«سنوات عديدة أمضيتها في منظمتي الطلائع والشبيبة، تعرفت من خلالها على العديد من المواهب الرائعة، ويعتبر "خليل الجابر" من أهم الأصوات التي سمعتها، وكما توقعت له، فقد أصبح اليوم واحد من أفضل المطربين في مدينة "الرقة"، ولعلَّه الأكثر التزاماً بالطرب الأصيل، حيث لم تجرفه موجة الغناء الهابط، على الرغم من قوتها وسطوتها في المجتمع».
هكذا تحدث الأستاذ الفنان "فواز الحسن" المدرس في قسم الموسيقى التابع لمعهد إعداد المدرسين في "الرقة"، عن تجربة الفنان "خليل الجابر" الفنية.
لقد كان دخولي إلى الساحة الفنية، يشوبه الحذر الشديد، خشية الانجراف مع تيار الأغاني الهابطة الذي يسود هذه الساحة، وكان عام /2006/م، هو العام الذي احترفت فيه الغناء، حيث أخذت عهداً على نفسي أن لا أغني سوى أغاني الطرب، التي تخاطب الروح وتنعشها، وبالفعل مازلت منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا لا أغني سوى الطرب، فأغاني العملاق "صباح فخري" و"وديع الصافي" و"ملحم بركات" و"أم كلثوم" والطرب العراقي، هي التي يمكن للجمهور أن يستمع إليها في الحفلات التي أحييها. ويبدو لي أن المقولة التي يطلقها أصحاب الفن الهابط والتي تقول: «الجمهور عايز كده
موقع eRaqqa وبتاريخ (28/6/2009)، التقى الفنان "الجابر"، الذي حدثنا عن بداياته الفنية قائلاً: «عندما طرق الفن بابي كنت ما أزال طفلاً صغيراً لا يتجاوز عمره الخامسة، حيث كنت أغني يومها أكثر مما أتكلم، علماً أنني نشأت في كنف عائلة تعشق الطرب والفن، فمنذ طفولتي الأولى وأنا أستمع إلى ما يسمعه والدي، وباقي أفراد العائلة، فأشرطة الكاسيت التي في منزلنا في غالبيتها لكوكب الشرق "أم كلثوم"، و"فريد الأطرش"، و"فيروز"، و"ناظم الغزالي"، و"يوسف عمر"، وكنت أكاد أجنُّ طرباً وأنا أستمع لما يقدمونه من إبداع.
وقد تأثرت كثيراً بأعمال عمي الفنان "أسعد الجابر"، وكنت أحفظها كما أحفظ اسمي، وأرددها بشكل دائم، وبقيت كذلك حتى دخولي المدرسة، وهناك لقيت تشجيعاً كبيراً من المعلمين، الذين كانوا يلقبونني بالفنان "خليل"، وبعدها تمَّ اختياري للمشاركة في مهرجان طلائع البعث، من قبل اللجان الفنية التابعة للمنظمة.
وقد حصلت على شرف الريادة في مجال الغناء في أول مشاركة لي، وتكرر ذلك في عدة مهرجانات، وفي المرحلة الإعدادية والثانوية شاركت في المهرجانات التي تقيمها منظمة شبيبة الثورة، وحصلت كذلك على الريادة في مجال الغناء، وكنت أحد أعضاء فرقة "كورال" الشبيبة، وقد استفدت كثيراً من خبرة وتجربة الأستاذ "فواز الحسن" الذي كان مدرباً ومشرفاً فنياً، في منظمة الطلائع والشبيبة، فثقافته الواسعة وسعة اطلاعه في ميدان الموسيقى والغناء، ساهمت كثيراً بصقل موهبتي، واستطعت من خلال احتكاكي الدائم به، أن أتلافى العديد من الأخطاء الفنية، وخاصة أثناء تدريبه لفرقة "كورال" الشبيبة، والتي كانت أشبه بفرقة محترفة تُمنع فيها الأخطاء منعاً باتاً، وكنَّا نلمح نظرات الإعجاب في عيون أعضاء اللجان المركزية الذين يزورون "الرقة" لتقييم عمل وأداء الفرقة.
وبعد هذه المرحلة بدأت بدراسة الموسيقى بشكل شخصي، من خلال ترددي على بعض الموسيقيين في المدينة، كالأستاذ "محمد العسَّاف" والأستاذ "جاسم العيادة"، الذين لم يبخلوا يوماً بإسداء النصيحة أو بذل المعلومة، كما وبدأت بتعلم العزف على آلة العود، على يد الأستاذ "عبد الرحمن الحسن" والذي يعمل موجهاً اختصاصياً لمادة التربية الموسيقية في محافظة "الرقة"، والحمد لله استطعت وخلال شهور قليلة أن أتقن العزف على هذه الآلة، التي ساعدتني كثيراً على إدراك الكثير من أسرار الموسيقى».
وعن سبب تأخره باحتراف الغناء، يقول "الجابر": «في الحقيقة هناك عوامل عديدة حالت دون دخولي باكراً عالم احتراف الغناء في مدينة "الرقة"، وأهمها العامل الاجتماعي، حيث أن نظرة المجتمع للفنان سواء أكان مغنياً أو عازفاً، كانت لا تبعث على الطمأنينة، فهناك ازدراء غير مبرر له، وهنا تستوقفني مفارقة عجيبة، قوامها أن الجميع على اختلاف مشاربهم في هذه المنطقة، يستمعون للغناء والموسيقى ويتمايلون طرباً لدى سماعهم لأغنية ما، لكنهم في الوقت ذاته، لا يقيمون احتراماً للفنان، على غرار ما هو موجود في باقي المدن السورية كمدينتي "دمشق" و"حلب" وغيرهما، لدرجة أن الكثير من الناس من يرفض ـ على سبيل المثال ـ تزويج ابنته من مطرب أو عازف.
ولكي أكون منصفاً، أستطيع القول أن أحد أسباب هذه النظرة، هو سلوك بعض الذين يعملون في مجال الفن، من مغنين وعازفين، فاختيارهم للأغاني الهابطة والموسيقى الرخيصة، التي لا تحمل أي قيم فنية أو جمالية، جعل المجتمع لا يتوانى عن رفضهم داخلياً، لكن ما يحزُّ في النفس أن نسبة هؤلاء عالية في الساحة الفنية، وبالتالي فقد ذهب الصالح بالطالح كما يقال.
لكن في السنوات الأخيرة، تغيرت هذه النظرة المجتمعية للفنان الموسيقي، وخاصة بعد استحداث قسم الموسيقى التابع لمعهد إعداد المدرسين في "الرقة" عام /1998/م، والذي يخرج سنوياً أعداداً كبيرةً من الموسيقيين، بالإضافة لانتشار المعاهد الخاصة لتعليم الموسيقى، ولا أنسى الدور الكبير الذي لعبته مديرية الثقافة في "الرقة"، في نشر الثقافة الموسيقية والفنية بشكل عام، من خلال المهرجانات الفنية السنوية التي تقيمها، والتي أسست لحراك فني وثقافي فاعل وجاد».
ويحدثنا "الجابر" أخيراً عن اللون الغنائي الذي يقدمه للجمهور، فيقول: «لقد كان دخولي إلى الساحة الفنية، يشوبه الحذر الشديد، خشية الانجراف مع تيار الأغاني الهابطة الذي يسود هذه الساحة، وكان عام /2006/م، هو العام الذي احترفت فيه الغناء، حيث أخذت عهداً على نفسي أن لا أغني سوى أغاني الطرب، التي تخاطب الروح وتنعشها، وبالفعل مازلت منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا لا أغني سوى الطرب، فأغاني العملاق "صباح فخري" و"وديع الصافي" و"ملحم بركات" و"أم كلثوم" والطرب العراقي، هي التي يمكن للجمهور أن يستمع إليها في الحفلات التي أحييها.
ويبدو لي أن المقولة التي يطلقها أصحاب الفن الهابط والتي تقول: «الجمهور عايز كده»، لا أساس لها من الصحة، فجمهورنا لديه إحساس عالٍ باللحن والكلمة، وهو ليس مخيراً كثيراً عندما تفرض عليه الاستماع إلى الأغاني المستهلكة في الحفلات التي يحضرها.
وهنا أناشد نقابة الفنانين أن تقوم بدورها بوضع ضوابط ومعايير لما يعرض على الجمهور، وعدم اقتصار دورها فقط على تحصيل الإيرادات المالية لصندوق النقابة.
وأخيراً أودُّ القول أنني أحضر حالياً لإصدار ألبومي الغنائي الأول، وذلك بالتعاون مع مجموعة من الشعراء الكبار، منهم الشاعر السوري "طلال جنيد" والعراقي "كاظم السعدي"، وستكون غالبية الألحان للفنان الملحن "رامي جنيد"».