«على ضوء سراج الزيت قرأت للشهادة الثانوية، وكان حلمي دراسة الأدب العربي لكن الأدب الروسي أدخلني لعالم الطفل الرحب، لأترجم ما يداعب الخيال الغض». هذا ما قاله المترجم "كرم رستم" لموقع eSuweda الذي زاره في منزله في قرية "الثعلة" التي تبعد /12/ كم إلى الغرب من مدينة "السويداء"، بتاريخ 28/8/2009.
وعن معاناة الدراسة وأحلام الشباب يضيف: «ولدت قي قرية "الثعلة" في عام 1948 من أسرة تعمل في الزراعة لكسب لقمة العيش، ودرست المرحلة الابتدائية في قريتي والمرحلتين الإعدادية والثانوية في "السويداء"، وكانت الشهادة الثانوية مرحلة حاسمة بالنسبة لي، ولم تكن الظروف مهيأة للدراسة، فقد درست طوال العام في "علّيّة" قديمة (غرفة صغيرة وحيدة فوق السطوح واسمها من العلوّ) على ضوء سراج الزيت القديم، في هذه القرية التي لم تكن تتوافر فيها أبسط شروط الراحة، ورغم ذلك نجحت لأحصل على علامات /170/ علامة في الفرع الأدبي، وذلك في عام 1968 وكنت الثاني على المحافظة.
لقد أنتج "كرم رستم" عدداً من القصص التي ترجمها عن الأدب الروسي وكان له دور واضح في إغناء مكتبة الطفل التي مازالت لغاية هذا التاريخ قاصرة، على الرغم من أن كل ما ترجم لم يكن ليحقق له الربح المادي، ومن المعروف في قريته أن أكثر أجر تقاضاه على ترجمة قد لا يتجاوز/2000/ ليرة سورية، وبالتالي فقد كانت ترجماته لغاية محددة تتمثل في تقديم المعرفة للطفل، وهو بذات الوقت قارئ جيد يتابع مشواره الثقافي في أبحاث الأدب المقارن، ليحقق حلمه في مناقشة رسالة الدكتوراه التي تقدم لها ولم يناقشها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي
حلمت بدراسة الأدب العربي لأني أمضيت ليالي طويلة في البحث والتمحيص في مصطلحاتها، ففي مرات عديدة، ومن حديث عابر كانت تشغلني كلمة محددة لأدرسها إن كانت من العامية أو الفصحى وأكوّن بحثاً كاملاً على هذه الكلمة، وبناء على هذا الشغف، تقدمت لبعثة داخلية لدراسة الأدب العربي لكن الحظ لم يحالفني، ومازلت لهذه الفترة أتابع هوايتي في دراسة مفردات اللغة التي تطورت من خلال عملي كمترجم لأدب الطفل، فاتجهت لدار المعلمين ودرست في مدينة "حمص"».
وعن دراسة الأدب الروسي والترجمة للطفل بيّن أنها لم تكن مصادفة، لكنها فرصة حاول استثمارها ليكون أقرب لعالم البحث الذي وجهه للطفل، وقال: «طلبٌ لإدارة البعثات لم أعلق عليه الآمال، خالف الظن في العام الأول من الدراسة في دار المعلمين، وكانت نتيجته قبولي للدراسة في الاتحاد السوفيتي سابقا، لأحصل على شهادة الماجستير التي فتحت لي أبواب دراسة الأدب الروسي وهو الذي حفزني لدخول عالم الطفل الذي استهواني، لأني رأيت في تلك البلاد عالم يشبه الخيال فيه الطفل الواعي المتحدث، ولطالما شدتني أحاديث الأطفال لأمهاتهم في الحافلات، وأسأل لماذا الأطفال الروس يتحدثون بهذه الطريقة التي تنم عن الوعي بينما الطفل في بلدي لم يكن ليتجاوز حدود الألعاب العبثية...؟
لكن الإجابة فرضت نفسها لأنني عايشت ما يتوافر للطفل في تلك البلاد من منشورات ومجلات وكتب ومدارس اهتمت بخياله كطفل، وحلمتُ بأن يكون نصيب أطفال بلدي من الثقافة أكبر وأفضل مما كان عليه في ذلك الزمن. وقتها بدأت بالترجمة لأنتج بعد عودتي عدداً من المجموعات القصصية المترجمة للأطفال وهي نتاج أعتز به، وعدداً كبيراً من القصص حملتها لمجلة "أسامة" لأكون صديقاً للطفل واطرق بعدها أبواباً جديدة في الترجمة والأدب المقارن».
"منير الحمد" مدير المركز الثقافي في قرية "الثعلة" بين أن ما ترجمه الأستاذ "رستم" من قصص ومسرحيات أغنت مكتبة الطفل، وقال: «لقد أنتج "كرم رستم" عدداً من القصص التي ترجمها عن الأدب الروسي وكان له دور واضح في إغناء مكتبة الطفل التي مازالت لغاية هذا التاريخ قاصرة، على الرغم من أن كل ما ترجم لم يكن ليحقق له الربح المادي، ومن المعروف في قريته أن أكثر أجر تقاضاه على ترجمة قد لا يتجاوز/2000/ ليرة سورية، وبالتالي فقد كانت ترجماته لغاية محددة تتمثل في تقديم المعرفة للطفل، وهو بذات الوقت قارئ جيد يتابع مشواره الثقافي في أبحاث الأدب المقارن، ليحقق حلمه في مناقشة رسالة الدكتوراه التي تقدم لها ولم يناقشها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي».
