إن اتساع مساحة "حمص" وتنوع مناخها وتضاريسها كل ذلك ساهم في تنوع نباتاتها البرية التي يصل عدد أنواعها إلى قرابة/1500/ نوع من الأعشاب التي تستخدم في التداوي والتطبب.
وهناك الكثير ممن يهتمون بدراسة الأعشاب وفوائدها منهم العالم الروسي "بافلوف" التي قرر أثناء زيارته لـ"حمص" أن يمشي على رؤوس أصابع القدمين معللاً ذلك بأنه لا يريد أن يمشي على الأعشاب ففي كل شبر من الطريق بين "حمص" و"طرطوس" يوجد عشرات الأنواع من الأعشاب.
ولأهمية أنواع الأعشاب المتواجدة في "حمص" موقع eHoms التقى الصيدلاني "علي شيخ موس" وكان لنا الحوار التالي معه:
** حبّي للأعشاب والنباتات البرية جعلني أتفرغ للعمل بها، ساعدني على ذلك دراستي للصيدلة حيث أستطيع أن أقدم خدماتي للناس عن علم ودراية، فالعلاج عن طريق الأعشاب محفوف بمخاطر كثيرة وإذا كان الذي يصف دواءً عربياً (كما نسميه) يجهل تركيبته ودرجة السمية الموجودة فيه قد يتسبب بكارثة للشخص المُعَاْلَج.
** إن أهم النباتات هي نبتة "سرخس ذكر" كما تسمى بسفاريج أو كثير الأرجل وفي بلدة "كفرام" تسمى مخلب الشيطان وفي "رباح" تسمى رقيعة، وهي منتشرة بكثرة في تلك المناطق، تتصف بأنها مجنحة مشققة الأوراق كما أنها نبتة سامة لذلك تستعمل بمشورة طبيب وهي مفيدة لآلام أسفل الظهر كما أنها توضع في الحذاء لآلام الأرجل إضافة لاستعمالات عديدة.
** الناس تهرب من الأسعار الكاوية في عيادات الأطباء ليتحولوا إلى الأعشاب، ومنهم من يفقد الأمل من الدواء فيتوجه إلى الأعشاب، وللأسف الشديد تترافق دائماً ومنذ الأزل النباتات الطبية بأمور الشعوذة لأن كل الذين يعملون في النبات يسعون إلى جمع الثروة، فالشعوذة موجودة بها ونتمنى القضاء عليها.
* بماذا يخدم النبات؟
** في الحالات المزمنة مثل: الصدف – البهاق – التهاب الكبد – وهناك نجاح مذهل بالنسبة للأمراض الجلدية والتجميل (ولي فيها تجربة شخصية لمدة ثلاث سنوات في بريطانيا)، أما بالنسبة للأمراض الخبيثة فاستخدام النبات فيها يكون ضرباً من ضروب الشعوذة والدجل لا أكثر، ولم تسجل أية حالة شفاء بالأعشاب لمثل هذه الأمراض.
** نعم هناك تقصير كبير وللأسف فقد انقرضت أنواع عديدة من النباتات البرية نتيجة الاستثمار الجائر والغير مدروس فمثلاً نبتة "شرش الروباص" ازداد الطلب عليها من الأردن وبسبب اقتلاعها من جذورها انقرضت بشكل كامل، وأرى أن عدم اهتمام وزارة الزراعة بحماية النباتات البرية قد ساهم بشكل مباشر في انقراض أصناف مهمة جداً في العلاج، كما أن شركات الأدوية لدينا هي عبارة عن مصانع تطبيق وتغليف لتركيبات وخلطات أجنبية تفتقر إلى مراكز البحوث الزراعية المهتمة باستخلاص الدواء من هذه النباتات، لذلك فهي أيضاً تأخذ حصة لا بأس منها في التقصير بحق الحياة البرية.
أخيرا نحن في حاجة ماسة لإحياء فلسفة الطب العربي القديم وإعادة الاعتبار لها، طب ابن البيطار والرازي واسحق بن عمران والتميمي بن الهيثم والشريف وابن سينا.
من الجدير بالذكر أن محافظة "حمص" تعمل على تنفيذ مشروع يهدف إلى جمع وتوصيف واستخلاص نباتات البادية السورية في منطقة البادية و"حسياء" تحديداً، ومن خلال الدراسات تبين التنوع والكبير والهام بالغطاء النباتي وقد قام في وقت سابق وفد فرنسي ومجموعة من المختصين من جامعة "الحواش" بزيارة لهذه المناطق ومن هنا انطلقت فكرة المشروع وتم وضع خطوط عامة له تتجسد بـ: دراسة توزع النباتات وانتشارها وإعداد خرائط رقمية لهذه الأنواع ومناطق انتشارها ومن ثم إعداد أطلس نباتي عن هذه النباتات وقد تم البدء بالمرحلة الأولى من هذا المشروع فعليا وهي مرحلة جمع العينات.