تعتبر "البارة" من أكثر البلدات شهرة في محافظة "إدلب" حيث تتميز بنواحي عديدة جعلت منها بوابة سياحية وحضارية بين القرى والبلدات مثيلاتها في "جبل الزاوية"، حيث لا يخفى على الزائر لهذه البلدة المعالم الحضارية التي تتمتع بها والتي تتجسد بمستوى تفكير أبنائها الذي يرتقي إلى مستوى عال من الرقي والذي يعتبر مميزاً في الريف "الإدلبي"، كما تتميز بطبيعة الحياة الاجتماعية والعلاقات بين أبنائها حتى أنها أصبحت مقصداً للعديد من أبناء المحافظة للسكن فيها من خلال ما يجد فيها الزائر لها من حسن المعاملة مع الغرباء وحتى فيما بين أهل "البارة".
فهل هذه الطبيعة الاجتماعية كانت متوارثة عن الحضارات التي سكنت "البارة" أم أن لسكان هذه البلدة طبيعة معينة تميزهم عن غيرهم من أبناء القرى والبلدات المجاورة لها حتى أطلق عليها سكان المنطقة عاصمة "جبل الزاوية". للإجابة عن هذه الأسئلة موقع eIdleb التقى العديد من أبناء "البارة" ليحدثونا عن وجهات نظرهم حيال هذه العلاقات الإجتماعية الطيبة.
منذ القديم تربينا على محبة بعضنا وكانت هذه الميزات موجودة في مجتمع "البارة" دون غيرها من القرى المجاورة بسبب وجود مجتمع خليط من ثقافات ونماذج مختلفة سكنت "البارة" فكانت هذه العلاقات عبارة عن قواسم مشتركة مكنت الناس من الانسجام مع بعضها البعض مما أدى إلى وجود هذه العلاقات الإجتماعية المميزة
فكانت البداية مع الدكتور "أنس لاطه" والذي قال لنا: «تتميز "البارة" عن غيرها من البلدات بعلاقات اجتماعية متميزة من حيث طبيعة تفكير الناس والمشاركة في الأحزان والأفراح، ومن أجمل الأشياء التي سمعهتا عن الكبار في القرية أنه عندما يحين وقت الغروب ويأتي الناس من حقولهم وهم يحملون مواسمهم على الدواب فيمروا بالشارع الذي يوصلهم إلى منازلهم كان من الواجب على كل شخص يحمل موسم معين مثل "الكرز" أو "العنب" أو "التين" أن يطعم من يصادفه في طريق عودته إلى منزله ولا تزال هذه العادات موجودة عند أهل "البارة" حتى الوقت الحاضر إضافة إلى أشياء أخرى يتميز بها النسيج الاجتماعي».
ويضيف: «أن من دَرس تاريخ "البارة" من الباحثين التاريخيين يقول أن "البارة" انقطع سَكنها لفترة من الزمن عندما ضربها زلزال مدمر أدى إلى هجرة السكان لها، ثم عاد إليها سكان من جنسيات مختلفة وأعادوا بنائها وسَكنها، وأنا أرى أن هذا الرأي غير دقيق لأن هذه العلاقات الأجتماعية ما هي إلا خلاصة موروثات عريقة توارثها السكان عن أجدادهم القدماء ومازالت تلقي بظلالها على سكانها الحاليين».
أما الأستاذ "إبراهيم اليونس" أحد أبناء "البارة" فيقول: «أنا أرى أن السبب الرئيسي في تطور العلاقات الأجتماعية وزيادة وعي أبناء "البارة" كان سببه الرئيسي الاغتراب حيث يوجد أكثر من /4000/ مغترب من أبناء "البارة" في كافة بلدان العالم مما أدى إلى اختلاطهم بثقافات ومجتمعات متحضرة عكس هذا الواقع نفسه على تربية أبنائهم وحياتهم بشكل عام مما أدى الى الأرتقاء بمستوى تفكيرهم وعلاقاتهم الاجتماعية المميزة فبلدة "البارة" لا يمر عليها فترة من الزمن إلا ويأتي إليها مواطن أو أكثر ليستقر فيها من القرى المجاورة وهذا دليل على الأوضاع المتميزة التي يجدها فيها».
الأستاذ "خالد عثمان" يقول: «منذ القديم تربينا على محبة بعضنا وكانت هذه الميزات موجودة في مجتمع "البارة" دون غيرها من القرى المجاورة بسبب وجود مجتمع خليط من ثقافات ونماذج مختلفة سكنت "البارة" فكانت هذه العلاقات عبارة عن قواسم مشتركة مكنت الناس من الانسجام مع بعضها البعض مما أدى إلى وجود هذه العلاقات الإجتماعية المميزة».
الأستاذ "خالد اليونس" موجه اللغة الفرنسية الأول في "سورية" وهو أحد أبناء "البارة" يقول: «أنا أرى أن العلاقات الطيبة التي يعيشها أبناء "البارة" والانسجام المتميز بينهم كان سببه الطبيعة الجميلة التي توجد في "البارة" حيث تم اختيار هذا الموقع من قبل الحضارات القديمة ليكون مكان لسكنهم دليل على وجود طبيعة متميزة ومنطقة جميلة، والسبب الثاني وجود الأثار التي تعتبر نقطة جذب كبيرة للسياح الذين يرتادونها ومن جنسيات مختلفة أدى إلى اختلاطهم بأبناء البلدة فكان هذا الواقع الحضاري والنسيج الأجتماعي أمر طبيعي، والسبب الأهم من ذلك هو وجود شخصيات متميزة في "البارة" منذ القديم كان لهم نظرة سابقة لعصرهم في التفكير حيث يعملون للصالح العام فهذا أدى إلى رسوخ روح المحبة والإخاء بين أبناء البلدة وسيادة العلاقات الأجتماعية الطيبة».