«انطلقت بوتيرة متصاعدة منذ بداية القرن الحالي عمليات البحث والاستثمار والتنقيب في عدة مواقع بمنطقة "مصياف" عن توضعات رخامية بعد أن أثمرت سلسلة الجهود والدراسات التي أشرف عليها فرع المؤسسة الرخامية بـ"حماة" آنذاك في عدة محاور من "مصياف" بالكشف المبدئي عن توضعات لتشكيلات رخامية هائلة يندر مثيلها وتتميز بمواصفاتها العالية وتنبسط على هضاب وجبال واسعة».
هذا ما ذكره المهندس "محمد الصالح" مدير مؤسسة الرخام بـ"حماة" لموقع eHama الأربعاء 26 آب 2009 وأضاف قائلاً: «تعد "مصياف" اليوم وبامتياز أكبر تكتل وتجمع استثماري لاستخراج الرخام في المنطقة الوسطى بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 ألف طن سنوياً من أجود أنواع الرخام».
تعد "مصياف" اليوم وبامتياز أكبر تكتل وتجمع استثماري لاستخراج الرخام في المنطقة الوسطى بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 ألف طن سنوياً من أجود أنواع الرخام
ويتابع موضحاً: «تعود البنية الجيولوجية للرخام في هذه المنطقة بشكل تقديري للعهد الجيوراسي والكارستي القديم الذي ساعدت الترسبات الدقيقة التي حدثت آنذاك على الاستقرار الهادئ والمركز لهذه الترسبات دون أن تحدث فيها أية فوالق أو انفصالات ثم تعرضت هذه الترسبات في وقت لاحق لعمليات رص وضغط هائلة نتيجة ميول الطبقات الصخرية بسبب حركة القشرة الأرضية ما أنتج تشكيلات رخامية منتشرة بشكل هائل على امتدادات واسعة في "مصياف" وتصل التقديرات الأولية إلى أن هذه المساحات تقدر بحوالي 500 هكتار، وهذا الرقم مبدئي نظراً لأن أعمال الدراسة كانت سطحية ومن الممكن أن يتضاعف هذا الرقم عدة مرات عند الاعتماد على الدراسات الدقيقة في مجال التصوير الفضائي والتحليلي». مضيفاً: «إن الهدوء النسبي الذي ساد في منطقة "مصياف" أثناء تشكل مساحاتها الرخامية ساعدها على اكتساب بنية بلورية ناعمة ومطاوعة لأعمال الصقل والنشر وهو أحد الأسباب الرئيسية وراء الاندفاع النشط للاستثمار في "مصياف"».
كما التقينا "حاتم سهيل" أحد المستثمرين وصاحب مقلع رخامي في منطقة "بقراقة" بمصياف والذي تحدث قائلاً: «إن أهم عامل في جذب الاستثمار هو انخفاض نسبة المخاطرة لنجاح المشروع فالقاعدة تقول كلما انخفضت نسبة المخاطرة زادت نسبة الاستثمار والأرباح، وهذا العامل هو ما جذبني للعمل في "مصياف" رغم أني من محافظة "حمص" لكن نوعيات الرخام الموجودة هنا وتوفرها بكميات هائلة هو حقيقة ما يغري مستثمري الرخام الذين ينظرون إلى "مصياف" على أنها قبلة الرخام السوري في المستقبل».
بدوره قال "عطية بدر" صاحب مقلع رخامي في منطقة "المحروسة": «ما يميز الرخام المصيافي ليس فقط امتداد المساحات الكبيرة المكنونة بأنواع الرخام الممتازة بل هو التوضع السطحي لهذه التشكيلات الرخامية وهو ما يراه المستثمر نقطة ايجابية يجب الاستفادة منها لأنها تقلل تكاليف ونفقات الاستخراج وتوفر الفرصة الحقيقية أمام المستثمر للعمل المربح على اعتبار أن هذه الأنواع المصيافية كسبت صيتاً عظيماًً خلال السنوات الماضية وتشهد اليوم طلباً كبيراً في الأسواق الداخلية والخارجية».
ويتابع منذ ثلاث سنوات سمعت عن الاستثمار المربح بـ"مصياف" وعلى الفور استثمرت مقلعاً والآن أفكر في استثمار مقالع أخرى نظراً للنتائج المرضية في الإنتاج».
وبدوره ذكر "هشام حمد" من مؤسسة الرخام قائلاً: «إن أعمال الاستثمار حدثت وإن ظهرت مؤخراً في بعض المقالع الرخامية المستثمرة بمصياف توضعات رخامية مخفية تحت طبقات رخامية أخرى، وقد قام فرع المؤسسة بسحب عينات منها وبعد الفحص والتحليل تبين أنها أنواع نادرة جداً لا يوجد بقساوتها وتبلورها الدقيق وألوانها الجذابة مثيل حتى في أفضل دول العالم المنتجة للرخام كما تمتاز هذه العينات بتشربها القليل للماء وهو أحد أهم خصائص الذي يجعل منها نادرة وفريدة».
وتابع مبيناً: «بعد تحضير جبهات العمل في هذه المقالع تبين أن لهذه التوضعات الرخامية امتدادات منتشرة على مساحات واسعة وهي تعتبر كنزاً سورياً بامتياز ووضع قسم منها قيد الاستثمار وتستخرج منها اليوم أنواع فريدة مثل "اللامبردوري" و"البيج" و"البني" والتي كسب خلال فترة زمنية قصيرة شهرة عالمية ويصدر معظمها إلى أوروبا ومصر ولبنان ودول الخليج العربي».
ويوضح: «على الرغم من تداعيات الأزمة العالمية ما يزال الرخام المصيافي يلقى طلباً متزايداً في الأسواق العالمية ويتراوح سعر المتر منه تقريباً من 60 إلى 100 دولار تقريباً حسب النوعية».
وختم "ماهر سعد" من مديرية الرخام قائلاً: «بعد الشهرة الكبيرة التي حققها الرخام المصيافي بأنواعه المختلفة تطلب توسيع مجال التنقيب والاستثمار لذا أشرفت المؤسسة العامة للرخام على إدخال تقنيات هندسية وميكانيكية استقدمت من الخارج لمضاعفة عمليات استخراج الرخام التي تضاعفت عشرة أضعاف لتتجاوز الكميات المنتجة خلال شهر واحد ثلاثة آلاف طن وهو رقم كبير وهذا بفضل الأذرع القاطعة والأسلاك الألماسية والتي هي تقنيات متطورة ذات تكلفة كبيرة حيث يتجاوز ثمن الذراع القاطع الواحد 50 مليون ليرة والتي مكنت المستثمر من استخراج كتل رخامية تصل أوزانها الواحدة منها إلى أكثر من 200 طن وهذه التقنية أدخلت إلى سورية لأول مرة عن طريق المقالع في مصياف وباتت اليوم متوفرة في جميع المقالع الرخامية فيها، والتي يبلغ عددها حالياً 20 موقعاً مستثمراً وساهمت بمضاعفة كميات الرخام المستخرج حتى 100 ألف طن سنوياً وهي كمية كبيرة تحقق نسبة أرباح جيدة بالقطع الأجنبي».