«ما زالت في ذاكرتنا صور مؤنسة لطفولتنا الجميلة حين كنا نفرح بمرافقة آبائنا إلى الحقول ولاسيما في أيام الحصاد حيث كنا نأخذ كمية من القمح إلى الباعة لشراء الحلوى التي نحب.. نشتري تلك المكعبات السكرية طيبة المذاق والخفيفة والحلوة الطعم، إنها حلوى الراحة "الحورانية" التي ما زالت إلى اليوم حاضرة وبقوة في مجتمعنا».
هذا ما ذكره السيد "إبراهيم أبو زريق" الذي يعمل في تصنيع حلوى "الراحة" وقد التقاه موقع eDaraa بتاريخ/9/5/2009/ حيث تابع حديثه في الحوار التالي:
التمسك والالتزام بمواصفات الجودة لمركباتها والثبات في السعر والوزن لتظل الراحة "الحورانية" المطلوبة بالفعل
** «اكتسبت محافظة "درعا" وعلى مدار الستين عاماً الماضية شهرة كبيرة بجودة تصنيع الراحة "الحورانية" الوثيقة الارتباط بتراثنا الشعبي ذلك أن استهلاكها أكثر ما كان يترافق مع المواسم، فمن المعروف أن المحافظة كانت وما زالت زراعية والأهالي كانوا يعملون لساعات طويلة أيام الحصاد ويبذلون جهداً كبيراً وبالتالي يفقدون طاقة كبيرة لذا كانوا بحاجة دائمة لتعويض هذا النقص فكانوا يأخذون معهم "الراحة" كحلوى رخيصة الثمن وطيبة المذاق وذات فائدة. في طفولتنا كنا نشتريها من خلال المقايضة أي تقديم كمية من الحبوب لقاء الحلوى للبائع، وأيضاً ارتبطت بالمناسبات السعيدة والأعياد، أتذكر أنه لا معنى للعيد دون الراحة المرافقة للبسكويت وقد كان المتداول والمعروف من الحلويات فقط هريسة وراحة وهي الأكثر رواجاً».
** «طرأ بعض التغير فسابقاً كان يتوفر هناك نوعان فقط من الراحة.. راحة سكرية خفيفة وراحة محشية بالفستق والمكونات نفسها، واليوم أدخلت عليها بعض أوجه التحسين تمثلت بالمنكهات والصبغة الصحية والمكسرات مما سمح بإيجاد أنواع عديدة».
** «اتجهت في البداية إليها كمهنة لباب الرزق لعائلتي ومن ثم أنها مطلوبة ومحببة في مجتمعنا المحلي والحمد لله استطعت أن أحقق النجاح والذي أؤكد دائماً أن السر في تحقيقه هو الإخلاص في العمل والالتزام والتقيد بمواصفات الجودة التي تميزت بها المحافظة، لذا نراها باتت تشكل العنوان وتمثل السفير للحلوى الشعبية في "درعا" وهذا ما جعلها أيضاً وثيقة الارتباط بتراثنا الشعبي ومن المعروف أنها دائماً الهدية التي يحملها الأهالي للأحبة والأصدقاء والأقارب في المحافظات الأخرى، فكثيراً ما نرى شبابنا وعلى الأخص طلبة الجامعة يحملونها معهم إلى أصدقائهم حتى إلى خارج القطر من دول عربية وأجنبية وهذا يؤكده لنا الكثير ممن نعرفهم من المغتربين، فكثيراً ما يأتون لأخذ طلبية منوعة ومشكلة من "الراحة" لاصطحابهم خارج سورية».
** «التمسك والالتزام بمواصفات الجودة لمركباتها والثبات في السعر والوزن لتظل الراحة "الحورانية" المطلوبة بالفعل».
ما هي طريقة التصنيع وما مكونات حلوى الراحة؟
«المركبات بسيطة وهي عبارة عن نشاء وسكر وحمض الليمون ولكل منها كمية محددة ونسبة معينة ففي المرحلة الأولى يغلى مركب السكر والنشاء وحمض الليمون معاً لمدة نصف ساعة وبكمية العجنة الواحدة بحيث ينتج عنها ما لا يقل عن 450 علبة راحة. كل 100 كيلو سكر تحتاج إلى 20 كيلو نشاء، وحمض الليمون له كمية معينة، والمرحلة الثانية تأتي بعد الغلي وهي العجن مدتها ساعة ونصف حتى يتماسك الخليط ويضاف إلى العجينة قبل نهايتها العطرة والمسكة تصب في السدور الخاصة تترك حتى تبرد ثم تمدد وتقطع ويضاف إليها المكسرات وبعدها توضع في علب للبيع».
لاحظنا أن العمل يتم بأدوات ذات معدن معين لماذا؟ وهل الطريقة اليدوية في العمل هي الوحيدة؟.
** «الغلي والعجن بمعاجن نحاسية ذلك أنه معدن يتحمل درجات حرارة عالية والصب والتبريد يكون في سدور خاصة (مزيبقة)، وذلك ضروري أيضا لأنها قوية التحمل لدرجة الحرارة، وأيضاً تمنع التصاق عجينة الراحة بقاع السدر رغم أنها لزجة أما سبب التصنيع اليدوي؛ فلأنها الطريقة الأنجح والأجدى والأولى لكل من يريد تصنيع الراحة بذات الجودة.
وفي الحقيقة كأصحاب مصلحة بحثنا عن سبل وآليات حديثة في بعض الدول الأجنبية مثل "تركيا" المعروف عنها أيضاً أنها تصنع مادة "الراحة" ولكن بطريقة يدوية وهذه الطريقة ضرورية جداً للتقطيع».
** «لقد أسهمت من خلال التجارة الداخلية والخارجية فهي كثيرة الاستهلاك والطلب عليها كثير ولا سيما في الأعياد والمناسبات السعيدة، وتصديرها جارٍ بكميات كبيرة مما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني بشكل عام».
** «إن كل عمل ومصلحة لابد أن تواجهها الصعوبات، صعوبتنا تتمثل بعدم الالتزام والثبات في الوزن من قبل البعض من المصنعين وبالتالي السعر وعدم الدقة في كمية المركب مما يؤثر على الجودة وبالتالي يؤثر على السمعة والشهرة التي تتمتع بها المحافظة في التصنيع، فالكثير ممن اتجه حالياً للتصنيع والعمل بالمصلحة لا يلتزم بالدقة والكمية، البعض يضع ثلاثمئة غرام بسعر يقابل السعر الذي نضعه للاربعمئة غرام مع مواصفات أقل جودة، إذاً نحن نتمنى على الجهات المعنية تشديد الرقابة على السعر والوزن وعلى المواصفات».
موقع eDaraa أراد التعرف إلى الناحية الصحية للراحة فالتقى الدكتور "حسن مسالمة" الذي ذكر القول: «إن الراحة ذات قيمة غذائية جيدة إذ يدخل في تركيبها مكونات من أحضان الطبيعة وأهمها السكر من نبات قصب السكر والنشاء مصدره القمح وحمض الليمون إضافة إلى الملونات الطبيعية وهي غنية بالحريرات التي تعوض الجسم عما يفقده من الطاقة وخاصة في بيئتنا ومجتمعنا الزراعي وهي جيدة للرياضيين وكبار السن ولكن أستطيع القول لمرضى السكري أنه بالإمكان أخذ الراحة ولكن بكمية محدودة يعني لا يتجاوز المكعب يومياً وأنا بصراحة من عشاق الراحة هذه الحلوى الشعبية الخفيفة».