لكي نحجز مكاناً محترماً بين الناس، يجب أن نكون من الناجحين، ولكي نكون كذلك، يجب التضحية في سبيل التخطيط، والتنفيذ، والمتابعة.
تلك هي كلمات بدأ بها المهندس "زكريا سليم سفنجة" المغترب في السعودية حين التقاه موقع eLatakia خلال زيارته لوطنه الأم سورية، في حديث تميز بالتواضع والعفوية بطرح قصته في إدارة المشاريع الهندسية على أرض بلده.
أنا متزوج ولي ثلاثة أولاد، بنت وولدان، هم الآن مقيمون في "اللاذقية"، وأنا أخطط حالياً للعودة قريباً لبلدي الغالي سورية لأشارك زملائي المهندسين السوريين مسيرة بناء وطننا، هنا أود أن أنوه وأذكر بما يمتاز به المهندس السوري من نشاط وذكاء، وخصوصاً إذا تم استثمار إمكاناته بالشكل الأمثل، وفسح المجال الواسع أمام توظيف خبراته في القطاعات العامة والخاصة
** «أنا من مواليد /1957/ ولدت ونشأت في "اللاذقية"، تجلت أحلامي منذ الصغر بأن أكون مهندساً مدنياً، ومنذ بداية دراستي الثانوية، كنت أحب كثيراً الرياضيات والفيزياء، وكنت دوماً أبحث في خيالي عن تطبيق لهذه العلوم على أرض الواقع، أي استبدال الأرقام إلى أرقام لها معنى في واقع الحياة، وكانت الهندسة المدنية الأرض الخصبة لتحقيق هذا الحلم، درست في جامعة "تشرين" وتخرجت عام /1979/ بمرتبة شرف، ونلت المركز الثاني على دفعتي. وكنت مدركاً منذ البدء أهمية هذا العلم الذي يعتبر من العلوم الفلسفية، مزيج من الجمال والمتانة والاستقرار في وحدة واحدة».
** «بدأت أعمل مع المؤسسة السورية للإسكان العسكري، والتي كانت تعتبر من أهم الشركات الإنشائية على مستوى العالم، فعدد المهندسين كان يربو على الألفين، والعاملون كان عددهم حوالي المئة ألف عامل، وضعت نصب عيني منذ البداية مبادئ تربيت عليها وعاهدت نفسي الالتزام بها، ومن أهمها أنه لكي نحجز مكاناً محترماً بين الناس، يجب أن نكون ناجحين، ولننجح يجب التضحية بالوقت والجهد والمال أحياناً، عندها نمسي القدوة الصالحة.
استمرت أعمالي مع المؤسسة العسكرية للإسكان أربعة عشر عاماً، نفذت خلالها مشاريع هامة كانت بدايتها تنفيذ مشروع المعهد المتوسط الهندسي عام 1984، ومن ثم جاءت مرحلة هامة عندما كلفت بإدارة تنفيذ مشروع جسر مدخل المدينة الرياضة في "اللاذقية"، والمنصة الرئيسية في الاستاد الرئيسي. عام 1989 استلمت تنفيذ مشروع هام أيضاً، هو مشروع النفق المائي لسد "16 تشرين"، وكان آخر ما عملت به قبل الاغتراب تنفيذ شبكة ري تابعة لمشروع النفق بمساحة /5000/ هكتار».
** «بدأت العمل بشكل فعلي في مشروع المدينة الرياضية عام /1984/، وانتهى العمل به في النصف الثاني من عام /1987/، وهي فترة قصيرة وهذه السرعة القياسية التي تم انجاز المشروع فيها أكسبتني تميزاً كبيراً، تجربتي هذه تجربة مهمة نظراً لما تتطلبه المنشآت الرياضية من جودة تنفيذ والتزام في المقاسات والأبعاد العالمية لكل منشأة، وأيضاً لما يتطلبه الأمر من تجهيزات تتعلق بها، كما أحب أن أذكر بأننا لم نكتف بتنفيذ المشروع الإنشائي فحسب، بل أشرفنا على دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط كلها، أي قمنا بتشغيل المدينة وتفعيلها تماماً، ومن ثم سلمناها للاتحاد الرياضي العام».
** «كنت مدركاً لصعوبة العمل الهندسي ككل منذ التحاقي بالجامعة واختياري لهذا الفرع، والدقة في العمل كانت وما تزال أهم أهدافي، والزمن عندي له أهميته، وكما أسلفت اعتبر الهندسة المدنية من علوم الفلسفة، فالحياة كالهندسة تعتمد على الثلاثيات، وكل نجاح وبأي مجال يتطلب ثلاثة أمور وهي: التخطيط، التنفيذ، المتابعة والمراقبة.
والمهندس يتطلب أن يكون حكيماً وخلوقاً ليحقق تلك الثلاثية، فكيف إذا كلف بقيادة مشروع هندسي ضخم كمشروع المدينة الرياضية».
** «إن قصة النفق تبدأ منذ استلامنا لمشروعه، فالنفق كان قد بدئ العمل به منذ مدة وتوقف بعد مسافة كيلو متر ونصف، نظراً لانهدام التربة على جوانبه، كلفت بإعادة العمل بهذا المشروع بعد أن كان قد وصفه وزير الري بالصعب والمستحيل حيث كتب بخط يده مقترحاً: "هذا النفق لا يخترقه إلا الشيطان!"، لكن ذلك لم يمنعني من قبول المهمة الصعبة، وبالفعل عملنا بجهد وجد، بدأنا العمل به عام 1989، وتابعنا الحفر وشق الطريق لمسافة ثمانية كيلو مترات، وبعمق/300/ متر تحت سطح التربة، انتهينا منه وسلمناه عام 1992، وهذا المشروع ساعد كثيراً في إرواء مناطق شمال "اللاذقية"».
وفي ختام لقائنا عرفنا الأستاذ "زكريا سفنجة" بعائلته الكريمة التي سبقته بالعودة لأرض الوطن قائلاً: «أنا متزوج ولي ثلاثة أولاد، بنت وولدان، هم الآن مقيمون في "اللاذقية"، وأنا أخطط حالياً للعودة قريباً لبلدي الغالي سورية لأشارك زملائي المهندسين السوريين مسيرة بناء وطننا، هنا أود أن أنوه وأذكر بما يمتاز به المهندس السوري من نشاط وذكاء، وخصوصاً إذا تم استثمار إمكاناته بالشكل الأمثل، وفسح المجال الواسع أمام توظيف خبراته في القطاعات العامة والخاصة».