تٌعرف مدينة"حلب" في القاموس الصناعي بأنها عاصمة الصناعة السورية نظراً لمكانتها وموقعها، وتوافر اليد العاملة وتجمع العقول الصناعية فيها، ومع إطلالة العام الجديد 2010 تعرفت غرفة صناعة "حلب" على وجوه صناعية شابة تحمل في داخلها هماً واحداً هو تطوير الصناعة السورية والارتقاء بها نحو الأفضل.
esyria زار أروقة غرفة صناعة "حلب" والتقى بالصناعي المهندس "محمد ماهر الملاح" والذي يعمل ضمن القطاع النسيجي ليحدثنا عما يدور في كواليس مهمته القادمة للغرفة، وماهي نظرته للصناعة الحلبية، وماذا يملك من أسلحة لمواجهة التحديات القادمة.
*لو حدثتنا عن مجال عملك في البداية؟
** يغلب التصدير الخارجي على نسبة كبيرة من مجال عملي وهو "القطاع النسيجي"، وهذا يتطلب مني في هذه الحالة مهمتين أساسيتين هما المحافظة على السوق الداخلية من جهة، ومن جهة أخرى فتح أسواق جديدة ومستهدفة، و هذا كله بحاجة إلى تنسيق ودراسة وبحث بطريقة علمية ومنهجية صحيحة، فزمن الصناعة وفتح الأسواق بطريقة عشوائية قد انتهى ولا مكان له بعد الآن».
*ماذا تخبرنا عن الصناعة النسيجية في "حلب"؟
**الصناعة النسيجية لها عدة اتجاهات فأقمشة المفروشات مثلاً مجال لا تستطيع أن تنافسنا دول كبرى فيه مثل "الصين" وهنا لا أتكلم عن ناحية الكلفة بل الجودة ومن ناحية الكميات الصغيرة والسريعة التي لا يستطيع أن يطلبها أي أحد من "الصين" ونحن الوحيدون الذين نسيطر على هذا المجال على مستوى المنطقة والشرق الأوسط، والشق الآخر هو صناعة الملابس والأقمشة القطنية وهو موضوع يمارس عليه ضغوطات كبيرة جداً وذلك بسبب فتح باب الاستيراد إلى السوق الداخلي ، وفي السوق الخارجي أصبح التصدير كبيراً جداً وبملايين القطع نحو "الصين " و"بنغلادش" و" الهند"بينما انحصر تصديرنا على العقود الصغيرة والسريعة وبكميات محدودة، ونحن نقوم الآن باسترجاع ما فاتنا بعدما قامت الحكومة مشكورة بإصدار قرار بيع الغزول بالسعر العالمي وهذا ما أعطانا فرصة للعودة إلى السوق الذي خسرناه على مدى خمس سنوات سابقة نتيجة غلاء أسعار القطن، وما نراه الآن أن الحكومة متفهمة لأهمية التصدير وهي جاهزة لأن تقدم كل المساعدات في ذلك والمطلوب منا حالياً هو أن نحدد ما نريده من الحكومة بالضبط لمساعدتنا به.
*ماهي أبرز الأفكار التي تحملها في جعبتك لمواجهة ذلك؟
** أهم شيء لدي هو أن نستطيع تهيئة بعض المعامل_ وليس جميعها بالتأكيد_ حتى نصل إلى ما يسمى باللغة الصناعية "الستندر" الأوروبي الذي من الممكن أن نصدر له، وبنفس الوقت دعم المعامل غير القادرة على الوصول إلى هذا الشكل من خلال إيجاد الأسواق لها من الدول المحيطة بنا والمجاورة لنا، وهو مخطط طويل جداً ومدروس.
*ماذا تحدثنا عن دخول العناصر المثقفة إلى غرفة الصناعة، وماذا سيفيد ذلك؟
** من خلال تجربتي الطويلة في ميدان العمل وجدت أن العلم مسألة ضرورية وحساسة للغاية ولا يمكن تجاهلها على الإطلاق، وأنا دائماً أقول :العلم ثم العلم ثم العلم، ودول العالم لم تتطور فقط من خلال صناعتها بل علمها هو الذي يطورها، وهذا لا يعني أنني أطالب بأن يكون جميع أعضاء الغرفة من الأكاديميين والمثقفين، لأنه يلزمها أيضاً من هؤلاء الذين يملكون القاعدة الاجتماعية العريضة الذين يتدخلون في حل جميع الإشكالات ولهم كلمتهم وسمعتهم المعروفة، وهؤلاء بتكاتفهم مع بعضهم البعض سيعطي نتائج إيجابية مهمة بالتأكيد، فالحكومة لم تعد ترضى بالحل العشوائي والغوغائية في طرح الإشكال الصناعي بالتأكيد، وأصبحت تطلب طرحاً ممنهجاً ومدروساً في التعاطي مع المشاكل وأيضاً في التعاطي مع الحلول، فنحن كلنا نعمل في هذا الوطن ومن أجله، وأنا أؤمن بمبدأ عملي هو "لا تعلمني أكل السمك بل علمني اصطياده"
** بالنسبة للبرنامج الانتخابي فهو ليس بالمهمة الصعبة أو المستحيلة، ويمكن لأي شخص عادي أن يتفنن في كتابته، لأنه سيكون ناتج عن بيئتنا الصناعية والاجتماعية وعن همومنا ومشاكلنا وقضايانا، فجميعنا لديه مشاكل مع الجمارك والمالية والاقتصاد والمؤسسة الاجتماعية والعمل، والبرنامج الانتخابي نابع من الكل وليس من شخص واحد فقط، أنا شخصياً سأحاول أن أفعّل دور الاجتماعات الدورية وفق خطة عمل مشتركة تشمل كافة الأخوة الصناعيين، ويجب هنا عدم التمييز بين صناعي كبير و آخر صغير لأن باب غرفة الصناعة مفتوح للجميع، وسنكون بخدمته طبعاً، وسنضع الخطط الصناعية الملائمة والمناسبة، وليس المهم وضع الخطط بل الأهم من ذلك كله هو من سيحاسبنا على تقصيرنا ، فأنا كصاحب منشأة يكمن دوري في مراقبة النتائج، فلدي خطة عمل مؤقتة زمنياً وانتهى وقتها، فيجب أن تكون النتائج إيجابية، وإذا لم يكن كذلك معناه أن هناك خلل ما يجب البحث عنه ومعالجته فوراً بطريقة علمية بعيدة عن العشوائية، فإذا كانت هناك مشكلة مع الجمارك مثلاً يجب أن نقدم دراسة معقولة تطرح فيها المشكلة وتطرح فيها الحل المناسب أيضاً وذلك إما بشطب مادة جمركية مثلاً أو تعديلها أو استبدالها بأخرى إلى غير ذلك، وبهذه الطريقة فقط نكون قد أوصلنا صناعتنا إلى الشكل الصحيح والأمثل».