لم يكن في حسبان "مدحت فرواتي" أن ينال المرتبة الأولى على مستوى"سورية" وبالتالي "حلب" في الشهادة الثانوية، لخوفه من مادة اللغة العربية التي ظن أنها ستخفض من مجموعه العام.
لكن هذا الحسبان ما لبث أن تبدد بعدما سمع صوت السيد "صالح الراشد" مدير التربية في "حلب" يبشره بالحصول على المجموع العام، هي لحظات يرويها لـ esyria كانت أشبه بالحلم منها إلى الواقع دامت (20) دقيقة حتى اتصل خاله مؤكدا بشرى مدير التربية بحصوله على المجموع العام، يقول: «بعد أن تأكد الخبر قفزت فرحا فأصبت الثريا في سقف بيتنا، وبالطبع كان الموقف عفويا ولم يحاسبني أحد من فرحتهم، لكن أول شيء عملته هو أنني سجدت شكرا لله على فضله، فقد قطع الشك باليقين، وفعلاً لم أكن أتوقع الحصول على هذه العلامة، فقد كنت أتوقع أن ينقصني علامتين بمادة اللغة العربية، وذلك لكثرة ما تكلم الناس عن أنه لابد لأي طالب أن ينقصه علامات بها، خاصة وأنني فقدت علامتين في مادة العربي في الصف التاسع، حيث حصلت حينها على مجموع قدره 288\290، ولكن الآن الحمد لله لم تنقصني أي علامة وحصلت على مجموع قدره 290/ 290، شعوري لا يوصف أبداً، باختصار: هذا اليوم أسعد يوم بحياتي».
سأدخل كلية الطب البشري، وأملي أن أخترع جهازا طبيا يجنب مرضى القلب إجراء عملية القلب المفتوح، وفي ذات الوقت أتطلع إلى نيل جائزة نوبل للعلوم الطبية
وكانت esyria أول المتحدثين إلى الطالب "مدحت" بعد إعلان النتائج صباح(17/7/2009) وقال في أول تصريح له: «حينما تلقيت النتيجة غمرتني فرحة عارمة لقد توقعت مجموعا عاليا من الدرجات ولكني لم أتوقع الحصول على المجموع الكامل، أهدي نجاحي إلى قائد الوطن الدكتور "بشار الأسد" وإلى أمي وأبي وجميع أساتذتي في جميع مراحلي الدراسية وأسأل الله أن يوفقني للاستمرار في النجاح والتفوق لخدمة وطني الغالي».
وفي حديث لـ esyria مع الطالب" مدحت" وأسرته في (26/7/2009) قال" مدحت": «سأدخل كلية الطب البشري، وأملي أن أخترع جهازا طبيا يجنب مرضى القلب إجراء عملية القلب المفتوح، وفي ذات الوقت أتطلع إلى نيل جائزة نوبل للعلوم الطبية».
وعن دراسته أثناء الاستعداد للثانوية قال:
«بدأت بالتحضير للشهادة الثانوية في الصف الحادي عشر حيث قسمت موادي على سنتين، فاتبعت أولاً دورات لمواد (العلوم، الكيمياء، العربي، القومية)، وخلال السنة الحالية وضعت دورات بباقي المواد (رياضيات، فيزياء، انكليزي، فرنسي) وذلك إلى جانب دروسي في ثانوية الباسل المختلطة للمتفوقين، ووضعت برنامجا ساعدتني فيه والدتي فكانت دراستي بمعدل أربع ساعات دراسية لكل يوم إلى أن وصلت إلى العشر ساعات في الأيام الأخيرة من شهر أيار».
ويضيف:« اعتمدت على الدراسة النهارية بدءاً من الساعة (8:30 صباحاً)، تتخللها أوقات الراحة والغذاء ومتابعة بعض المسلسلات التي أحبها والتحدث مع أفراد عائلتي والأصدقاء، وأثناء الامتحان استطعت التغلب على الشحن والتوتر الناتجين عن دخول قاعة الامتحان بالتروي والتركيز لدقائق معدودة بعد الحصول على ورقة الأسئلة، ومن ثم كنت اسمي باسم الله وأقرأ وأجيب على السؤال تلو الآخر».
وعن نظامه الغذائي يقول:« اعتمدت على الطعام الخفيف وخاصة يوم الامتحان من تمر ولبن، فمن غير المعقول أن يتخم الطالب بالطعام ويذهب للامتحان، فحينها سيكون العقل مشغولاً ولن يكون الذهن صافياً فالبطنة تذهب الفطنة، وخلال دراستي كنت أضع بجانبي صحناً من الجوز وقليلاً من الشوكولا التي تعطي الطاقة، وذلك لأن الجوز ينشط الذاكرة وقد زاد وزني خلال البكالوريا (30 كغ)، والآن سأعود لنشاطاتي الرياضية لتخفيف وزني».
أما والدته الدكتورة "ورقاء نيازي" المتخصصة بالأمراض النسائية وجراحتها، فحدثتنا قائلة:«أحمد الله على نعمه، وأشكركم لاهتمامكم، بالنسبة لابني "مدحت" كانت الفحص ليس له فقط بل لنا أيضا ولله الحمد "مدحت" له مقدرة كبيرة على الحفظ السريع، فمثلاً كان يحفظ أي درس أو بحث من مرة واحدة، والحمد لله هي هبة من عند الله الذي أنعم عليه بذكاء حاد وذاكرة قوية، وكان ينجز البرامج بوقت أقل من الذي وضعته له، لذلك كان يحظى بساعة إضافية لممارسة هواياته الرياضية وهو يحب الرياضة كثيراً».
في حين قال والد "مدحت" الدكتور" هيثم فرواتي" المتخصص في طب الأسنان: «أحمد الله سبحانه وتعالى على مكافأتنا بإنجاز ابننا "مدحت"، وأبارك لنفسي ولابني الذي حقق ما لم أستطع أنا تحقيقه، فهذا الإنجاز لا يمكن أن يكون من مسيرة سنة واحدة، بل هو مشروع ومسيرة طويلة منذ الصف الأول، ويجب بناؤه بذكاء وبالشكل الصحيح والأمثل».
وفي حديث مع الأستاذ" نضال مريش" مدير التربية المساعد للثانوي في "حلب" قال ردا على سؤالنا حول ما حققته "حلب" من مراكز متقدمة على مستوى القطر: «لاشك أن فرحتنا كبيرة جدا بهؤلاء الأبطال الذين حققوا التفوق من "مدحت فرواتي" صاحب المركز الأول إلى غيره من المتفوقين الذين نعتز بهم أيما اعتزاز، وفرحتنا كما رأيتها أنت حين ظهور النتائج فرحة لا يعدلها شيء، فحينما بحثنا عن المتفوقين ووجدنا أن طالبا حصل على المجموع العام بالفعل شعرنا بفرحة كبرى وكأن هذا المتفوق ولد من أولادنا، فهنيئا لتربية "حلب" وهنيئا لأسر المتفوقين جميعهم».
وأضاف: «ليس غريبا أن يكون الستة الأوائل من ثانوية واحدة هي ثانوية الباسل للمتفوقين، فهذا أمر مشجع، لكن في المقابل هناك من تفوق من مدارس متفرقة في الريف والمدينة، وهذا أمر يبعث التفاؤل في النفس بل ويحثنا جميعا على العمل للوصول إلى المزيد من التفوق، فنسبة تربية "حلب" في التفوق تزداد سنويا وقد ارتفعت هذه النسبة هذا العام».