اشتهرت مدينة "حلب"منذ عدة قرون بصناعة الصابون وذاع صيتها في هذه الصناعة في عدد كبير من دول العالم العربي والغربي، لذلك لن نستغرب كثيراً عندما نعلم أن أكبر صابونة في العالم تم تصنيعها في "حلب"على يد حرفي ماهر أحب وطنه و أحب مهنته فأراد أن يرفع اسم بلاده عالياً بين البلدان من خلال تقديم عمل متميز فقام بصنع هذه الصابونة التي بلغ وزنها قرابة ألف كيلو غرام.
في محله الأنيق الواقع في حي "الشعار" بـ"حلب" القديمة التقى eAleppo الحرفي "فواز دهان" الذي قام بتصميم وتصنيع أكبر صابونة في العالم، وكان لنا معه اللقاء المطول التالي والذي حدثنا خلاله أولاً عن تاريخ مدينة "حلب" في صناعة الصابون وشهرتها في هذه الصناعة فقال: «بدأت صناعة الصابون في "حلب" منذ أكثر من ألف عام، ويعود سبب نجاح هذه الصناعة في "حلب" إلى عدة عوامل منها البيئة المناسبة حيث يعتبر جو "حلب" جواً مناسباً جداً لصناعة الصابون فهو جاف صيفاً وبارد شتاءً، أما في الساحل مثلاً فلا تنجح هذه الصناعة لأن الجو رطب وغير مناسب لصناعة الصابون، صناعة الصابون كما أعلم لا تنجح سوى في مدينة "حلب" ومدينة "طرابلس"، و إضافة إلى الجو المناسب هناك زراعة الزيتون بـ"حلب"حيث يزرع الزيتون بكثرة هنا والذي يعتبر أساس صناعة الصابون».
في الواقع لم يتح لنا تسجيل هذه الصابونة في موسوعة "غينيس" لأن ذلك كان يتطلب وجود مراقبين من "انكلترا" وتسجيل مراحل الصناعة على أفلام فيديو، ونحن لم نكن نعرف ذلك كما أن مراحل التصنيع طويلة فهي تستغرق حوالي عام من أجل التجفيف، لكن قامت إحدى الشركات الفرنسية بإجراء لقاء مطول معنا حول هذه الصابونة
وعن بداياته في تعلم مهنة صناعة الصابون وعلاقته بهذه المهنة والتعديلات التي أضافها عليها تابع "فواز دهان"حديثه لـ eAleppo قائلاً: «تعلمت مهنة صناعة الصابون منذ حوالي عشر سنوات تقريباً، لكن من خلال عملي في هذه المهنة رأيت أنها مهنة تقليدية عبارة عن زيت زيتون وزيت غار تطبخ في أفران خاصة ثم تجفف لمدة عام وتقطع إلى قطع صغيرة وتعرض للبيع، ولم يحاول أحد أن يضيف إلى هذه المهنة شيئاً جديداً، لذلك قمت بإضافة بعض التعديلات والتحسينات على هذه الصناعة، فقمت بإدخال دهن العود والعنبر و زيت حبة البركة على خلطة الصابون بعد أن تجف، حيث نطحنها ونخلط معها هذه الزيوت ثم نعاود كبسها في قوالب خاصة مناسبة لتعطي لقطع الصابون مظهراً مقبولاً يناسب أسواق جميع الدول خاصة الأوربية منها، فمعظم منتجاتنا مكونة من مواد طبيعية لا تدخل فيها المواد الكيماوية أو الصناعية أبداً».
هذه الدقة في الصناعة وجودة المنتج اليدوي الذي لا تدخل فيه المواد الصناعية أو الكيماوية أبداً، لا بد و أن يكون قد نال شهرة واسعة في العالم ولا بد أن يكون قد وجد طريقه للتصدير إلى خارج "سورية"،عن تصدير هذه المنتجات إلى خارج "سورية" قال "فواز دهان": «نحن نصدر حوالي 80% من منتجاتنا إلى خارج "سورية" كما نصدر إلى معظم مدن القطر، فنحن نصدر منتجاتنا إلى "فرنسا"،"ايطاليا"،"رومانيا"،"دول الخليج"،"لبنان"،"الأردن"، و"العراق"، وقد حللت عينات من صناعتنا في مخابر"فرنسا" فتوصلوا إلى أن منتجاتنا هي الوحيدة التي لا تحتوي على المواد الكيماوية أو الدهون أو الشحوم وبالتالي عرفوا قيمة منتجاتنا الطبيعية ولذلك تعتبر "فرنسا" أكبر مستورد لصناعتنا».
هذه الخبرة في الصناعة وحب خدمة الوطن و تقديم شيء جديد ومميز دفعت الحرفي "فواز دهان" إلى فكرة صناعة أكبر صابونة في العالم، فكان له ذلك بعد أن قام ببذل جهود كبيرة ومضنية،عن هذه الصابونة ووزنها ومكوناتها ومكان عرضها تابع "فواز دهان"حديثه قائلاً: «مدينة "حلب"مدينة تشتهر منذ القديم بصناعة الصابون ،وقد رأيت أن أحداً لم يفكر في تقديم شيء جديد في مجال هذه الصناعة، لذلك قمت بصناعة هذه الصابونة التي كانت أكبر صابونة في العالم، وقد بلغ وزنها (920)كغ، وقد كان من المفترض أن يكون وزنها (1000)كغ إلا أن جفاف المواد المؤلفة لها أدى إلى انخفاض وزنها حوالي ثمانين كيلو غرام، وتتألف هذه الصابونة من 70% زيت زيتون و 20%زيت غار والباقي مواد تصبن، وقد قمت بعرض هذه الصابونة في مهرجان "خان الحرير" الذي أقيم عند دوار "الباسل" عام/2006م/،وقد نالت إعجاب جميع الحاضرين».
وحول دخول هذه الصابونة موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية قال "فواز دهان": «في الواقع لم يتح لنا تسجيل هذه الصابونة في موسوعة "غينيس" لأن ذلك كان يتطلب وجود مراقبين من "انكلترا" وتسجيل مراحل الصناعة على أفلام فيديو، ونحن لم نكن نعرف ذلك كما أن مراحل التصنيع طويلة فهي تستغرق حوالي عام من أجل التجفيف، لكن قامت إحدى الشركات الفرنسية بإجراء لقاء مطول معنا حول هذه الصابونة».
في محله الصغير يصنع "فواز دهان" العديد من الأصناف و الأنواع التي لا تدخل في مكوناتها المواد الكيماوية أو الصناعية، وهو يحاول دائماً تقديم ما هو جديد في مجال هذه الصناعة، عن الأصناف التي يصنعها و الجديد الذي قدمه قال "فواز دهان": «نصنع في محلنا الصابون بمختلف أنواعه و أصنافه إضافة إلى الشامبو و مزيلات التعرق و مواد التجميل الطبيعية، وقد قمنا مؤخراً بصناعة معجون أسنان طبيعي مكون من العكبر الطبيعي و زيت حبة الهال و قد لاقى هذا المعجون إعجابا كبيراً لخلوه من المواد الصناعية فانا أعتمد في صناعتي على المواد الطبيعية،وباختصار أحب أن أطلق على صناعتي دائماً مصطلح ..(العودة إلى الطبيعة)».
شارك الحرفي "فواز دهان" بالعديد من المعارض ونال العديد من الجوائز، وهو ما يزال يعمل ليلاً ونهاراً بجد وإخلاص لتقديم كل ما هو مفيد و قيم في سبيل خدمة مدينته وبلاده الغالية على قلبه كثيراً.
يذكر أن مدينة "حلب" تعتبر من أشهر مدن العالم في مجال صناعة الصابون، وتضم أكثر من مئة وخمسين مصبنة لصناعة الصابون أشهرها و أكثرها قدماً مصبنة "الزنابيلي" التي يعود تاريخ عملها لأكثر من /500/عام.