حس المسؤولية والقدرة على تحمل المهام والشخصية القيادية كان الهدف الأساسي، أما الفئة المستهدفة فكانت اليافعين من /16-17/ من العمر، أما الأنشطة التي تم القيام بها فكانت من تأليف وإعداد هؤلاء اليافعين على مدار فترة استمرت لمدة ثلاثة أشهر تقريبا ابتدأت مع بداية شهر "شباط" واستمرت حتى من نهاية شهر"نيسان" الحالي من العام /2009/.
في سياق الرغبة بتعليم اليافعين تحمل المسؤولية وتنمية التفكير الإبداعي لهم، أقام كل من "مجموعة سان ميشيل الكشفية" لليافعات الشابات و"شامبانيال الفرير" لليافعين الشباب مشروعا مشتركا بينهما كانت الغاية الأساسية منه كما يعبر عنها كل من السادة "ماهر طرابيشي" و"رشا سبع" المسؤولين في هذين المجموعتين بالقول:
ارتكبنا بعض الأخطاء التي لا بد منها إلا أنها كانت صغيرة، كان تحد وكان مشروعا ضخما وكنا نعرف أن المشروع ليس سهلا ولكن كانت النتائج مميزة
«يعتبر الهدف من هذا المشروع هو اكتساب حس المسؤولية والتفكير المشترك ما بين الشباب و الفتيات على اعتبار أنه في العادة يكون تفكير كل طرف في هذا العمر بعيدا عن الآخر، صحيح أن أعمارهم صغيرة وهي ما بين السادسة عشرة والسابعة عشرة من العمر، إلا أنه يجب عليهم في الوقت ذاته أن يتعلموا حس المسؤولية. من هذا الفكرة، انطلقنا بالمشروع حيث طلبنا منهم التفكير بأي مشروع يحلمون بتنفيذه مع تقديم الدعم والتسهيلات المناسبة لإنجاح هذه المشاريع».
أما عملية التنفيذ فشملت تقسيم هؤلاء اليافعين إلى مجموعات يقول عنها كل من "ماهر" و"رشا":
«قمنا بتقسيمهم إلى خمس فرق كل واحدة منها قامت بمشروع من هذه المجموعات؛ على سبيل المثال منها قامت بعمل شيء عن "كسر الروتين"، وأخرى قامت بمشروع عن "الإنسانية" مثل الحديث مع أبناء المساجين أو "منظمة الهلال الأحمر السوري"، أو "جمعية الصم والبكم" حيث كان الهدف يتمثل في كيفية التعامل مع هذه الفئة من الناس. هناك أيضا من ذهب إلى المناطق الشعبية مثل "تل الزرازير" و"الحيدرية" حيث ذهبوا وصوروا وعملوا تقارير صحفية وأيضا قاموا بسؤال الناس عن حاجاتهم وفي النهاية إجراء مقارنة ذهنية على الأقل بين وضعهم المعيشي مع أوضاع هؤلاء الناس. هناك مجموعة أخرى قامت بعمل فيلم من تأليف وإخراج ومونتاج قاموا فيها بمقابلة المخرج "المثنى صبح" أثناء تواجده في مدينة "حلب" لتصوير أحد المسلسلات، فتعلموا منه كيفية عمل فيلم وتقطيع المشاهد فيه ووسائل تقنية قاموا بعدها في النهاية بتصوير فيلم باستخدام هذه المهارات التي اكتسبوها، الفئة الأخيرة قامت بالتخطيط إلى رحلة إلى قلعة "نجم" حيث الهدف كان كيفية تنظيم رحلة مع تحمل المسؤولية».
اخترنا الفئة الأصعب...
استمر هذا المشروع الطموح فترة أشهر ثلاثة كما ذكرنا؛ إلا أن الأهم من هذه الفترة هي التجربة التي عاشها هؤلاء اليافعين والخبرات التي اكتسبوها والأوضاع التي عاشوها، قمنا في البداية بلقاء الشابين "سام أزرق"، و"ساندي عدس" الذي كان مشروعهم عن "الإنسانية" والذين قالا عن التجربة التي قاموا بها:
«اخترنا الفئة التي هي من الصعب الاحتكاك معها في الظروف العادية مثل أبناء المساجين، والذين زرناهم وقمنا بعمل برنامج ترفيهي كامل لهم شمل ألعابا وهدايا وفقرات منوعة وذلك من الصباح وحتى المساء. ذهبنا أيضا إلى السيدة "جمانة قسيس" المختصة بالتعامل مع المتوحدين وتقويم النطق لدى الأطفال حيث قامت هي بتعليمنا كيفية التعامل مع الأطفال إذا كانت لديهم المشاكل التي ذكرناها في البداية والمسؤولة هي عن معالجتها. كما تحدثنا أيضا مع "منظمة الهلال الأحمر" واطلعنا على نشاطاته وما يقدمه للناس من خدمات ومساعدة، علاوة على كل ما سبق، ذهبنا إلى جمعية "الصم والبكم" لكي نتواجد معهم حيث لعبنا ومرحنا معهم مع قرارنا بالذهاب إليهم قريبا لعمل برنامج العاب ومسابقات لهم على مدار يوم كامل، وقررنا أيضا تعلم لغة الإشارة من خلال معرفة بعض الكلمات البسيطة للتواصل معهم بشكل أفضل».
هذا البرنامج الحافل الذي قاموا به أدى إلى اكتسابهم العديد من الخبرات التي يلخصوها بالقول:
«تعلمنا الكثير، منه على سبيل المثال الفرق ما بين العمل الخيري والإنساني وكيف أن العمل الإنساني هو أعلى مرتبة من العمل الخيري ويضم تحته العمل الخيري نفسه، تعلمنا أيضا كيفية التعامل مع فئات لم نكن نعرف كيف نتعامل معها من قبل، بالنسبة لنا كشباب، فقد تباينت لدينا ردات الفعل إنما أكثر ما سبب لنا الصدمة فكانت رؤية أبناء المساجين والذين ليسوا مجرمين بل هم أبناء مساجين ليس لديهم من يرعاهم مما جعلهم يبقون في مركز خاص حتى خروج ذويهم من السجن».
مشروع كبير...
ما مدى صعوبة تنظيم مشروع أو حدث؟ ما هي العقبات التي يمكن أن تواجهها فيأثناء ذلك؟ يجيب عن هذا السؤال كل من "رنا ملوح" و"ميشو سبع" الذين كانوا قد اختاروا القيام بتنظيم مشروع كبير والذي يقولان عنه:
«اخترنا هذا النشاط لنتعلم كيفية تنظيم مشروع كبير، أردنا القيام بعمل ترفيهي متمثلا في القيام بتنظيم رحلة مع الابتعاد عن النمطية والتقليدية في عملية تنظيم الرحلات، قمنا في البداية بالبحث عن جهة ترعى هذا النشاط، ومن ثم قررنا البحث عن المواصفات الأنسب لنا من ناحية السعر والنوعية. حاولنا التخطيط لإجراء عدد من الألعاب مثل أوراق اللعب أو طاولة الزهر والكرات لجعل النزهة، وجعلنا برنامج الرحلة مفتوحا بناء على ما رأيناه محققا لنجاح الرحلة. كان هناك أيضا شطرنج وعزف جيتار وكان النشاط بالإجمال نشاطا مميزا بعيدا عن الروتين».
ويضيفان بأنهما تعلما الكثير إلا أن في الوقت ذاته:
«ارتكبنا بعض الأخطاء التي لا بد منها إلا أنها كانت صغيرة، كان تحد وكان مشروعا ضخما وكنا نعرف أن المشروع ليس سهلا ولكن كانت النتائج مميزة».
إلى الآخر!..
بعيدا عن المناطق التي يعيشون فيها، قرروا الذهاب إلى مناطق مختلفة وأناس مختلفين عنهم وأنماط معيشة مختلفة، كان الهدف من النشاط الذي قامت به هذا المجموعة "التعرف على الآخر" والذي يقول عنه كل من "باسل فتال" و"لورد أرتان":
«أردنا الابتعاد عن المحيط التقليدي الذي نحن فيه وقررنا الذهاب إلى مناطق ذات نمط حياة مختلف عنا، بدأت الفكرة من الأساس بسيدة قامت بجعلنا نرى صورا عن هذه المناطق، فقررنا أن نذهب ونرى المنطقة على أرض الواقع، ذهبنا إلى تلك المناطق وقمنا بعمل تغطية صحفية لها».
وقد اختارت هذه المجموعة منطقتي "تل الزرازير" و"الحيدرية" لكي يطلعوا على وضع الناس بها؛ وكانت النتيجة كما يقول عنها هذين الشابين:
«كانت منطقة "تل الزرازير" التي قررنا زيارتها فقيرة للغاية والشعب معدم، وصادف في الوقت ذاته أن تلا يوم زيارتنا يوما ماطرا فكانت المنطقة كلها بالتالي مليئة ببرك من المياه الموحلة والتي تفاجأنا نحن بوجود أطفال يسبحون في إحداها بوجود أمهم بجانبهم تراقب! أما منطقة "الحيدرية" فكان الوضع أفضل قليلا إنما التلوث كان فيها كبير، هذه الزيارات جعلتنا نقوم بالمقارنة ما بين نمط معيشتنا ونمط معيشتهم ونرى الاختلاف الكبيرة بيننا والنعمة التي نحن بها».
هذا الاختلاف ما بينهم وبين سكان تلك المناطق أدى إلى حدوث عدد من المواقف والتي كان بعضها أقرب إلى المفارقات "الطريقة" منها مثلا:
«عندما ذهبنا للمرة الأولى كنا لا نصدق ما نرى حيث كنا نرى الناس في الوقت نفسه متأقلمين تماما مع الوسط ويرون أن هذه المعيشية طبيعية. أما أطرف ما حصل معنا فهو استغرابهم الشديد من كون الفتيات قد وصلن إلى سن /17/ ولم يتزوجن بعد الأمر الذي يعتبر شيئا غريبا بالنسبة لهم! أما أكثر ما أثار إعجابنا فهو الكرم الكبير الذي لديهم حيث برغم وضعهم المادي الضعيف، فقد استقبلونا واستضافونا وكانوا مضيافين لنا؛ أما نحن مثلا في مجتمعاتنا فلا نفتح الباب لغريب أبدا! كانت فكرة المشروع في البداية هي مساعدة هؤلاء الناس، إلا أننا اكتشفنا أن الموضوع مستحيل فاكتفينا بالاطلاع على نمط معيشتهم».
كسر الروتين...
الروتين مرض الحياة القاتل! هو مرض مزمن إن لم يعالج تحول إلى مرض قاتل يفتك بمن يصاب به إنما بطريقة غير مباشرة وذلك على خلاف الامراض الأخرى، لأجل ذلك، اختصت هذه المجموعة بمحاولة ابتكار طرق للتغلب على الروتين وكسره. يحدثنا كل من "رائد رومانوس" و"روزي صوصانية" واللذان كانا مسؤولا هذه المجموعة من الأطفال عن الأشياء التي قامت بها مجموعة اليافعين ويقولان:
«كانت الفكرة هي تغيير نمط الحياة و كسر الروتين حيث قام فيها الشباب والشابات بخلق مكتبة مع وضع كل الأشياء المسلية والتي تشجع على الدراسة مثل الجو الهادئ المتمثل في الموسيقى الهادئة وعازف على آلة الجيتار مع جلسة عربية وأخرى وراء طاولات. من الفعاليات التي قاموا بها أيضا لكسر الروتين، قام الشباب بعمل يوم يدعى "يوم الكازينو" قاموا فيه بوضع كل ألعاب الكازينو في محاولة لإثبات سوء مبدأ عمل الكازينوهات من خلال وضع بطاقات خيالية على أنها أموال وكان كل شخص يلعب بها فيربح أو يخسر حيث الفكرة هي خطأ الربح السريع أو الخسارة السريعة. وكان النشاط الآخر الذي قاموا به يتمثل في عرض فيلم رعب مع كافة أمور الديكور والتفاصيل التي توحي بالرعب والمستوحاة من فكرة الفيلم نفسه».
وعن الفائدة التي حققها إجراء مثل هذا العمل يقولان:
«أدى هذا النشاط إلى اكتساب الشباب خبرة ومسؤولية من خلال العملية التي كان يتم فيها تنفيذ هذا النشاط. من جهتنا نحن كمشرفين عليهم، كان تعاملنا معهم أخويا ومن باب الصداقة. صحيح أنهم كانوا يعملون لوحدهم، إلا أنه في اللاوعي لديهم كان هناك نوع من الاعتماد علينا، إلا أنهم في الوقت ذاته تعلموا الكثير».
نادي سينمائي لم ينجح...
كانت البداية مع نادي سينمائي، فتحولت في النهاية إلى فيلم سينمائي! تقول الشابة "عبير طوبجي" المسؤولة عن هذه الفرقة عن المشروع الخاص بهذا الفرقة:
«كانت الفكرة العامة الأساسية هي تأسيس نادي سينمائي، إلا أن الفكرة لم تنجح كون التوقيت لم يكن مناسبا لمعظم الفتيان والفتيان كونه يتعارض مع مواعيد دروسهم أو الهوايات التي يقومون بها الأمر الذي جعلهم يغيرون الفكرة لتتحول إلى صنع فيلم مع سؤال مخرجين وكتاب حول الكيفية التي يتم فيها عمل السيناريو والموسيقى التصويرية، لكن في النهاية تم الاستقرار على القيام بتصوير فيلم».
ربما كانت هذه الفكرة سهلة من ناحية التفكير بها، إلا أنها قطعا لم تكن سهلة من ناحية التنفيذ، عن هذا تقول عبير:
«بدأت الفكرة في البداية بالتطرق إلى حياة الشخص وكيف يركض وكانت لغة الفيلم الأساسية هي الانكليزية مع وجود ترجمة باللغة العربية، بعد ذلك، بدأت عملية التصوير ومن ثم ترتيب الأفكار وعمليات المونتاج والصوت والموسيقى. كانت الفكرة هي عبارة عن حياة شخص واحد وممثل واحد لكل الفيلم حيث لم تكن الفكرة عن التمثيل بل عن التشاركية والعمل الجماعي حيث ملامح الشخص نفسها ليست واضحة بقدر ما كانت الفكرة عما يقوم به الشخص في حياته».
خمسة مشاريع لخمس فرق كانت متنوعة الاتجاهات والطرق والوسائل إلا أنها كلها في النهاية صبت ضمن مصب واحد والذي هو تعليم هؤلاء الأطفال حس المسؤولية وتقديم تجربة غنية لهم الأمر الذي سوف يظل هؤلاء الأطفال يذكرونه لفترة طويلة.