بعد تكريمه في يوم افتتاح مهرجان المونودراما في "اللاذقية"، استراح الناس خارج المسرح ينتظرون صدور بيان شخصي على لسان الفنان "عبد الرحمن أبو القاسم" من هنا من صالة الفنان "أسعد فضة" في المسرح القومي في "اللاذقية" بحلته الجديدة.
عمل "بيان شخصي" يمثل حديث كل عربي عما يجول بين أشرطة الأخبار ومذياع كل صباح، هرب من سماعه كل العرب، يريد هذا العربي الذي صرح باسمه "أبو القاسم" أن يقول حديثاً رسمياً يحكي للجميع ما يجري في وطنه الكبير المترامي على كل المسافات وكل الأبعاد، حديثاً يعلمه كل من جلس لدقائق أمام شاشة تلفاز أو قرأ ولثوان قليلة مانشيتاً رسمياً من مانشيتاتنا العربية الكثيرة والمتنوعة.
ما قام به اليوم العملاق "عبد الرحمن أبو القاسم" هو بحد ذاته رسالة تحدثها عني أنا ابن البلد المغتصبة أرضه والمستباحة كرامته، نقلني وبأسلوبه الكبير إلى وطني وما يعانيه هو والكثير من واقعنا العربي المشتت
يقول "أبو القاسم" في حديث خاص لموقع eLataki: «البيان الذي أطلقته اليوم كان لكل العرب وباسم كل العرب، وهو أن كفانا بعداً وتباعداً رغم ضيق المكان، رؤوسنا ورقابنا جميعها مطلوبة لهم، مطلوبة لمن قتل أبي وشرد أهلي واستباح أرضي، وسرق تاريخي واغتصب نسائي، مطلوبة لهم، أعداء الديمقراطية ومتشدقيها الكاذبين».
لخص حكاية عربي في يومياته الروتينية وتحت أعين القصف وأخبار السوء التي تحيق بوطنه، أخبر هذا العربي عما يجري في مساحات الليمون في فلسطين وعما يجري في أرض العراق ولبنان واليمن والسودان والكثير من البقاع المغتصبة في الوطن العربي، صرح بكلمات لم يسبق أن سمعها العرب على الملأ، ذكرها ليعمق الشعور وينقله من صلب واقعيته لنا نحن الجالسون نراقب وبتمعن رهيب ودقيق كل تلك التحركات التي أومأها ذاك الشيخ الكبير على مسرح صغير لا يتسع- لا هو ولا مسارح الدنيا بأسرها- لحجم معاناته وشكوته.
يقول "أبو القاسم": «أقول لكل العرب اليوم، أننا جميعاً في بوتقة واحدة وفي سلة واحدة، والجميع موجه عليها فوهات البنادق والمدافع، علينا أن نكون يداً واحدة وأن نبتعد عن كل ما يفرقنا، عن المذاهب والأحزاب السياسية، وعن المصالح والغايات، وعن المواقف المختلفة والأولويات والمحسوبيات، علينا أن نجتمع على قراءة واحدة لنوصلها بشكلها الصحيح إلى كل العالم ليفهم ويعتبر ويتيقن من نحن العرب أصحاب التاريخ والأمجاد».
أما عن مهرجان المونودراما وهو المكرم فيه اليوم يقول "أبو القاسم": «التكريم جاء ثمرة جهود كبيرة، امتدت عبر تاريخ من التعب والجهد، ومهرجان المونودراما هو مبادرة بسيطة وبطيئة الخطى أدعو إلى تفعيلها ودعمها والوقوف إلى جانب كل من يساهم فيها، فهو يمثل حركة نوعية مسرحية ثقافية لها اعتبارها لفن صعب ومعقد لا يتصدى له إلا القلة من ممثلينا ومخرجينا في العالم العربي».
الفنان "ماهر صليبي" يقول: «أظن اليوم في هذه النسخة من مهرجان المونودراما أنه تم انتقاء أعمال كبيرة بحجم أهمية من يقوم عليها، وهناك حضور سوف يجلس ويتابع عن كثب ما ستقدمه تلك الأعمال من فرجة مسرحية معتبرة ومفيدة، أما ما قدمه "أبو القاسم" رغم كبر سنه، فأنه استطاع أن يوصل رسالة جميلة جداً للجميع وعن الجميع، وأنا شخصياً كنت متعاطفاً معه ومع ما قدمه لنا اليوم».
يتابع "صليبي" حديثه لموقعنا: «في العمل المونودرامي، يلزم ممثله الحضور المتميز والواثق وأن يصلك كمتابع وحاضر الكثير عن ذات الفنان الذي يقف طوال الوقت أمامك وهو يحاول وبكل ما أوتي من تركيز أن يشد أعين المراقبين إليه ويمنعها إن استطاع عن أن ترف ولو لمرة واحدة، هو إذاً ممثل بارع وله حضوره وأثبت جدارته، هكذا سيقال عنه بعد العرض بكل تأكيد، والعمل المونودرامي امتحان كبير لكل ممثل يخوض هذه التجربة وخصوصاً أن كبار الممثلين في العالم يفضلون أن يختمون حياتهم الفنية بعمل مونودرامي كما صنع "أنطوني كوين" في "الشيخ والبحر"».
الفنان المسرحي "مجد أحمد" يقول: «تحليل هذا العمل فنياً يحتاج برأيي إلى تفكير انطباعي محمل بشحنة عالية بتماس مباشر مع هذا العرض وما قدمه المخضرم "أبو القاسم"، العرض جميل جداً بكافة تفاصيله من حيث الأداء والإخراج والسينوغرافيا، وأنا بالنسبة لي كممثل أعترف بأن هذا العرض أعطاني شحنة جديدة رغم بعض الإشكاليات التي شابت النص».
فيما يقول الممثل العراقي المشارك ضمن بعثة العمل العراقي الشقيق الفنان "زياد الهلالي": «ما قام به اليوم العملاق "عبد الرحمن أبو القاسم" هو بحد ذاته رسالة تحدثها عني أنا ابن البلد المغتصبة أرضه والمستباحة كرامته، نقلني وبأسلوبه الكبير إلى وطني وما يعانيه هو والكثير من واقعنا العربي المشتت».
الإعلامي "عبد المؤمن الحسن" قال في حديث لموقعنا عن المهرجان وواقع "اللاذقية" الثقافي وما قدمه اليوم الفنان المكرم في عرض المهرجان الأول: «أعتقد أن خير البدء في مهرجان المونودراما بصحبة الفنان الكبير "عبد الرحمن أبو القاسم" الذي أمتعنا ونقل لنا صورة واضحة ودرامية لم تخل من بعض المواقف التي أراحت نفوس ومشاعر الحضور ما بين المبكي المبكي وما بين المضحك البسيط».
المسرحي الشاب "إيهاب سلمان" عبر لنا عن رأيه بما قدمه "أبو القاسم" قائلاً:
«ما قام به الفنان الكبير "عبد الرحمن أبو القاسم" اليوم أنه قام بتلخيص واقع الحكومات العربية، وفوجئنا حقيقة بدرجة التحرر الشديدة التي غمرنا بها، هناك كلمات أطلقها أظنها تطلق للمرة الأولى على خشبة المسرح في سورية وأن الجمهور لم يعتد على سماع ومشاهدة هذه الجرأة على المسرح».