدرتها العالية على استخلاص الماء من النباتات الصحراوية والاستفادة منها كما تتمتع أيضا بقدرة على تغيير درجة حرارتها فيزيولوجياً تبعاً لظروف البيئة التي تعيش فيها فهي لا تحتاج لمظلات أو حظائر تقيها حر الصيف وبرد الشتاء».
ويضيف الدكتور "طباع" : «لقد استأنس الإنسان بالجمال منذ القديم لكبر حجمها وسهولة قيادتها، وتحملها للظروف الصعبة وتلازمها مع البيئة الصحراوية التي يتعذر على معظم الحيوانات الأخرى مجاراتها في هذا المضمار، ما جعلها تنال بجدارة لقب سفينة الصحراء، وكما تعددت أسماؤها حيث أطلق عليها أسماء الإبل والبعير والنياق وحمر النعم، وتنتشر في بادية الشام سلالات عديدة من الإبل أهمها الخوار والجودي والشامية والحرة والذلول والنجدية».
**واقع إنتاج الإبل
المهندس "عبد المنعم الصباغ" رئيس دائرة الإرشاد في مديرية زراعة حماة يقول : «إن تعداد الإبل في الوطن العربي يبلغ حوالي "12" مليون رأس، تتوزع بشكل غير منتظم في البلدان العربية ومنها سورية التي لا يتجاوز عدد رؤوس الجمال فيها "12" ألف رأس رغم أن هناك مساحات واسعة وظروف بيئية ومناخية تناسب تربيتها لاسيما في البادية السورية، التي تنتشر فيها المراعي الواسعة التي تتغذى عليها الإبل فهي ترعى ما لا ترعاه الأغنام كالأعشاب الصحراوية والنباتات العشبية والشجيرات الرعوية، وبذلك فإن نمط الرعي عند الإبل يؤدي إلى توازن المرعى، حسب ما أكدته دراسة المركز العربي لبحوث الأراضي الجافة والقاحلة في سورية تحت عنوان "واقع إنتاج وبحوث الإبل"».
و أضاف "الصباغ": «هذه الدراسة تفيد أن نمط رعي الإبل لا يكون بشكل دائم في مراكز المياه، بل في مساحات واسعة بين عدد من مراكز المياه إذ تتحدد مدة المرعى والمساحة التي ترعى بها الإبل على وفرة الغذاء، وليس على وجود المياه باعتبار أن الجمل يشتهر بصبره الشديد على العطش».
**الجدوى الاقتصادية لتربية الإبل في ريف حماة
تنتج الإبل الحليب واللحم والوبر حيث يعتبر إنتاج الحليب من أهم منتجات الإبل في "حماة" كون أن أنثى الجمل / الناقة/ تحلب مرتين يومياً، تكون الأولى في الصباح الباكر والثانية عند غروب الشمس مع ضرورة وجود وليدها بجانبها كي لا تمتنع عن "الإدرار"، وغالباً ما يحلب نصف الضرع ويترك النصف الآخر كي يرضعه المولود، ويستحسن السماح للناقة الراحة قبل الحلابة وبعد الرعي.
يقول الطبيب البيطري "أحمد خفيف": «تنتج الناقة الواحدة يومياً في حماة من الحليب ما يتراوح بين 10 و15 كغ، ويصل أحياناً إلى 25 كغ حسب نظام التربية وطريقة حلابتها واختلاف ظروف حياتها، ويستعمل حليب النوق لغذاء الإنسان مباشرة بعد حلبه حيث يتخثر بسرعة تفوق تخثر حليب الحيوانات الأخرى، ويمكن الحصول منه على السمن والجبن واللبن ويستعمل الرعاة الحليب بوضعه في قربة صغيرة تسمى "الصميل" تعلق على جانب الناقة حيث تكون غذاءً أساسياً للراعي».
وأضاف خفيف : «يتمتع حليب الإبل بخاصية شربه من قبل الإنسان دون غلي، وله رائحة محببة وغني بالمكونات الأساسية الضرورية لتغذية الإنسان، كون البروتين الموجود في حليب النوق يحتوي على "الغلوبيولين" المناعي بدرجة عالية، وهي تشكل أساس الأجسام المضادة المناعية، وتلعب دوراً أساسيا للوقاية من الكثير من الأمراض السارية والمعدية لدى الإنسان والحيوان، ولحم الإبل يعد مصدراً هاماً للبروتين الحيواني وهو لا يختلف بجودته عن لحم العجول أو الأغنام، و يذبحه البدو في المناسبات وللضيافة ويفضلون الصغير منه، وقد ازدهرت في الآونة الأخيرة تجارة الإبل بهدف تسويقها للربح لدى بعض البلدان العربية، كما تنتج الإبل الوبر الذي يتركز على جسم الجمل في منطقة الرقبة والسنم وبشكل أقل في المناطق الأخرى من الجسم، ويكون ذو نوعية جيدة في الحيوانات الصغيرة حتى عمر سنتين، ويكون غزيرا وأكثر خشونة مع تقدم عمر الجمل».
وحول استخدامات الوبر يقول الطبيب "خفيف": «يستخدم البدو في ريف "حماة" وبر الجمل في صناعة بعض الألبسة والعباءات، ويمزج الوبر بشعر الماعز لصناعة الخيام وبيوت الشعر ويتراوح إنتاج الرأس الواحد بين
"1 – 1,5 " كغ ويقص مرة واحدة في السنة خلال فصل الربيع».